أكد نائب رئيس وزراء إقليم كردستان العراق قوباد طالباني، على أهمية تمتين العلاقات مع الحكومة الاتحادية في بغداد، واصفًا الأخيرة بأنها “العمق الاستراتيجي للإقليم”. وأشار إلى “وجود ضغوطات داخلية وخارجية” لحل المشاكل العالقة بين الإقليم والمركز والتوصل إلى اتفاقيات دائمة.
حديث طالباني عن تمتين العلاقات مع بغداد وإيجاد حلول تحت سقف الدستور، يأتي في وقت قال المتحدث باسم الحكومة الاتحادية إن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي “وضع تفاهمات وحلولًا” للمشاكل العالقة مع حكومة الإقليم خلال زيارته قبل أسابيع لأربيل.
وقال طالباني خلال مداخلة في برلمان الإقليم مطلع الأسبوع لمراجعة أداء الحكومة بعد نحو عام على تشكيلها، إن “بغداد هي العمق الاستراتيجي للإقليم، وعلينا حل النقاط العالقة وفق الدستور والقانون بشكل يرضي الطرفين، خصوصًا بوجود ضغوطات داخلية وخارجية لحلها”.
لكن مصادر مقربة من حكومة الكاظمي تشير إلى صعوبات تواجه عملية خلق التفاهمات وتوقيع اتفاقات دائمة مع الإقليم، خصوصًا تلك التي تحمل تبعات مالية، بسبب ضغوط الشارع العراقي في ظل الأزمة المالية التي تواجهها البلاد على خلفية جائحة “كورونا” وتداعياتها.
وقال سمير هورامي، الناطق باسم طالباني إن “سفراء الدول والبعثات الدبلوماسية أكدوا مرارًا وتكرارًا على ضرورة الاتفاق بين الإقليم والمركز خلال اجتماعاتهم في إقليم كردستان وبغداد، وكان لهم دور كبير في تقريب وجهات النظر بين الطرفين خلال لقاءاتهم”.
وأشار إلى “وجود نية واتفاق مبدئي لحل النقاط العالقة كافة بين الطرفين، وهناك وفد مشترك بين وزارتي المالية والتخطيط في إقليم كردستان مع نظرائهم في الحكومة الاتحادية لوضع استراتيجية مالية بين الإقليم والمركز للأعوام 2021 و2022 و2023. والمناقشات مستمرة في هذا الموضوع، لكن التوصل إلى اتفاق يتطلب المزيد من المناقشات والاجتماعات لحل العديد من النقاط الفنية”.
وكان الناطق باسم الحكومة الاتحادية أحمد ملا طلال قال في مؤتمر صحافي إن “زيارة رئيس الوزراء إلى إقليم كردستان سعت إلى حل القضايا وتعزيز التفاهم”، مشيرًا إلى أن اللقاء بين الكاظمي ورئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني “تناول موازنة عام 2021 التي هي منطلق حل الخلافات والمشكلات لجميع القضايا والحقوق”. وأوضح أن “المباحثات تناولت قضية المنافذ والنفط وحصة إقليم كردستان وتسليمها إلى بغداد”، منوهًا إلى أن “النتائج سترى النور في موازنة 2021”.
وتداولت تقارير معلومات عن اتفاق أولي بين الكاظمي ورئيس “الحزب الديمقراطي الكردستاني” مسعود بارزاني لتشكيل تحالفات سياسية مقابل حل النقاط المعقدة والعالقة منذ سنوات بين الجانبين، بما فيها ديون الإقليم للشركات النفطية لحسم ملف تسليم نفط الإقليم إلى بغداد، وأبدى الكاظمي، بحسب ما يتم تداوله، موافقته على دراسة هذه الديون كخطوة أولى، على أن تشكل لجنة من ديوان الرقابة المالية الاتحادي وديوان الإقليم لمراجعة تلك الديون، في إشارة قد تفسر على أنها تمهيد لإمكانية تحمل بغداد هذه الديون أو جزء منها.
ويرى كفاح محمود، المستشار الإعلامي في مكتب مسعود بارزاني، أن “الوقت مبكر للحديث عن تحالفات سياسية وتشكيل كتل خاصة والفعاليات السياسية كافة تواجه إشكالية قانون الانتخابات وتشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات التي لم تحل بعد. لكن من الطبيعي أن من وقف مع الكاظمي منذ ترشيحه وحتى الآن، سيدفع لمشهد سياسي متقارب بين الكاظمي وإقليم كردستان”.
وأوضح محمود أن “الكاظمي بحكم علاقته الطيبة مع قيادات الإقليم ومعرفته الدقيقة بالقضية الكردية ومفاصلها وخلفياتها، ساعد على بناء تحول إيجابي في مسار العلاقة بينن الإقليم والمركز رغم قصر فترة عمله، خصوصًا إذا ما تحققت الانتخابات المبكرة التي حددها في يونيو (حزيران) المقبل”، مشيرًا إلى أن “العلاقة بشكل عام اتخذت منحى إيجابيًا وساهمت بوضع حلول واتفاقات جزئية لبعض المشاكل مثل رواتب الموظفين والمنافذ الحدودية وملف الطاقة”.
مقربون من الكاظمي أشاروا إلى “صعوبة تمكنه من الاتفاق مع الجانب الكردي، خصوصًا أن هذا الاتفاق سيحمل الحكومة الاتحادية أعباء مالية كبيرة في ظل الأزمة التي يمر بها العراق، ما قد يجعل الكاظمي في مواجهة مع الشارع العراق الذي يعاني من الأزمة الاقتصادية التي وصلت إلى حد تأخر صرف الرواتب لنحو أسبوعين”.
وقال مصدر إعلامي قريب من مكتب رئيس الوزراء إن “أي رئيس حكومة لا يمكنه أن يدفع ديون الشركات من دون اتفاق شامل يضمن تسليم ما ينتجه الإقليم من نفط كافة، ومن دون مراجعة العقود النفطية تلك”.
من جهة أخرى، قال مصدر رفيع المستوى من رئاسة الجمهورية إن “رئيس الجمهورية برهم صالح يعمل بالتنسيق مع رئيس الوزراء لوضع تفاهمات لحل المشاكل، بالتنسيق مع رئيس إقليم كردستان والحكومة”. وأشار إلى أن “هناك تقاربا في وجهات النظر وجدية لدى الطرفين لحل الأمور العالقة كافة منذ أكثر من عشر سنوات والتوصل إلى حل مرضٍ للطرفين وفق الاستحقاق القانوني والدستوري”.
وشهدت العلاقة بين بغداد وأربيل في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي هدوءا نسبيًا، إذ دفعت التحالفات السياسية التي قادت إلى تشكيل تلك الحكومة إلى تراجع انتقادات القوى الشيعية لإقليم كردستان، وأبرزها تحالف “الفتح” بزعامة هادي العامري الذي تقارب بشكل كبير مع رئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني.
وقد يهمك أيضا
الكاظمي يوجّه بإنشاء صندوق إعمار في الناصرية “معقل الحراك الاحتجاجي”
الكاظمي يلتقي عدداً من المواطنين قرب جسر الزيتون في الناصرية
أرسل تعليقك