بغداد - العراق اليوم
أثارت الدعوة التي أطلقها مقتدى الصدر، زعيم ميليشيا جيش المهدي العراقية إلى "ترميم البيت الشيعي" وعقد تحالف "عقائدي" جدلا في البلاد، خاصة وأن الصدر انتقد التحالفات الطائفية مرارا خلال السنوات الماضية.ودعا الصدر إلى "ترميم البيت الشيعي"، على خلفية "التعدي الواضح والوقح ضد الله ودينه ورسوله وأوليائه" حسب زعمه، من قبل "ثلة صبيان لاوعي لهم ولا ورع"، في إشارة منه إلى المتظاهرين العراقيين، كما طالب بكتابة ميثاق شرف "عقائدي".
وبحسب ناشطين مؤيدين للمتظاهرين العراقيين فإن دعوة الصدر متأثرة بشكل كبير بـ"الضربات التي تعرضت لها شعبية التيار"، بسبب التظاهرات العراقية ومحاولته قمعها، كما يقول الناشط في المظاهرات، غيث الحسيني.الحسيني قال، في حديث لموقع "الحرة" إن "الصدر خسر كثيرا من أنصاره ومصداقيته، بسبب الطريقة التي تعامل بها مع التظاهرات"، مضيفا أنه "يحاول العودة إلى العباءة الطائفية التي خرج منها، وال1ي أعلن مرارا تخليه عنها".
ويعتقد الحسيني أن الضغط الذي تعرض له الصدر، الذي يروج لإمكانية تشكيله الحكومة الجديدة برئيس وزراء من التيار الصدري، جعله يدرك إن "الانتخابات المقبلة قد لا تكون ذات نتائج سارة له".لكن الصحافي، منتصر الشيخلي، يقول إن "الدعوة لإقامة البيت الشيعي أمر متوقع في ظل الظروف الأخيرة"، مضيفا أنه "في الغالب لن يلبي القياديون الشيعة دعوة الصدر لأنهم لا يثقون بدوافعه أو احترامه للتحالفات".
ورحبت ميليشيا العصائب، التي دأب الصدر على انتقادها ووصفها بـ "الميليشيا الوقحة"، بدعوة مقتدى، وأكدت، على لسان المتحدث باسمها، نعيم العبودي، أن الدعوة "غاية في الأهمية"، وأنها "لا تنطلق من منطلق طائفي" حسب زعمه.
وفيما لم تعلق الكتل السياسية الشيعية بشكل مباشر على دعوة الصدر، قال مقربون من كتلة "عراقيون" التي يقودها، عمار الحكيم، والتي تدعم رئيس الوزراء الحالي، مصطفى الكاظمي، إنهم يريدون "تشكيل تحالف واسع على امتداد الطيف العراقي"، فيما يبدو ردا بالرفض على دعوة الصدر.أما كتلة دولة القانون فقد قالت، على لسان القيادي فيها، حسين المالكي، إن الكتل الشيعية تجتمع بشكل دوري ضمن "اللجنة السباعية" منذ أشهر.
واللجنة السباعية هي اللجنة التي تشكل عنها التحالف الوطني الشيعي الذي فاز بانتخابات 2014.وبحسب سياسيين من ائتلاف دولة القانون فإن اللجنة مكونة من "نوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون، وهادي العامري، زعيم منظمة بدر، وقيس الخزعلي، قائد حركة عصائب أهل الحق، وعبد الحسين الموسوي، عن كتلة الفضيلة، وعمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة، وحيدر العبادي، رئيس كتلة ائتلاف النصر، وممثل عن كتلة سائرون".
ولم يجب خمسة من نواب التيار الصدري وسياسييه، ممن تواصل معهم موقع "الحرة"، على أسئلة بشأن دعوة الصدر وخلفياتها.لكن، وبحسب مصادر من مكتب مقتدى الصدر، فإن زعيم التيار الصدري يريد تحالفا "على أساس المذهب"، كما قال هو نفسه في تغريدة نشرها مؤخرا وذيلها بتوقيع "الإمامي الإثنا عشري" وهو وصف المذهب الشيعي في العراق.
وتقول مصادر لموقع "الحرة" إن الصدر يحاول بناء التحالف مجددا، على أن يكون بقيادته مستفيدا من "دوره بتصحيح التظاهرات"، وفق تعبير المصدر المسؤول.وبحسب الصحفي، منتصر الشيخلي، فإن "الصدر حمى النظام السياسي من السقوط بدوره الكبير في تفتيت التظاهرات، إذ أنه هو السبب في قلة زخمها".
مع هذا، فإن الصدر كرر لمرات كثيرة في السنوات الماضية انتقاداته لمفاهيم التقارب الطائفي، وحظيت مواقفه وقتها بإشادات محلية ودولية اعتبرت أن الصدر يريد تصحيح ما قام به عناصر ميليشيا جيش المهدي من الاشتراك في الحرب الطائفية التي شهدها العراق.ويقول الناشط المدني، زياد العصاد، إن "ثورة تشرين كحركة تصحيحية للمفاهيم التي قامت عليها العملية السياسية منذ 2003 وحتى اليوم، وأعادت الثقة للمواطنين بهويتهم الوطنية المغيّبة والمفقودة خلال سنين التشرذم على يد الإسلام السياسي".
وينتقد العصاد، وهو وجه معروف في تظاهرات محافظة الناصرية العراقية "عزف زعيم التيار الصدري على وتر التخندقات الفئوية والاستقطاب الطائفي عبر تغريدة نشرها، وأكد على ضرورة ترميم البيت الشيعي، كعودة للسياقات القديمة التي رفضتها تشرين وشبّانها".وبحسب العصاد فإن متظاهري تشرين يريدون إطلاق مفهوم "البيت الوطني والأمة العراقية".
لكن العصاد لا ينكر أن الدعوة لترميم "البيت الشيعي" ستضع ضغوطا على المتظاهرين، لأنها "تمثل التقاء للتيارات الإسلامية الراديكالية والتي اشترك بعضها بطريقة أو بأخرى بقمع وقتل المتظاهرين في سوح الاحتجاج".
وأضاف قوله: "لكنها ومن زاوية أخرى تظهر عجز وفشل وإفلاس هذهِ الأحزاب، من خلال العودة لاستقطابات طائفية فئوية للتغطية على الفشل الكبير في قيادة الدولة منذ 2003 وحتى اليومويركز الصدريون بشكل كبير على الانتخابات المقبلة من خلال حملة دعاية مبكرة وحث على التسجيل في الانتخابات.
وتراجعت شعبية الصدر بشكل ملحوظ بعد الاحتجاجات المناهضة للطبقة السياسية الحاكمة في البلاد، والتي انطلقت في أكتوبر 2019، وكان للصدر مواقف متناقضة منها، بل أن كثيرا من المحتجين يتهمونه بالتواطؤ مع القوى الموالية لطهران من أجل وأد الحراك الشعبي.ويشهد العراق منذ أكثر من عام احتجاجات شعبية واسعة مناهضة للفساد ومطالبة بإزالة النخبة السياسية الحاكمة في البلاد، راح ضحيتها مئات الأشخاص.
وقد يهمك أيضا
مقتدى الصدر يؤكّد أنّ التنافس الديمقراطي في الانتخابات لا يعني ضعف التيار
4 قتلى في اشتباكات "الناصرية" مع انصار مقتدي الصدر في العراق
أرسل تعليقك