بعد كارثة الانفجار في مرفأ بيروت يوم أمس الثلاثاء، وحجم الدمار الذي أحدثه في محيط المرفأ وفي شوارع العاصمة حيث امتدت الأضرار إلى مسافات واسعة، لا يزال الجيش اللبناني اليوم مستمرا في عملية البحث والمسح في المرفأ عن المفقودين والأضرار.
وحول طبيعة الإنفجار ومخلفاته، أوضح الأمين العام للمركز الوطني للبحوث معين حمزة أن"تحليل كارثة كهذه يتطلب وقتًا طويلًا ولا معلومات دقيقة حتى الآن ولا يجوز تخزين مادة نيترات الأمونيوم في منطقة سكنية وتجارية التي قد تعرّض المنطقة إلى مخاطر عالية"، وأضاف: "لا بدّ من الاستعانة بخبرات خارجية لأن معظم مختبراتنا لا تعمل لتلبية كمية العينات التي ستؤخذ من منطقة الانفجار لتحليلها".
وعن نوعية الهواء أثناء الانفجار وبعده، قال: "كانت سيئة جدا وكان ذلك واضحا عبر حاسة الشم، واليوم يبدو أن الهواء بدأ بالتحسن"، وشدّد على أن "الاستعجال في التحليل اليوم يضرّ وعلى إدارات الدولة أن تقوم بعملها".
من جهة ثانية، قدّر الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة بشكل أولي حجم الخسائر التي لحقت بمرفأ بيروت وقال لجريدة "النهار"، أن "80% من المرفأ تدمر، وإن حصيلة الخسائر المباشرة تشمل المواد الغذائية والقمح المخزن في المرفأ"، وأشار إلى أن "النتائج الأولية المترتبة عن الانفجار ستكون معاناة من أزمة غذائية، ونحن مقبلون على أزمة غذاء إذا لم تتوافر مساعدات".
وأضاف عجاقة أن "الخسائر المباشرة تقدر بما يقارب 100 مليون دولار، فيما ستظهر حصيلة الأضرار غير المباشرة في وقت لاحق. أما المشكلة التي سيواجهها لبنان بعد انقشاع الأضرار، فهي كيفية إعادة العمل بالمرفأ في ظل النقص في العملة الصعبة".
أمّا عن وضع المستشفيات، فقد أعلن نقيب الأطباء شرف أبو شرف في بيان، أن "مستشفيات بيروت امتلأت والكل تأهب للمساعدة، وتبقى العلاجات الطويلة الامد، والكارثة لا توصف. وتمنى وضع خطة طوارئ صحية وايجاد مستشفيات الميدانية".
ووصف التنسيق الذي تم بين المستشفيات ب"الجيد جدا". واشار الى أن "اعداد الجرحى بلغ نحو 4 الاف جريح، والأكثرية الساحقة عادوا إلى منازلهم". ولفت إلى أن "هناك حاجة المعدات الطبية للعمليات، بالإضافة الى الادوية للامراض التي تلفت بسبب الحادث في الكرنتينا كالادوية السرطانية"، وامل في "الحصول عليها من المساعدات التي ستاتي في القريب العاجل".
ووجه رئيس جمعية Donner Sang Compterيورغي تيروز، دعوة عقب انفجار بيروت "لمساعدة الجرحى والتبرع بالدم ليس فقط اليوم وإنما طوال الأسبوع لأننا سنكون بأمس الحاجة له في الأيام المقبلة".
وجاء في مناشدة نشرتها صحيفة "النهار" اللبنانية اليوم: "فاجعة حلت بنا، المستشفيات انهارت أمام عيوننا، المرضى والجرحى أمام أبواب المستشفيات وباحاتها، والدم في كل مكان. قطاعنا الصحي ينزف، غرف العمليات محطمة، الطاقم الطبي يخوض حربا مع عدو كان يعيش بيننا قبل أن ينفجر بنا جميعا ويتسبب بكارثة كبرى... لكل من ليس لديه حالة طبية أو مرض مزمن، لكل من هو قادر ندعوكم اليوم إلى التوّجه إلى أقرب مستشفى أو مركز للتبرع بالدم. بتبرعكم تنقذون حياة الكثيرين، غرف العمليات مكتظة بالحالات الطارئة والحرجة، أي دقيقة تمر قد نخسر بها عزيزا (شقيقا أو أبا أو زوجا أو رفيقا...)".
عل صعيد آخر، حذّرت نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجرة من "احتمال انهيار مبان في بيروت بعد الانفجار الضخم الذي حصل، وبخاصة في الأحياء الشعبية المحيطة بالمكان، ولا سيما في منطقة الأشرفية، حيث المباني قديمة، وهناك المئات منها مهدد بالسقوط أصلا، في ظل غياب كلي لأعمال الصيانة والترميم منذ سنوات عدة، بسبب الإمكانات الضعيفة أو شبه المعدومة لأصحابها".
وأعربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، عن عميق تضامنها مع الشعب اللبناني في محنته التي تفاقمت على إثر الانفجارات بعد ظهيرة اليوم في محيط مرفأ بيروت.
وطالبت المنظمة، بضمان إجراء تحقيق دولي مستقل ومحايد لضمان الوقوف على حقيقة الانفجارات، ومنع التجاذبات المحتملة حول أسبابها وما قد يرتبط بها من تداعيات تفاقم أوضاع البلاد.
وأشارت في بيان لها صباح اليوم، إلى أن هذه الفاجعة الأليمة تأتي في ظل أزمة تتفاقم في البلاد منذ منتصف العام الماضي، وتعصف بالحد الأدنى من حق اللبنانيين في العيش الأمن والكريم، وقادت إلى ثورة شعبية كبرى منذ أكتوبر ٢٠١٩، ولم ترتق الأطراف السياسية اللبنانية لمستوى التحدي والمسؤولية، ولم يجتمعوا سوى للحفاظ على استمرارية المعادلة السياسية الهشة التي تحكم البلاد منذ اتفاق الطائف ١٩٨٩.
