يسيطر ضجر «مزدوج» هذه الأيام على قطاعات واسعة من العراقيين المعزولين في منازلهم خوفاً من جائحة «كورونا» وما تمثله من مخاطر صحية جدية، بعدما وجدوا أنفسهم رهن «المماطلة» التي تبديها قوى وأحزاب في ملف اختيار خلف لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي.
عملياً؛ كسبت قوى السلطة التي أفرزتها انتخابات مايو (أيار) 2018، نحو 5 أشهر إضافية للبقاء في الحكم؛ إذ قدّم عبد المهدي استقالته من رئاسة الوزراء نتيجة الضغوط والمظاهرات الشعبية التي اجتاحت البلاد مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وما زال الرجل يحكم في ظل أزمة دستورية.
ولا يرى القاضي والخبير الدستوري رحيم العكيلي أي أساس دستوري لحكومة عبد المهدي. ويقول العكيلي إن «حكومة تصريف الأعمال اليومية هي الحكومة التي تُقال كلها وتكون مدتها لا تزيد على 30 يوماً، حسب المادة (61) من الدستور، ولقد اجتهد بعضهم ورأى أن الحكومة المستقيلة، بناءً على طلبها، مثل حكومة عبد المهدي، تقاس على حكم الحكومة المقالة التي مدتها 30 يوماً فقط». وأضاف: «ماذا بعد الثلاثين يوماً، هل تظل حكومة تصريف أعمال يومية؟ دستورياً انتهت مدة حكومة تصريف الأعمال اليومية المستقيلة، بمرور 30 يوماً من تاريخ استقالة عبد المهدي».
وعدّ العكيلي «أننا أمام حكومة لم ينص عليها الدستور ولا اسم لها فيه أو في القانون. لعل أفضل اسم لها هو (حكومة التربّص)، لأنها حكومة بانتظار الحكومة البديلة، إذا ما اعتبرنا أن أحد معاني (التربّص) في اللغة هو (الانتظار). أو (حكومة الأقنعة الزائفة)؛ لأنها ليست بمسؤوليات ولا صلاحيات».
وبعيداً عن الجدل الدستوري الذي تغيب تفاصيله عن غالبية العراقيين؛ يسود شعور شعبي بأن قوى السلطة تحاول إطالة أمد بقاء عبد المهدي، بوصفه الشخص الأمثل للحفاظ على مكاسبها. ويعزز هذا الانطباع ما يحدث منذ أشهر من مناورات في ملف تشكيل الحكومة وعمليات التكليف والفشل فيه، ما يبدو محاولة لحرق المكلفين واحداً تلو الآخر على أمل بقاء رئيس الوزراء المستقيل حتى مطلع عام 2022؛ موعد إجراء الانتخابات البرلمانية.
ورغم تباين المواقف من مختلف المرشحين في الشارع العراقي، فإن كثيرين يرون أن تشكيل حكومة جديدة سيضع البلاد على سكة العمل السياسي الطبيعي، وقد يسهل إجراء الانتخابات المبكرة التي كانت على رأس مطالب المتظاهرين.
وفي مطلع فبراير (شباط) الماضي، كلّف رئيس الجمهورية برهم صالح السياسي محمد توفيق علاوي تشكيل الحكومة، وبعد أكثر من شهر باءت محاولات علاوي بالفشل وقدم اعتذاره.
وفي 19 مارس (آذار) الماضي، دخلت البلاد في دوامة تكليف جديدة، بطلها النائب عدنان الزرفي. لكن قبل نحو أسبوع من طرح وزارته على البرلمان، أحجمت غالبية القوى السياسية عن تأييده. وينتظر تكليف رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي الذي حظي بتأييد كردي وسني، أمس، بعد توافق غير معلن بين القوى الشيعية على تكليفه.
ويرى رئيس «مركز التفكير السياسي» الدكتور إحسان الشمري أن «الفشل في اختيار رئيس وزراء جديد، يعكس بمعنى من المعاني أزمة البيت السياسي الشيعي وانعدام الثقة بين مكوناته... هذا البيت مسؤول عن رئاسة الوزراء، وسبق أن أخفق في اختيار عبد المهدي الذي تراجعت البلاد في عهده».
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «محاولة قوى السلطة الإبقاء على عبد المهدي في سدة الحكم، مرتبطة بالتأثير الإيراني الذي يرى أن عبد المهدي خير من يحافظ على مصالحه في العراق... ولا ننسى أيضاً أن لعبة المصالح القائمة بين القوى الشيعية والكردية والسنية هي ربما أحد أهم أسباب الفشل في اختيار رئيس وزراء جديد».
من جهة أخرى، ارتفعت الوفيات بفيروس «كورونا» في العراق، أمس، إلى 69 حالة، وفقاً لحصيلة أعلنتها وزارة الصحة والبيئة العراقية. وسجلت الوزارة 80 إصابة؛ 24 منها في محافظة النجف، ليرتفع عدد الإصابات في عموم العراق إلى 1202.
وكانت «اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية» أعلنت، مساء أول من أمس، تمديد حظر التجول الوقائي لمواجهة الفيروس إلى 18 أبريل (نيسان) الحالي. وقررت بعد اجتماع برئاسة عبد المهدي، «تقديم الدعم المالي للعوائل المتضررة من حظر التجول، وتسهيل عودة العراقيين العالقين (في الخارج) وتوفير أماكن للحجر الصحي».
قد يهمك ايضا
عادل عبد المهدي يعلن تمديد حظر التجوال في العراق حتى الـ18 من نيسان الجاري
شعلان الكريم يوجّه رسالة شديدة اللهجة إلى البيت الشيعي
أرسل تعليقك