نفت الحكومة الإيرانية بشكل قاطع فرضية تقول إن طائرة "بوينغ" الأوكرانية التي تحطمت فور إقلاعها من مطار طهران ربما أسقطت بصاروخ إيراني.وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، إن التقارير بشأن إسقاط الطائرة الأوكرانية بصاروخ إيراني عارية عن الصحة، واصفا إياها بأنها "حرب نفسية". وتابع أن طهران شكلت لجنة لبحث ملابسات سقوط الطائرة الأوكرانية بمشاركة الدول المعنية، مؤكدا أن الحكومة الإيرانية تحث شركة "بوينغ" الأمريكية على إرسال ممثل عنها للانضمام إلى التحقيق في سقوط الطائرة الأوكرانية.
وأضاف، في تعليقه علة تسريبات من مسؤولين أمريكيين: "ندعو واشنطن إلى النظر في نتائج التحقيقات بدلا من الافتراء وممارسة حرب نفسية"، مؤكدا أن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أمر بالإعلان عن نتائج التحقيقات الفنية بشكل منتظم وسريع. فيما أكدت روسيا أن العملية الأمريكية لاغتيال قائد "فيلق القدس" للحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، تمثل استخداما غير قانوني للقوة، متهمة الجانب الأمريكي بالسعي إلى تبرير فعلته.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في بيان أصدرته الخميس لتوضيح رفض موسكو المسودة الأمريكية لبيان مجلس الأمن الدولي حول الهجوم على سفارة بغداد في واشنطن: "يدعو الاتحاد الروسي بشكل ثابت وممنهج إلى حماية مبدأ صيانة البعثات الدبلوماسية وأمنها. وهذه المرة أيضا كنا على استعداد للعمل على المشروع الأمريكي". وأضافت زاخاروفا أن الولايات المتحدة، وبعد ساعات معدودة من توزيعها مسودة البيان في مجلس الأمن، شنت "ضربة على المطار المدني في بغداد مما أسفر عن مقتل عدة أشخاص بينهم... سليماني"، وتابعت: "اتهمت واشنطن، اتباعا لنهجها المعادي لإيران، طهران دون تقديم أي أدلة بالهجوم على السفارة الأمريكية في بغداد، واغتالت قائدا إيرانيا في عملية خارج إطار القضاء".
وأوضحت: "على خلفية ذلك تحولت مساعي الأمريكيين لتمرير مشروعهم لبيان مجلس الأمن للأمم المتحدة خلال الأيام اللاحقة إلى البحث عن تبرير لاستخدامهم العنف خارج القانون". وشددت المتحدثة باسم الخارجية الروسية على أن "تبني البيان المعروض في مجلس الأمن كان سيصبح في هذه الحالة إظهارا لتجاهل استخدام القوة انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة ومبدأ احترام كل البلدان سيادة ووحدة أراضي الدول الأخرى". كما أكدت مصادر بريطانية لصحيفة "غارديان" أنها خلصت إلى أن إيران تعمدت تقليص الأضرار الناجمة عن هجماتها الصاروخية على قاعدتين تتمركز فيهما القوات الأمريكية بالعراق.
ونقلت الصحيفة عن مصادر بريطانية ترجيحها أن سبب عدم سقوط أي خسائر بشرية في قوات التحالف الدولي جراء الهجمات الإيرانية، أمس الأربعاء، يعود إلى أن الجمهورية الإسلامية اختارت أن "تخطئ عمدا". وأوضحت المصادر أن تلك الهجمات كانت بمثابة "استعراض، وكان بإمكان طهران، التي يعتقد أن دقة صواريخها تصل إلى 50 مترا، إلحاق ضرر أكبر بكثير لو كانت ترغب في ذلك".
