كان عشرات آلاف من المقاتلين يجوبون الصحراء بحثًا عن فلول "داعش" في شمال كربلاء حين تمكن شاب صغير من قتل 12 عراقيًا في مدخل المدينة خلال دقائق وجلس بعدها بدم بارد في أحد مطاعم المحافظة قبل أن تعتقله قوات الأمن.
وعن تلك الحوادث تثار دوما أسئلة بشأن أهمية عمليات التمشيط الواسعة في الصحراء والمناطق النائية – كالتي انتهت قبل أيام بين كربلاء والأنبار- والتي تشغل على الأقل نحو 50 الف مقاتل، بينما التنظيم المتطرف ما زال قادرًا على شن هجمات داخل المدن.
يوم السبت الماضي، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الاعتداء الذي أدى الى مقتل واصابة نحو 20 شخصا قرب مدينة كربلاء بحسب بعض المنصات الرقمية تابعة للتنظيم.
ووقع الهجوم قرب مدينة كربلاء الجمعة الماضية، حيث تم بتفجير عبوة ناسفة في حافلة صغيرة أثناء مرورها عبر نقطة تفتيش تابعة للجيش، على بعد نحو 10 كيلومترات جنوب كربلاء في اتجاه الحلة.
وعززت قوات الأمن والاستخبارات عقب الهجوم، وجودها حول كربلاء، كما جرى تشديد الإجراءات الأمنية على الطرق المؤدية إلى المحافظة مع إضافة نقاط لتفتيش السيارات.
وكان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قد كشف السبت الماضي، أن قوات الأمن اعتقلت رجلا يشتبه في قيامه بتفجير القنبلة بالحافلة، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وبدوره عبر رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في بيان عن إحباطه من “إخفاقات أجهزة الاستخبارات” المتكررة في منع مثل هذه الهجمات، مطالبا بضرورة مراجعة الخطط الأمنية، وتكثيف عملية جمع المعلومات الاستخباراتية.
ويعد انفجار كربلاء أحد أكبر الهجمات التي استهدفت المدنيين منذ إعلان هزيمة داعش قبل عامين.
وبحسب مصادر (المدى) في كربلاء فان المعتقل هو شاب في بداية العشرينيات، كان قد ترك حقيبة في الباص قبل أن تنفجر بالقرب من حاجز للتفتيش.
واستنادًا لتلك المصادر أن سائق الباص الذي كان قد نجا من الحادث، اكد أن الشاب ركب السيارة اثناء مرورها بتقاطع المسيب- كربلاء وكان يرتدي قميصا احمر وبنطالًا عسكريًا.
وأكد السائق الذي فقد زوجته واطفاله الذين كانوا معه في الباص وقت الانفجار، أن الشاب كان “يحمل حقيبة سوداء وبعد مسافة من مسيرنا باتجاه كربلاء بنحو كليومتر واحد من سيطرة الوند طلب النزول”.
وتقول المصادر المطلعة نقلا عن السائق أن “الركاب طلبوا منه العودة الى مكان نزول الشاب لاعتقادهم بانه قد نسي حقيبته لكن الانفجار كان قد حدث”.
امس قال معن سعد، المتحدث باسم وزارة الداخلية في مؤتمر صحفي عقده في بغداد أن “الجهات الأمنية قامت بنشاط مميز أسفر عن القبض على الخلية التي خططت لعملية التفجير في مدخل كربلاء”، دون اعطاء تفاصيل اخرى.
وقف الهجمات
وجرى الحادث في وقت كانت فيه عمليات ارادة النصر تتواصل في شمال كربلاء متوجهة الى الانبار، بمشاركة عشرات آلاف من المقاتلين في الجيش والشرطة والحشدين الشعبي والعشائري بحثا عما تبقى من تنظيم داعش في الصحراء.
وقال حسين اليساري، وهو نائب عن كربلاء في اتصال مع (المدى) امس أن “ما جرى في المحافظة هو غفلة امنية ويجب تفعيل الجهد الاستخباري لان العدو يطور من اساليبه”، رغم تأكيده وجود “نشاط استخباري جيد قبل الزيارات الدينية لكنه يتراجع في بعض الاحيان”.