وعلى الجانب الآخر، أحدث الانفجار موجة من التعاطف في جميع أنحاء العالم ، وعبّرت الكثير من الدول عن وقوفها بجانب لبنان في أزمته، وأعلن قصر الاليزيه أن "المساعدة التي وعدت فرنسا بإرسالها الى لبنان بعد الانفجار الضخم الذي وقع في بيروت ستنقل اعتبارا من الاربعاء عبر طائرتين عسكريتين تقلان فريقا من الأمن المدني وأطنانا من المعدات الطبية ومركزا صحيا نقالا".
وستقلع الطائرتان من مطار رواسي شارل ديغول في منتصف النهار على أن تصلا بعد الظهر كما أوضح الاليزيه. وستنقلان "فريقا من الأمن المدني (55 شخصا و15 طنا من المعدات) ومركزا صحيا نقالا يشمل ستة أطنان من المعدات ويتيح معالجة 500 جريح".
وذكر مصدر من مديرية الأمن المدني أن العسكريين الـ55 من وحدة الأمن المدني الرقم 1 من نوجان-لو-روترو هم "أخصائيون في عمليات الانقاذ ورفع الركام وينتمون الى وحدة متخصصة في استطلاع المخاطر التكنولوجية".
وأضاف قصر الاليزيه: "عشرة أشخاص من طاقم الطوارىء سيتوجهون في أسرع وقت أيضا الى بيروت لتقديم الدعم لمستشفيات العاصمة اللبنانية بدعم من شركة +سي ام اه-سي جي ام+ للنقل" موضحا أن عناصر فرنسيين ضمن بعثة الامم المتحدة في لبنان قدموا أيضا الدعم مساء الثلاثاء في بيروت.
هذا وقد وصلت طائرة المساعدات الطبية للبنان المقدمة من دولة الكويت الشقيقة، كما صرحت وزارة الطوارئ الروسية عن إرسال 5 طائرات إلى لبنان للمساعدة في إزالة أنقاض الانفجار الذي حصل في مرفأ بيروت يوم أمس الثلثاء، وذلك بحسب وكالة "سبوتنيك"، كما أعلنت الوزراة إرسال متخصصين من هيئة حماية المستهلك الروسية إلى بيروت ومختبرات للكشف عن فيروس "كورونا" وملابس ووسائل للوقاية.
وأعلنت سفارة المملكة المغربية في لبنان في بيان أنه "بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية، برقية إلى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على إثر الإنفجار المفجع الذي حدث في مرفأ بيروت وما خلفه من ضحايا وجرحى وخسائر مادية جسيمة.
وقد تقدم جلالة الملك، عبر هذه الرسالة، إلى فخامة الرئيس ومن خلاله، إلى الأسر المكلومة وإلى الشعب اللبناني الشقيق، بأحر التعازي وصادق المواساة، مؤكدا جلالته، بإسمه وبإسم الشعب المغربي، عن مشاعر تعاطفه وتضامنه مع لبنان في هذا الظرف العصيب، وعن وقوف المملكة المغربية الدائم مع الشعب اللبناني الشقيق، داعيا الله تعالى بأن يحفظ لبنان ويجنبه كل مكروه وأن ينعم عليه بالأمن والطمأنينة والإستقرار".
كما أعلن رئيس دولة فلسطين محمود عباس الحداد وتنكيس الاعلام ليوم واحد تضامنا مع الشعب اللبناني، ووجّه ملك الأردن بتجهيز مستشفى عسكري ميداني لإرساله إلى لبنان، كما أعلن الديوان الملكي الاردني تنكيس العلم المرفوع على الديوان لثلاثة أيام حدادًا على أرواح ضحايا انفجار بيروت.
من جانبها، أعربت سفارة الجمهورية الإسلامية في بيان، عن "بالغ حزنها وأسفها للفاجعة الأليمة التي أصابت لبنان وعاصمته الأبية بيروت والتي أودت بحياة عشرات الشهداء ومئات الجرحى وآلاف البيوت والمؤسسات المدمرة والمتضررة".
أضاف البيان: "إن سفارة الجمهورية الإسلامية في لبنان إذ تتقدم من لبنان حكومة وشعبا بأحر التعازي والمواساة لعوائل الشهداء، وبالشفاء العاجل للجرحى والمصابين، تعلن عن وقوفها التام إلى جانب لبنان الشقيق في مصابه الأليم واستعدادها الكامل لتقديم ما يلزم من دعم ومساعدة".
وتابع: "في إطار التضامن الأخوي مع لبنان، تصل إلى بيروت اليوم الأربعاء طائرة ايرانية أولى محملة بالمساعدات المقدمة من جمعية الهلال الأحمر في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعلى متنها فريق طبي مؤلف من جراحين واخصائيين، ومستشفى ميداني (RDH)، فضلا عن كمية من المساعدات الإنسانية والأدوية".
وأعلن أنه "من المقرر أن يحدد موعد وصول طائرة المساعدات الإيرانية إلى مطار رفيق الحريري الدولي، فور إكتمال التجهيزات اللوجستية والإجراءات الإدارية اللازمة".
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
إصابة 15 صحافياً من الصحافيين العاملين في جريدة النهار اللبنانية جرّاء الانفجار الذي وقع في وسط بيروت
سفارة كازاخستان في بيروت تعلن إصابة السفير نتيجة الانفجار وتضرر أجزاء من مبنى السفارة
أرسل تعليقك