وذكر مصدر في وزارة الدفاع البريطانية للصحيفة أن إنذارا مبكرا من قبل إيران أتاح لقوات التحالف الدولي اتخاذ إجراءات لتفادي سقوط خسائر في صفوفها، مضيفا أن وقتا كافيا أعطي لعسكريي التحالف للذهاب إلى الملجأ. وتتوافق استنتاجات المصادر البريطانية بهذا الشأن مع ما أوردته صحيفة "واشنطن بوست" نقلا عن مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة الأمريكية. وعلى خلفية التصعيد الأخير بين الولايات المتحدة وإيران، أعرب وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، عن معارضة أنقرة لتحويل العراق إلى ساحة صراع بين القوى الأجنبية.
وذكر تشاووش أوغلو، أثناء مؤتمر صحفي مشترك عقده اليوم الخميس في بغداد مع نظيره العراقي، محمد علي الحكيم: "العراق ليس وحيدا، وسنعمل معه من أجل تجاوز هذه الأيام العصيبة". وأبدى وزير الخارجية التركي تصميم بلاده على الإسهام في إرساء الاستقرار في العراق، معربا عن احترام أنقرة لسيادة هذه الدولة واستقرارها. من جانبه، أعلن وزير الخارجية العراقي أنه بحث مع نظيره التركي العلاقات الثنائية بين الدولتين ودعم تركيا للعراق كي يكون "عامل استقرار في المنطقة" وأهمية إبعاده عن سياسة التجاذبات والمحاور، بالإضافة إلى المواضيع الإقليمية والدولية الأخرى ذات الاهتمام المشترك.
وأكد الحكيم أن العراق يرفض ويدين الهجمات الأمريكية والإيرانية المتبادلة على أراضيه، باعتبارها خرقا فاضحا لسيادته والقانون الدولي، محذرا من أن أي تصعيد في المنطقة سيؤدي إلى تقوية الإرهاب. واتفق الطرفان، حسب الحكيم، على أهمية العمل على التخفيف من حدة التوتر بين واشنطن وطهران وتجنيب المنطقة خطر أي حرب مدمرة ستنعكس تداعياتها على العالم كله. وذكر وزير الخارجية العراقي أن بغداد أبلغت الحكومة التركية بموقفها الثابت والمتمثل باحترام سيادة الدولة، لافتا إلى أن الجانبين اتفقا على ضرورة معالجة الأزمات بالطرق السلمية.
كما أشار الحكيم إلى التعاون بين الدولتين في مجال مكافحة الإرهاب "لدحر الإرهابيين ومنعهم من إعادة تجميع فلولهم في العراق وسوريا". وجاء اللقاء غداة شن إيران ضربات صاروخية على قاعدتين تتمركز فيهما القوات الأمريكية في العراق، ردا على اغتيال الولايات المتحدة قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بغارة استهدفت موكبه على طريق مطار بغداد، فجر الجمعة الماضي.
فيما اتفق الرئيسان الإيراني حسن روحاني والأوكراني فلاديمير زيلينسكي، على إجراء تحقيق دقيق وسريع في ملابسات كارثة تحطم طائرة "بوينغ" الأوكرانية في إيران. وجاء في بيان نشر على موقع الرئيس الإيراني عقب مكالمة هاتفية بين روحاني وزيلينسكي، اليوم الخميس، أن الرئيس الأوكراني قدم الشكر لروحاني على جهود فرق الإنقاذ والخبراء الإيرانيين، مشيرا إلى ضرورة تعاون الخبراء من البلدين. وكتب زيلينسكي في تغريدة على "تويتر" أنه "ممتن لإيران على استعدادها للتعاون ومنح الخبراء الأوكرانيين إمكانية الاطلاع على كافة المعلومات".
من جهته، أكد بيان لمكتب زيلينسكي أن الجانب الأوكراني بدأ العمل وانضم إلى التحقيق. وأعرب زيلينسكي عن أمله في مساعدة إيران في إجراء "تحقيق شفاف وشامل وموضوعي لمعرفة ملابسات الحادثة المأساوية بأسرع ما يمكن". وحسب البيان الأوكراني، فقد أكدت طهران استعدادها للتعاون في إجراء التحقيق. وقدم زيلينسكي التعازي لروحاني بمصرع مواطنين إيرانيين في الكارثة. يذكر أن 176 شخصا لقوا مصرعهم جراء تحطم طائرة "بوينغ" تابعة للخطوط الجوية الأوكرانية بعد إقلاعها من مطار الإمام الخميني الدولي بطهران، يوم الأربعاء 8 يناير الجاري.