واضاف النائب أن عمليات التطهير التي تجري في الصحراء وفي محيط كربلاء “مهمة جدا لانها تشعر داعش والتنظيمات الارهابية بقوة القطعات العسكرية وبانها متنبهة لكل تحركاته”، مبينا أن اكثر الهجمات التي تعرضت لها المحافظة كانت من خارج كربلاء، مثل الهجوم الاخير الذي نفذه شخص من جرف النصر (الصخر سابقا).
ودعا النائب الى استخدام وسائل تكنولوجية متطورة في متابعة المسلحين من استخدام اجهزة تكشف المتفجرات على بعد امتار، وقراءة بصمة العين للسيطرة على الهجمات التي يقول إنها “لن تتوقف لتخريب الاوضاع في كربلاء والعراق”.
الحملة الخامسة
ووصلت مساحة الاراضي التي تم تطهيرها منذ انطلاق المرحلة الاولى لعمليات ارادة النصر في تموز الماضي – وهي اكبر حملة بعد اعلان تحرير البلاد من داعش نهاية 2017- الى نحو 360 الف كيلومتر مربع، بعد اعلان قيادة العمليات اول امس، عن تفتيش اكثر من 32 الف كم مربع في المرحلة الخامسة للعمليات والتي انطلقت الاسبوع الماضي.
وقال يار الله وهو نائب قائد العمليات المشتركة في بيان عسكري مساء السبت، عقب انتهاء الحملة الخامسة، انه تم تفتيش “مناطق جنوب الطريق الدولي والحدود الفاصلة بين قيادة عمليات الفرات الأوسط والانبار ومناطق جرف النصر” وعدد من الوديان.
واوضح القائد العسكري أن الحملة الاخيرة شاركت فيها قيادتي عمليات (الانبار والفرات الاوسط) ونحو 29 تشكيلًا من الجيش والشرطة والحشدين الشعبي والعشائري، فيما قام طيران الجيش بتنفيذ 77 طلعة جوية مسلحة و6 طلعات لطائرات الاستطلاع المسلح التابعة للقوة الجوية العراقية.
واكد يار الله في البيان العسكري انه تم “تدمير نفــــقين و7 أوكار ودراجة ناريـــــــة”، كما قال انه تم العثور على عدد من الاسلحة والمتفجرات والصواريخ واعتقال 3 مطلوبين.
وغالبا ما تنتهي تلك العمليات بارقام متواضعة من اعداد القتلى او المعتقلين ضمن تنظيم “داعش”. ويقول غسان العيثاوي وهو قيادي في المجلس العشائري المناهض لـ”داعش” في الانبار باتصال مع (المدى) أن “المسلحين يتنقلون من مكان الى آخر حين يسمعون بوصول القوات الامنية”.
وكانت العمليات الاربعة السابقة والتي انطلقت من شمال بغداد الى غربها قد اسفرت عن مقتل 15 مسلحا واعتقال 44، بينما تشير التقديرات العراقية والغربية الى وجود بين 1000 الى 3 آلاف مسلح في تلك المناطق.
ويقول العيثاوي وهو قريب من مسرح العمليات العسكرية أن “الحملة الاخيرة مشطت مناطق كانت قد شهدت عمليات سابقة لكن التنظيم يعود اليها في كل مرة”، مبينا أن العملية الاخيرة هي “استباقية ومبنية على معلومات استخبارية ولم يجر فيها مسك ارض”.
وتحتاج صحراء الانبار والتي تقدر مساحتها بنحو 44% من مساحة العراق الاجمالية، الى 3 فرق عسكرية للسيطرة عليها، بحسب مسؤولين.
ويشير القيادي في المجلس العشائري، وهو تجمع يضم عددا من العشائر التي قاتلت التنظيم في الانبار، أن “العملية العسكرية الاخيرة ربطت المدن بالمناطق النائية وصولا الى الحدود السعودية والاردنية في الحملة التي سبقتها (الرابعة)”، مشيرا الى أن تلك المناطق تحتاج الى “عمليات مستمرة لمنع داعش من العودة الى مضافاته مرة اخرى”.
قد يهمك ايضا
القوات العراقية تتعقب عناصر داعش بـ"التراب الأسود"
العراق يتصدَّر لائحة دول بعودة نشاط داعش في النصف الثاني من 2019
أرسل تعليقك