تجدّدت التظاهرات السبت الماضي في ساحة التحرير وبقية مراكز المدن الرئيسة العراقية الأخرى مثل البصرة وكربلاء، بعد ورود أنباء عن استعداد الرئيس برهم صالح للإعلان رسميًا عن تكليف الوزير السابق وعضو البرلمان حاليا محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة المقبلة .
وكان قبل ذلك بيوم قد اعلن السوداني عن استقالته من عضوية حزب الدعوة الاسلامي الذي يترأسه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
لا يمكن للسوداني وماضيه السياسي والمناصب العدة التي تقلدها ان يحظى بمقبولية المتظاهرين الذين يريدون كبح نفوذ ايران في البلد، ففي 11 كانون الاو/ ديسمبر اصدر المحتجون بيانا أدرجوا فيه مواصفات رئيس الوزراء الجديد، مشيرين الى انه يجب ان لا يكون مرتبطا باي حزب وكذلك يجب ان لايكون قد شغل اي منصب وزاري او برلماني منذ العام 2003 وان يكون عراقي الجنسية ولا يحمل اي جنسية اخرى وان لايتجاوز عمره 55 عاما وان يتعهد ان لا يشارك في الانتخابات القادمة .
في يوم الاحد 15 كانون الاول شارك طلاب من الجامعة التكنولوجية جنوبي بغداد في مسيرة من مقر الجامعة الى ساحة التحرير ليعبروا عن رفضهم مع المتظاهرين الآخرين لاي مرشح من احزاب حاكمة لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة .
احتجاجات العراق التي بدأت في 1 تشرين الاول كانت تدعو في بادئ الامر الى اصلاحات اجتماعية ومحاربة للفساد والبطالة وتحسين خدمات اساسية خصوصا الكهرباء ثم توسعت المطالب لأبعد من ذلك وشملت تغييرا جذريا للنظام السياسي والدعوة لانتخابات مبكرة. واتسمت الاحتجاجات بالعنف والدموية من خلال مواجهات يومية بين محتجين سلميين وقوات امنية تستخدم الرصاص الحي وقذائف الغاز المسيل للدموع. وتشير الاحصائيات الى مقتل اكثر من 440 متظاهرا منذ مطلع تشرين الاول . مجلس الامن التابع للامم المتحدة اعلن الجمعة الماضية ان اعضاءه يدعمون الجهود الرامية لاجراء حوار شامل بين الحكومة والشعب لادخال اصلاحات عاجلة تهدف الى معالجة مطالب شرعية متعلقة بتوفير فرص عمل وتشريع قانون انتخابات جديد وتحسين نظام الحكم. وفي بيان صحفي لرئيس الدورة الحالية لمجلس الامن وهي سفيرة الولايات المتحدة للامم المتحدة كيلي كرافت، جاء فيه ان اعضاء المجلس يطالبون السلطات العراقية بالتوجه فورا لاجراء تحقيقات شفافة في حوادث العنف التي وقعت ضد المتظاهرين .
بدوره قال المختص في القانون الدولي علي التميمي: “هذا الإجراء من مجلس يعد ضمن الإجراءات التدرجية، فهو عادة ما يبدأ بإجراءات التنبيه والإخطار بضرورة معالجة وضع معين، فإذا ما التزمت الدول بذلك فإن الموضوع ينتهي، فهذه الإجراءات التي يتخذها المجلس تبنى على تقارير منظمات دولية أو مبعوثين أمميين، فقد سبق وأن قدمت اليونامي تقارير إلى مجلس الأمن عن طريق ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق بلاسخارت، والتي استضافها المجلس”.
وتابع التميمي، “في حالة لم ينفذ العراق مطالبات المجلس، ولم يقم بالكشف عن المتورطين بعمليات قتل وخطف المتظاهرين، أو من قام بحرق جثة أحد الأشخاص في ساحة الوثبة وسط العاصمة بغداد، أو من قام بالهجمات على وسائل الإعلام، عند ذلك سينتقل المجلس إلى مرحلة أخرى وهي مرحلة التحقيق في الجرائم، وربما ينتقل بعد ذلك إلى اتخاذ إجراءات كقطع العلاقات أو حظر استيراد الأسلحة، وصولا إلى العقوبات العسكرية وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بالفصل السابع، واستخدام القوة العسكرية بحقه، في حال ما إذا استمرت انتهاكات حقوق الإنسان فيه”.
وأضاف التميمي، “أن طلب مجلس الأمن يتزامن والقرار الذي اتخذته الولايات المتحدة عبر مشروع قانون تم رفعه إلى وزارة الخارجية، لوضع تسعة أشخاص ومؤسسات عراقية لها علاقة بالميليشيات المسلحة تحت طائلة القانون الأمريكي، وهذا يختلف عن عقوبات الخزانة الأمريكية التي تتضمن عقوبات مالية وحظر الدخول إلى الولايات المتحدة، وإنما القانون الأمريكي له صبغة دولية، حيث يجعل تلك الشخصيات مطلوبة على مستوى دولي، ويصل إلى تشكيل قوات دولية لتعقبها وإلقاء القبض عليها أو إحالة ملفها إلى المحكمة الجنائية الدولية”.
في هذه الاثناء وجهت واشنطن اصابع الاتهام لطهران ازاء سلسلة هجمات صاروخية استهدفت قواعد تضم قوات اميركية، وحذرت من ان ادارة الرئيس ترامب قد ترد بقوة في حال تعرض اي عنصر من عناصر القوات الاميركية او قوات التحالف الاخرى المتواجدة للقتل او التعرض لجروح .
وجاء التحذير على لسان وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو، الذي قال ان مجاميع مسلحة مقربة من ايران نفذت مؤخرا عدة هجمات ضد قواعد تتواجد فيها قوات عراقية برفقة قوات اميركية وقوات من دول متحالفة اخرى .
وقال بومبيو ان اية هجمات من قبل ايران او من ينوب عنها تؤدي الى الحاق الاذى بجنود اميركان او من حلفائنا او تلحق الضرر بمصالحنا فسيكون الرد حاسم من قبل الولايات المتحدة. وقال ان على ايران ان تحترم سيادة جيرانها وان توقف امداد اطراف ثالثة في العراق والمنطقة بدعم ومساعدات مميتة .
الصراع الايراني الاميركي يلقي بظلاله على الوضع في العراق منذ فترة طويلة حيث يسعى كل طرف الى بسط نفوذه في البلد اكثر من الآخر من خلال التأثير باختيار من يدير الحكم، ولهذا فان خلاف البلدين في حل وضع العراق يصبح اكثر تعقيدا في وقت لايمكن لايران ان تتخلى عن نفوذ لها في البلد مهما كان الثمن في حين تسعى أميركا الى محاباة المتظاهرين لتتمكن من ازاحة أولئك الذين تسميهم وكلاء ايران في السلطة.
قد يهمك ايضا
عادل عبدالمهدي يُؤكّد على رغبته في أن لا تطول مُدة حكومة تسيير الأمور اليومية
قانوني يفجرها ويوضح أن عبدالمهدي يستمر برئاسة الحكومة
أرسل تعليقك