معاناة العاملات في تونس لتحصيل لقمة العيش وحقوق مهدورة
آخر تحديث GMT05:21:44
 العراق اليوم -

معاناة العاملات في تونس لتحصيل "لقمة العيش" وحقوق مهدورة

 العراق اليوم -

 العراق اليوم - معاناة العاملات في تونس لتحصيل "لقمة العيش" وحقوق مهدورة

عاملات المنازل
بغداد ـ العراق اليوم

بعيدًا عن حقوق المرأة ومكاسب النساء في بلد هو الأول في المنطقة العربية، من حيث صلابة القوانين المدافعة عنهن، تكابد العاملات في المنازل أو ما يطلق عليهن في تونس "المعينات المنزليات" وفي معظم الأحيان "الخديمة" لتحصيل لقمة عيش بالكاد تسد حاجياتهن وحاجة أبنائهن، حيث تعاني عاملات المنازل في تونس من غياب أي شروط دنيا تضمن حقوقهن المادية وحتى المعنوية.

"أقطن في منطقة ريفية بمعتمدية منزل تميم التابعة لمحافظة نابل (شمال شرق تونس)، طلقني زوجي تاركا لي أربعة أطفال يزاول جميعهم تعليمهم بين المدارس الابتدائية والثانوية، وفي معظم الأحيان لا أحصل على النفقة لذلك أضطر إلى العمل كمعينة منزلية، حتى لا ينتهي المطاف بأبنائي خارج أبواب المدارس"، بهذه الكلمات تحدثت فاطمة كما أطلقنا عليها (43 عاما).

تقول المرأة الأربعينية إن العمل كـ "خادمة" لم يكن خيارا بالنسبة إليها، فهي لا تتقن عملا آخر يساعدها على مجابهة ظروف حياتها الصعبة، بالنظر إلى عدم اتقانها القراءة أو الكتابة، وبالنظر أيضا إلى قلة موارد الرزق في منطقتها الريفية، حيث لا عمل للنساء سوى في الحقول أو مصانع الخياطة أو بيوت الأثرياء، مضيفة أنها قبلت على نفسها هذا العمل لتضمن لأبنائها مستقبلا مغايرا لحياتها التي تصفها بالتعيسة.

حقوق مبتورة

وتروي فاطمة لـ"سبوتنيك" أنه بالرغم من طول أوقات العمل، فإن أجرها اليومي لا يتعدى العشرة دنانير (ما يعادل 3,56 دولارا أمريكيا)، تنفق منها ثمن تنقلها إلى مكان عملها في معتمدية قليبية المجاورة لمنطقتها، مضيفة أن عملها داخل البيوت غالبا ما ينطلق من الساعة السادسة صباحا لينتهي إلى حدود الساعة السابعة أو الثامنة مساء.

 وتمضي محدثتنا كامل هذا الوقت في الأعمال المنزلية بين إعداد الأكل لأفراد أصحاب المنزل إلى الكنس وتنظيف الأرضية وغسل الأواني والثياب والاعتناء بالأطفال وغيرها من الأعمال المضنية، التي يكون بعضها خارجا عن إطار واجباتها".

تذكر فاطمة أن أرباب العمل يطلبون منها أحيانا تنظيف السيارة أو الذهاب لقضاء حاجياتهم الخاصة في أماكن بعيدة عن مكان العمل، فهذا العمل المضني الذي تزاوله فاطمة منذ ما يزيد عن 15 عاما تسبب لها بأمراض جسدية، مثل السكري وآلام الظهر فضلا عن اكتشاف إصابتها مؤخرا بقرح في المعدة، لكنها لا تقوى على الانقطاع عنه بالرغم من أنه لا يوفر لها أدنى حقوقها الطبيعية، فهي تعمل دون عقد شغلي ودون احترام لساعات العمل القانونية ودون ضمانات صحية أو اجتماعية تعيلها عند التقاعد.

وتقول فاطمة إنها تتعرض أحيانا إلى الإهانات من طرف أرباب عملها وأحيانا من قبل أطفالهم كنعتها بـ "البونيشة" (الخادمة) أو اتهامها بالتكاسل أو الصراخ عليها، لكنها ترفض الاعتراض أو البوح بانزعاجها من هذه الممارسات خشية طردها وبقائها دون عمل.

دون عقود عمل

فاطمة ليست الوحيدة التي تعاني من وضعية مهنية هشة، إذ أن 3 معينات فقط من بين 102 معينة منزلية يتمتعن بعقود عمل رسمية تضمن لهن التغطية الاجتماعية والصحية، كما تبين ذلك دراسة أعدتها جمعية النساء الديمقراطيات بالتعاون مع الاتحاد العام التونسي للشغل وجمعية النساء التونسيات حول ظروف عمل المعينات المنزليات في تونس الكبرى.

وكشفت الدراسة أن 61% من عاملات المنازل في تونس لا تمتلكن أية وثيقة تضمن لهن حق العلاج، بينما تتمتع الأخريات بدفاتر علاج مجانية أو بتعريفة منخفضة نظرا لارتباطهن بأزواجهن في المنظومة العلاجية التونسية.

وفي هذا الصدد أكدت منسقة لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية صلب الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات رجاء الدهماني في حديثها لـ "سبوتنيك"، أن مشقة العمل داخل المنازل خلفت لمعظم المعينات أمراضا مختلفة، تتوزع بين 57 حالة تعاني من أمراض المفاصل والعمود الفقري، تليها أمراض الحساسية والأمراض الجلدية بـ 42 حالة، ثم دوالين الساقيْن بـ 31 حالة.

وبينت الدهماني أن الدراسة التي شملت 102 عاملة في محافظات تونس الكبرى  أثبتت أن التشغيل في المنازل يشمل مختلف الفئات العمرية من 8 سنوات إلى 70 سنة، مؤكدة أن 35% من بين هؤلاء لا تجدن القراءة أو الكتابة بسبب انقطاعهن المبكر عن الدراسة، فيما تبلغ نسبة العاملات ممن يمتلكن تحصيلا علميا في مرحلة التعليم الابتدائي 31%، مقابل 30% في العليم الثانوي و4% في التعليم الجامعي.

عنف معنوي ومادي

وأكدت الدهماني أن معظم العاملات المنزليات اللاتي شملتهن الدراسة تعرضن إلى أحد أشكال العنف، موضحة أن الإهانة اللفظية من أكثر أنواع العنف المنتشرة في قطاع التشغيل المنزلي بما نسبته 86%.

وبينت أن 50% من المستجوبات تعرضن للسب والشتم، و39% اتهمن بالسرقة، و36% تم التشكيك في أخلاقهن أما العنف الجسدي فتراوح بين سلوكيات الدفع بـ 31% والضرب بـ 16%.

وانتقدت الدهماني انتشار ظاهرة تشغيل القاصرات كمعينات منزليات، وأفادت أن الفقر والخصاصة يدفع بعض الأسر إلى إرسال أبنائهم إلى مناطق بعيدة ليعملن في البيوت في ظروف قاسية رغم أن التشريعات التونسية تمنع تشغيل القاصرات.

ونبهت من وجود شبكات تتاجر بالفتيات وتتقاضى أجرا على تشغيلهم في البيوت، مؤكدة تسجيل حالات للاتجار بالفتيات اللاتي يتم جلبهن من أفريقيا جنوب الصحراء للعمل في المنازل في ظروف خارجة عن القانون.

