رحّبت «حركة المجتمع الديمقراطي» التي تعد المظلة السياسية لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، العماد العسكري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من التحالف الدولي، وحزب «الاتحاد السوري»، بعودة اللاجئين السوريين إلى مناطق الإدارة الذاتية الخاضعة لنفوذها؛ كنتيجة لاتفاق إنشاء «المنطقة الأمنية» بين أنقرة وواشنطن، فيما حذر «المجلس الوطني» الكردي من تداعيات القرار، خشية تغيير ديمغرافية المنطقة، على غرار مدينة عفرين الكردية بريف حلب الشمالي بعد سيطرة الجيش التركي وفصائل مسلحة موالية وإسكان مهجّرين من مدن وبلدات سورية أُجبروا على تركها.
وقال القيادي الكردي الدار خليل عضو الهيئة التنفيذية لـ«حركة المجتمع الديمقراطي» ومهندس الإدارة الذاتية التي تدير معظم شمال وشرق سوريا، لـ«الشرق الأوسط»، «لا مشكلة لدينا لو عاد السوريون الموجودون في تركيا إلى مناطق الإدارة الذاتية، فهم بالأساس من الشعب السوري ولهم الحق في العيش هنا»، منوهًا إلى أن الرئيس التركي يستثمر قضية هؤلاء اللاجئين كواجهة إنسانية للتدخل في الشأن السوري ويستخدمهم وقوداً لسياساته التي يريد منها تحصيل مكاسب كبرى، بزيادة رقعة المناطق الجغرافية التي تحتلها قواته في سورية».
ونصّت التفاهمات بين أنقرة وواشنطن بداية الشهر الجاري على إقامة ترتيبات عسكرية بطول (70 - 80 كيلومتراً) بين مدينتي رأس العين وتل أبيض في محاذاة الحدود السورية - التركية وبعمق 5 و14 كلم، إلى جانب تسيير دوريات أميركية – عسكرية، وهذه الترتيبات عسكرية بحتة لا تتضمن أي إطار له علاقة بالحكم المحلي، وتشمل إبعاد السلاح الثقيل بمسافة 20 كلم من حدود تركيا في هذه المنطقة، وتسيير طائرات استطلاع من دون طيار للتحقق وتبادل المعلومات.
وبينما حذّر السياسي الكردي إبراهيم برو عضو لجنة العلاقات الخارجية في «المجلس الوطني الكردي» المعارض، من مجيء اللاجئين السوريين إلى «المنطقة الأمنية» المزمع إنشاؤها، قال في حديثه إن «الحرب لم تتوقف وعليه فإن عودتهم (إلى مواقعهم الأصلية) صعبة، لذا نحن متخوفون من أن تُقدم تركيا على توطين أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري في تلك المنطقة».
وأكد أن واشنطن اتفقت مع أنقرة على عدم إجبار أي سوري على العودة بالقوة مع السماح لسكان المنطقة بالعودة إليها، وتابع: «يوجد عدد كبير من الكرد والعرب في تركيا وعليه ستكون أمراً إيجابياً عودة أهالي الرقة ودير الزور والحسكة إلى مناطقهم، ولكن من غير المقبول جلب أهالي مناطق أخرى بالقوة إلى هذه المنطقة».
وكانت «قوات سورية الديمقراطية» قد أوقفت عمليات تجهيز الخنادق والتحصينات العسكرية في ريفها الغربي المحاذي للشريط الحدودي مع تركيا، وهي مدينة رأس العين أو «سري كانيه» حسب تسميتها الكردية وتتبع محافظة الحسكة الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا. وسادت حالة من الترقب «المشوب بالحذر» في المناطق المتاخمة للحدود مع تركيا، بعد تسيير التحالف الدولي دوريات أميركية على طول الشريط الحدودي وتحليق طائرات الأباتشي الأميركية على علوّ منخفض، وشاهد السكان عربات وجنوداً أميركيين يجولون المنطقة في جولات تفقدية في إطار تطبيق تفاهمات «المنطقة الأمنية».
وقال عبد الحاج (47 سنة) المتحدر من قرية عدوانية الواقعة على بُعد 35 كيلومتراً شمالي مدينة رأس العين: «خلال اليومين الماضيين كان بالإمكان سماع هدير الطائرات وتحليقها في سماء المنطقة، وقامت دورية أميركية بردم وإزالة السواتر الترابية لقوات (قسد)، والمنطقة تشهد هدوءاً نسبياً».
وذكرت سعاد (28 سنة) المدرّسة في بلدة المبروكة التابعة لرأس العين، في مكالمة هاتفية عبر تطبيق «واتساب»، أن «الحياة تبدو شبه طبيعية، ولا يوجد نزوح للسكان على الرغم من حالة الخوف والهلع التي أصابتنا طوال الأشهر الماضية بعد تصاعد التهديدات التركية».
وتشمل المنطقة الأمنية المتفق عليها، بلدات المبروكة وتل حلاف وعالية والعزيزية وتل خنزير التابعة لمدينة رأس العين بريف الحسكة الشمالي، كما تشمل بلدة السلوك ومدينة تل أبيض وتتبع ريف محافظة الرقة شمال سوريا. وشهدت هذه المنطقة الحدودية توتراً متصاعداً بعد تهديد أنقرة بشن عملية عسكرية، وحسب سكان المنطقة لوحظ غياب مقاتلي «الوحدات» الكردية و«قوات سوريا الديمقراطية».
وعقد مسؤول عسكري أميركي بداية الأسبوع الجاري اجتماعات مع المجلس العسكري في مدينتي رأس العين وتل أبيض، وحسب مصادر مطلعة فإنّ «الخطة الأمنية» تقضي بتقسيم المنطقة إلى ثلاثة قطاعات على أنْ تدار من قبل الهياكل المحلية الموجودة فيها ومجالسها العسكرية. وبدء تسيير الدوريات العسكرية المشتركة بين القوات الأميركية والتركية في مسافة طولها 88 كيلومتراً وعرضها يتراوح بين 5 و14 كيلومتراً.
قد يهمك ايضا:
مساعدات أوروبية جديدة للنازحين السوريين في لبنان و«التيار الوطني» يعتبرها تشجيعًا على بقائهم
إقبال متزايد من قبل الطلاب السوريين على تعلم اللغة الروسية في السنوات الأخيرة
أرسل تعليقك