ويشار إلى أن تحطم الطائرة حدث بعد ساعات من القصف الإيراني على قاعدتين عسكريتين تحتضنان قوات أمريكية في العراق، ولا تزال أسباب تحطم الطائرة مجهولة. ومن جانبه، كشف مسؤول عسكري أمريكي أن البنتاغون يدرس حاليا تعديلات محتملة لمواقعه الدفاعية في الشرق الأوسط بعد شن إيران ضربات صاروخية على أهداف أمريكية في العراق. وقال المسؤول، في حديث لوكالة "رويترز"، مساء الخميس، شريطة عدم الكشف عن هويته، أن الولايات المتحدة توقعت أن إيران ستشن على الأرجح عمليات انتقامية لقتل قائد "فيلق القدس" للحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، في دول أخرى وليس في العراق.
وذكر المصدر أن الجيش الأمريكي يعمل حاليا على دراسة إجراء تعديلات محتملة في تمركزه "الدفاعي" بالمنطقة بعد أن أظهرت إيران استعدادها لمهاجمة قوات الولايات المتحدة في العراق. ونفذ الحرس الثوري الإيراني، ليلة الأربعاء، هجوما صاروخيا واسعا استهدف القوات الأمريكية في قاعدتي عين الأسد في الأنبار وحرير في أربيل بالعراق، ردا على العملية التي نفذتها الولايات المتحدة، يوم 3 يناير الجاري، قرب مطار بغداد وأسفرت عن مقتل قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ونائب قائد "الحشد الشعبي" العراقي، أبو مهدي المهندس، ومرافقيهما.
وقال الحرس الثوري الإيراني إن الهجوم الصاروخي أدى إلى مقتل 80 جنديا أمريكيا، بينما نفت الولايات المتحدة وجود قتلى بين قواتها، حيث أوضح البنتاغون أن إيران أطلقت 16 صاروخا من 3 مواقع، لكن نظام الإنذار المبكر أتاح تفادي سقوط ضحايا. وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، الأربعاء، عن "انتهاء أيام التسامح" مع تصرفات إيران "المضرة"، واعدا بفرض عقوبات قوية جديدة على الجمهورية الإسلامية بعد هجومها الصاروخي، لكنه شدد مع ذلك على أن الولايات المتحدة لا تريد استخدام قوتها العسكرية، مشيرا إلى أن بلاده مستعدة للتوصل إلى السلام مع كل من يرغب في ذلك.
وكانت طائرة "بوينغ 737" التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية تحطمت، يوم الأربعاء، فور إقلاعها من مطار طهران باتجاه العاصمة الأوكرانية كييف. وأعلن وزير الخارجية الأوكراني، فاديم بريستايكو، أن الكارثة أودت بحياة 176 شخصا، وهم مواطنون من أفغانستان وبريطانيا وإيران وكندا وأوكرانيا وألمانيا والسويد.
واليوم الخميس، أعرب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن اعتقاده بأن سبب كارثة الطائرة الأوكرانية لم يكن عطلا فنيا. فيما تحدثت مجلة "نيوزويك" ووسائل إعلام أخرى، نقلا عن مصادر تعتمد على معلومات أولية تأتي من البنتاغون والاستخبارات الأمريكية، عن إمكانية أن الطائرة أسقطت بصاروخ إيراني مضاد للجو تم إطلاقه عن طريق الخطأ، وهي إمكانية تحدث عنها، على المستوى الرسمي، رئيسا وزراء كندا وبريطانيا.
قد يهمك أيضًا:
الحكومة الإيرانية تؤكد نيتها تطبيق المرحلة الرابعة من تقليص التزاماتها النووية
إيران تدعو واشنطن للمشاركة في التحقيق بكارثة الطائرة الأوكرانية
أرسل تعليقك