تحسين المنظومة القانونية

من جانبها اعتبرت ممثلة الاتحاد العام التونسي للشغل زبيدة النقيب في حديثها لـ "سبوتنيك"، أن الوضعية التي تعيشها عاملات المنازل تستوجب التسريع في المصادقة على الاتفاقية عدد 189 المتعلقة بالعمل اللائق للعمال المنزليين، وكذلك المصادقة على الاتفاقية عدد 190 المتعلقة بحماية العمال بشكل عام من التحرش ومن الأعمال الخطرة أو المهينة.

وأكدت النقابية أن المصادقة على هذه الاتفاقيات سيمكّن العاملات المنزليات من ضمان حقوقهن في العمل بعقود شغل واضحة مع كل ما يستتبعها من امتيازات مهنية، كتحديد عدد ساعات العمل اليومية والأسبوعية، وساعات العمل الإضافية، والراحة الأسبوعية والسنوية، والأجر الأدنى، فضلا عن ضمان التغطية الاجتماعية بما فيها التغطية الصحية وأجور التقاعد.

وأضافت، أنه من الضروري اليوم الملائمة بين التشريعات الدولية والتشريعات الوطنية المتمثلة أساسا في مجلة الشغل، منتقدة وجود فصلين فقط في هذه المجلة يتعلقان بالعمل المنزلي يعود أحدثهما إلى العام 1965.

كما انتقدت المتحدثة غياب أي هيكل نقابي يدافع عن حقوق العاملات المنزليات، مؤكدة في هذا الصدد سعي الاتحاد العام التونسي للشغل إلى تكوين نقابة خاصة بالعاملين المنزليين تنضوي تحت القانون الأساسي والنظام الداخلي للاتحاد، تتولى مراقبة التجاوزات في هذا القطاع، فضلا عن تسوية وضعية العاملات من المهاجرات من أفريقيا جنوب الصحراء ممن يقع استغلال وضعياتهن الغير قانونية في تونس.

ونبهت النقيب إلى ضرورة وجود إطار قانوني يحمي الفتيات القاصرات اللاتي يعملن في هذا المجال، إلى جانب البحث في الأسباب التي تدفع بعض الأولياء إلى إجبار بناتهم على مغادرة الدراسة والعمل كمعينات منزليات، مؤكدة تسجيل حالات اتجار بالفتيات خاصة في المناطق الريفية.

وتبين الاحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، أن عدد العاملات المنزليات في تونس يبلغ 40 ألف عاملة، في حين تؤكد المنظمات النسائية الحقوقية أن عددهم الحقيقي يتجاوز ذلك بكثير بالنظر إلى كونهن لا يعملن في القطاع المنظم.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :

مصادر تكشف أسباب تأخُّر إرسال العاملات المنزليات الإثيوبيات

فتاة مصرية تُدافع عن حقوق المرأة وتُحارب التحرُّش بـ"الكمامات"

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معاناة العاملات في تونس لتحصيل لقمة العيش وحقوق مهدورة معاناة العاملات في تونس لتحصيل لقمة العيش وحقوق مهدورة



GMT 18:42 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

مكسيكية تطعن زوجها بعد اكتشاف صورة له معها وهي شابة

GMT 12:22 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

القبض على نساء متهمات بـ"تسليب" السيارات في البصرة

GMT 09:35 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على صاحبة الرداء الأصفر خلال تنصيب بايدن

GMT 08:25 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تصرفات تدفع المرأة إلى كراهية الرجل تعرف عليه

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 01:01 2018 السبت ,28 تموز / يوليو

رباب يوسف تؤكد أن الطبيعة تجذب السياحية

GMT 21:04 2017 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

سداسي براعم الشباب ينضمون لمعسكرين إعداديين

GMT 14:05 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

إتيكيت حجز الفنادق ومراعاة كافة شروط السكن فيها

GMT 10:13 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتماد إنشاء أكاديميتين للعربية والإنجليزية في نجران

GMT 04:55 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

طريقة عمل مكياج مكتمل ومثالي بدون "كريم أساس"

GMT 23:49 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

تسريب أول صورة لـ"لكزس ES 2019" الجديدة كليا
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq