فريضة «حب الوطن»
آخر تحديث GMT05:21:44
 العراق اليوم -

فريضة «حب الوطن»

 العراق اليوم -

 العراق اليوم - فريضة «حب الوطن»

عمار علي حسن

كنت جالسا على المقهى حين جاءنى الأستاذ «جمال سيد»، المدرس، إخصائى مكتبة مدرسة «آمون الخاصة للغات» بالزمالك، وقال بصوت خفيض: «معى قصيدة شعر من تأليفى ألقتها تلميذة بالصف السادس الابتدائى بمدرستنا اسمها بسمة أحمد لطفى، وفازت بالمركز الأول على مستوى محافظة القاهرة فى إلقاء الشعر، خلال مسابقة نظمتها وزارة التربية والتعليم، حيث أبهرت الحاضرين بحضورها وإحساسها الذى يسبق عمرها، وعبرت عن حبها وانتمائها لمصر الغالية بمنتهى الصدق». هززت رأسى منصتا إليه، وقلت له: سأنشرها فى عمودى تحية لك ولتلميذتك. وفى اليوم التالى جاءنى بالقصيدة، وها هى: «لن تسقط أبدا يا وطنى رغم الأحزان/ رغم الأحقاد/ رغم الأوغاد/ وستبقى أميرا للأوطان/ وستبقى دوما يا علمى/ تختال على أعلى القمم/ تزهو بثلاثة ألوان/ لون أسمر كالنيل/ كطمى الغيطان/ لون أحمر رمز الثورة عالطغيان/ لون أبيض قلب ينبض فى الوجدان/ لن تسقط أبدا يا وطنى رغم الأحزان/ لن تركع يوما يا وطنى إلا فى صلاة/ لن تخضع فى ظل المحن إلا لله/ بالعزة تحيا قنديلا فى كل زمان، لن تسقط أبدا يا وطنى رغم الأحزان/ مصر تناديكم أحبابى/ مدوا أيديكم وخذونى/ ما أصعب أن ألقى عذابى/ من كبدى من نور عيونى/ مصر أتنفس من عشقك/ وغرامك يسكن أوردتى/ نبضات القلب هى نبضك/ وحروفك تغزل أنسجتى/ شريانك يسقى شريانى/ لن تسقط أبدا يا وطنى رغم الأحزان». قرأت القصيدة واستعدت ذكريات تملأ رأسى أحيانا عن صفوفنا المنتظمة وهاماتنا المرفوعة، ونحن نطلق فى فراغ الهواء البارد دفء نشيد «بلادى.. بلادى» فى طابور الصباح، بينما يقف ناظر مدرسة قرية الإسماعيلية مركز المنيا محافظة المنيا، الأستاذ «بهاء محمد» شامخا كنخلة نبيلة، على شفتيه صرامة، وفى عينيه ألق، ونكاد رغم صياحنا نسمع نبض قلبه المرتجف. كنا فى الصف الأول الابتدائى، وفى ثانى يوم دراسى لنا اندلعت حرب أكتوبر فمكثنا فى البيوت مدة، وعدنا لنجد الأستاذ بهاء يقف فى الطابور، ومعه ورقة تحوى مقطوعة قصيرة قام هو بتأليفها، رغم أنه ليس بشاعر، وطلب منا أن نرددها خلفه قبيل تحية العلم، وكانت تقول: «أيها العلم المصرى/ دمت خفاقا على أرضنا الخضراء/ رفعك جنودنا فى سيناء/ وضحى من أجلك رجال أوفياء/ فلك التحية ومنا الفداء/ حيوا معى هذا العلم/ تحيا جمهورية مصر العربية.. ويكرر التحية ثلاث مرات». إنه حب الوطن الذى يجرى فى عروق الناس ولا يبحثون لهذا عن سبب، بعضهم يخون فيفقد هذه المشاعر النبيلة، حين يعتبر هذه الأرض مجرد سكن وليست وطنا، بفعل أفكار خاطئة تعشش فى رأسه أو من أجل حفنة من مال، وبعضهم يتململ أحيانا، لكن حين تأتى الشدة ينسى تململه ويذود عن بلده بكل غبطة وامتنان، وبعضهم يردد مع الشاعر: «بلاد ألفناها على كل حال/ وقد يؤلف الشىء الذى ليس بالحسن/ وتستعذب الأرض التى لا ماء فيها ولا هواء/ لكنها وطن»، لكن الأغلبية الكاسحة تؤمن بأن الأرض التى دبت عليها، وأكلت من زرعها، وشربت من مائها، وتعلمت من تاريخها وحضارتها العريقة، وعاشرت ناسها، وعشقت فيها نصفها الآخر، فتاة كانت أو فتى، وصنعت فى ركابها كل الذكريات أو أغلبها أو أيامها الحلوة، جديرة بأن تحب بذاتها ولذاتها، لكن لا ضير أن نعمق هذا الحب بشعور الناس بالعدل، وتحقيق الكفاية، والشراكة فى صناعة المستقبل، ونيل الحقوق، فلا ظلم ولا قهر، وأداء كل الواجبات من دون إبطاء ولا تقصير.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فريضة «حب الوطن» فريضة «حب الوطن»



أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq