بغداد ـ نهال قباني
تعاني المناطق الغربية من محافظة نينوى شمالي العراق، ولاسيما قضاء البعاج قرب الحدود مع سورية، من تصاعد غير مسبوق لهجمات تنظيم "داعش" الإرهابي، وهو ما يعيد إلى الأذهان الوضع قبل 10 يونيو/حزيران 2014، عندما احتل "داعش" مدينة الموصل، مركز نينوى، ثم ثلث مساحة العراق، انطلاقًا من صحراء نينوى، فقبل ذلك التاريخ، اتخذ "داعش" من مناطق الجزيرة بمحافظتي نينوى والأنبار مقرات لعناصره، وافتتح فيها معسكرات عديدة، وهاجم منها القوات والمدن العراقية؛ ما أسفر لاحقًا عن سيطرته على الموصل والأنبار وصلاح الدين.
اقرا ايضا
القوات العراقية تُدمِّر أوكارًا ومضافات لتنظيم "داعش"
وغالبية سكان قضاء البعاج (170 كم جنوب غرب الموصل) هم من العرب السُنة، ويحده من الشمال جبل سنجار، ومن الشرق قضاء الحضر، ومن الغرب الحدود السورية، ومن الجنوب مناطق الجزيرة الممتدة إلى الأنبار وصلاح الدين، حيث شهد البعاج، أكبر قضاء عراقي من حيث المساحة، مؤخرًا هجمات متعاقبة لمسلحي "داعش" استهدفت قرى عديدة.
وشن التنظيم، أواخر يونيو/ حزيران، هجومين على قرية الخزرجية؛ ما أسقط أربعة قتلى، بينهم ثلاث نساء، إضافة إلى خمسة جرحى، من سكان القرية المنتمين إلى عشيرة شمر العربية، وتخالف هجمات "داعش" إعلان وزارة الدفاع العراقية المتكرر أن قواتها تسيطر على الأوضاع في مناطق الجزيرة والبادية والشريط الحدودي مع سوريا.
وفي ظل مخاوف متصاعدة من عودة "داعش"، الذي أعلنت بغداد الانتصار عليه أواخر 2017، أطلقت الحكومة العراقية عملية عسكرية، الأحد؛ لتطهير مناطق تقع بين محافظات شمال وغربي العراق حتى الحدود مع سوريا.
ملاذ آمن في الصحراء
ووصف عضو مجلس محافظة نينوى عن قضاء البعاج، خلف الحديدي، وصف ما يحدث في القضاء بأنه تناوب على مسك الأرض بين القوات الأمنية و"داعش". بحسب الاناضول، مشبهًا الفترة الراهنة بالفترة التي سبقت احتلال "داعش" لمدن عراقية، من حيث تحركات التنظيم، وتنامي قدراته.
وتابع: "هناك تصاعد واضح في هجمات داعش كما في الفترة التي سبقت سيطرة التنظيم على الموصل".
وأوضح أن "الإرهابيين يتواجدون في المناطق الصحراوية، وهي بمثابة الملاذ الآمن لهم حاليًا".
وأردف: "مسلحو داعش يفرضون سيطرتهم على قضاء البعاج في الليل، بينما تسيطر القوات الأمنية عليه في النهار"، مشددًا على ضرورة "تدارك هذا الخطر الحقيقي، الذي يهدد مناطق غربي نينوى، ويمكن أن ينتقل إلى الموصل".
أمن العراق في خطر
وحذر النائب عن نينوى، أحمد مدلول الجربا، وهو ينحدر من قضاء البعاج، من تنامي خطر "داعش" في مناطق غرب الموصل، مؤكدًا أن "داعش يهدد بشكل كبير مناطق غربي نينوى، وخاصة مناطق جنوب البعاج باتجاه الحدود السورية، وجنوب ناحية تل عبطة وقضاء الحضر".
وعزا تدهور الوضع الأمني إلى عدم كفاية القوات الأمنية الدائمة في تلك المناطق، وعدم عودة النازحين من أهالي تلك القرى والمناطق، منذ أن نزحوا عنها خلال عمليات استعادة القضاء من "داعش"، في يونيو/ حزيران 2017، محذرًا من أن أمن الموصل والعراق عامة في خطر، إذا لم تعالج الحكومة الاتحادية بشكل دائم نقاط الخلل في الملف الأمني بمناطق غربي نينوى.
وبالأساس، تنتشر في قضاء البعاج ألوية من الجيش تابعة للفرقة عشرين، التي تسلمت الملف الأمني في القضاء، بعد انسحاب قوات الحشد الشعبي منها، قبل ثلاثة أشهر، كما تنتشر مجموعات صغيرة من الحشود العشائرية السُنية، وهي لا تمتلك تسليحًا ولا تجهيزًا ثقيلًا، على عكس فصائل الحشد الشعبي (شيعية).
دعم الحشود العشائرية
المخاوف ذاتها أكدها النائب عن نينوى، عبد الرحيم الشمري، واتهم السلطات الاتحادية بإهمال مناطق الجزيرة (المناطق الغربية) في نينوى لفترة طويلة، موضحًا أن ذلك الإهمال أدى إلى زيادة نفوذ "داعش"، وخاصة في عمق الجزيرة الممتدة بين محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار، وصولًا إلى الحدود السورية.
وشدد على أن المناطق الحدودية بين العراق وسوريا خالية من قوات حرس الحدود العراقية، وقوات الجيش المنتشرة هناك بشكل دائم غير قادرة على ضبط الأمن لوحدها، ورأى أن "الحل الوحيد لتأمين الشريط الحدودي ومناطق الجزيرة هو من خلال دعم الحشود العشائرية، التي ينتمي مقاتلوها لتلك المناطق والقرى".
وتحت عنوان "عودة داعش الثانية: تقييم تمرد داعش المقبل"، حذر تقرير أعده معهد دراسات الحرب (ISW)، وهو مؤسسة أبحاث غير حكومية مقرها واشنطن، قبل أيام، من أن التنظيم يستعد للعودة، وعلى نحو أشد خطورة، رغم خسارته للأراضي التي أعلن عليها إقامة ما تُسمى "دولة الخلافة" في الجارتين سوريا والعراق.
عملية "إرادة النصر"
لمعالجة الوضع الراهن، أعلنت وزارة الدفاع العراقية انطلاق عملية "إرادة النصر"، صباح الأحد؛ لتطهير مناطق تقع بين محافظات شمال وغربي العراق، وصولاً إلى الحدود مع سوريا.
وأفادت قيادة العمليات المشتركة (تابعة للوزارة)، في بيان، ببدء عمليات واسعة لتطهير المناطق المحصورة بين صلاح الدين ونينوى والأنبار إلى الحدود العراقية-السورية"، موضحة أن قطعات كبيرة من كل من الجيش والحشد الشعبي، تشارك في العملية، وكذلك الحشد العشائري، مؤكدة أن العملية تستمر عدة أيام، وتتم بدعم جوي من طيران الجيش والتحالف الدولي لمحاربة "داعش"، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.
قد يهمك ايضا
"أمن" الأنبار يؤكد أن "إرادة النصر" تستعد للقضاء على "داعش" بشكل نهائي
فريق عراقي يُحرِّر إيزيديات مُختطفات مِن قبضة "داعش" في مُخيّم الهول
أرسل تعليقك