بعد قتلها أو اعتقالها عدداً من أبرز قيادات تنظيم داعش في الآونة الأخيرة، تواصل القوات الأمنية العراقية ملاحقة خلايا التنظيم في أبرز المناطق التي يوجد فيها بين
ديالي وكركوك ونينوى. وبينما تمكنت الأجهزة الأمنية، بتنسيق بين جهازي المخابرات ومكافحة الإرهاب، من اعتقال عبد الناصر قرداش، أحد مساعدي زعيم التنظيم السابق أبو بكر البغدادي، فإن طيران التحالف الدولي، بمساعدة الأجهزة الأمنية العراقية، تمكن مؤخراً من قتل والي العراق في تنظيم داعش، معتز الجبوري، المكنى بـ«أبو تيسير».
إلى ذلك، وفيما انطلقت عملية عسكرية لتعقب خلايا «داعش» في محيط بحيرة حمرين، شمال شرقي محافظة ديالى، أعلنت قوات الرد السريع عن إلقاء القبض، أمس، على معاون والي تلعفر في تنظيم داعش ومساعده في محافظة كركوك. وقال بيان للرد السريع إن «استخبارات اللواء الثالث فرقة الرد السريع، بالتعاون مع جهاز الأمن الوطني، ألقت القبض على معاون والي تلعفر ومساعده في جنوب كركوك، بعد تمكنهما من الدخول إلى المحافظة بهويات مزورة».
وانطلقت في ديالى عملية عسكرية من 3 محاور في محيط بحيرة حمرين لتعقب خلايا «داعش» في تلك المنطقة. وتأتي هذه العملية بعد أن قام التنظيم بشن سلسلة هجمات في قاطع بحيرة. وفي السياق نفسه، وطبقاً لمصدر أمني، فإن عنصراً بتنظيم داعش قتل في إحدى مناطق ناحية كنعان بمحافظة ديالى، وذلك عبر عملية مشتركة بين الجيش والحشد الشعبي هناك.
وأوضح المصدر الأمني أن القوات المشتركة تمكنت من تمشيط مساحات شاسعة في محيط ناحية كنعان بحثاً عن أوكار وبؤر لعناصر «داعش» هناك. كما تمكنت القوات الأمنية من فرض السيطرة على معاقل لـ«داعش» لم تدخلها القوات العراقية منذ 15 عاماً. وفي محافظة نينوى، شمال العراق، أعلنت قيادة عمليات نينوى القيام بعملية عسكرية لملاحقة خلايا «داعش» في مناطق مختلفة من المحافظة. وقال بيان للعمليات إن «عملية عسكرية واسعة من عدة محاور أطلقت لملاحقة فلول (داعش)، كجزء من العمليات التي تقوم بها بين حين وآخر من أجل المحافظة على أمن المواطنين».
وبشأن الطبيعة الإدارية والتنظيمية التي أصبح عليها تنظيم داعش اليوم بعد مقتل واعتقال عدد من أبرز قياداته، وما يمكن أن يترتب على ذلك، يقول الخبير المتخصص في شؤون الجماعات المسلحة الدكتور هشام الهاشمي لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا التنظيم، وبعد هذه العمليات، بات يعتمد بالدرجة الأولى على المناورة الأمنيّة والتمويل الذاتي، فيما يستمر بالبحث عن الموارد البشرية والبيئة الحاضنة التي يتكيّف معها في سياق تحولات في تكتيكه القتالي». ويضيف الهاشمي أن «(داعش) لم يعد قادراً على شن هجمات عسكرية، مكتفياً بالهجمات الأمنية التي تعتمد في الغالب على الاستنزاف والإنهاك للقطعات العسكرية العراقية، مع محاولة الإبقاء على خيوط مع أبناء المناطق التي ينشط بها».
ويبين أن «الهيكلية الجديدة تكشف عن وجود استراتيجية واضحة أو قابلة للتطبيق لدى التنظيم، تمكّنه من العودة الفعليّة والسيطرة على مناطق جغرافية معيّنة، لكنه ينتظر الفوضى وانتهاء مهام التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في العراق وسوريا».
وأوضح الهاشمي أنه «في ضوء ما تقدم، فإن التنظيم لا يزال قادراً على شن عمليات تعرّضية ونوعيّة، يمتلك فيها قدرة المبادرة الزمانية والمكانية، في جبهات متعدّدة، وخاصّة القريبة من المناطق المتنازع عليها والحدودية والمفتوحة، التي سبق أن سيطر عليها، أو لا يزال يملك فيها خلايا أمنيّة».
ومن جهته، يرى المحلل الأمني فاضل أبو رغيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يقوم به (داعش) من عمليات هنا وهناك في مناطق مختلفة من البلاد تؤكد أن لديه خطة لعودة واقعية، مستفيداً من عدة عوامل، من بينها إطلاق سراح سجناء في داخل العمق السوري، خصوصاً في الحسكة، مقابل أموال، وكذلك الحدود العراقية - السورية، وبالذات في غرب نينوى، وبمسافة 125 كم، حيث لا تزال غير مسيطر عليها، فضلاً عن تغييرات استخبارية طالت عدداً من القيادات التي أصبحت لها خبرة في التعامل مع هذا التنظيم، واستبدلت بهم قيادات أخرى لا تمتلك الخبرة الكافية».
ويضيف أن «عبد الله قرداش الذي أصبح بمثابة خليفة للبغدادي بعد مقتله يمتاز بالإجرام والإرهاب والقسوة، حيث لا يزال لديه أتباع مخلصون في تركيا وسوريا يمكن استخدامهم عند تنفيذ بعض العمليات، علماً بأن هذا التنظيم يحاول استغلال الظروف السياسية والأمنية لصالحه بأقصى ما يستطيع، وهو ما يوجب الحذر منه».
أما صلاح الجبوري، الرئيس السابق لاتحاد القوى العراقية النائب السابق في البرلمان العراقي عن محافظة ديالى، فيقول لـ«الشرق الأوسط» عن «الوضع الأمني في ديالى، خصوصاً في الفترة الأخيرة، إن معظم الهجمات التي تحصل حالياً تأتي من المناطق التي توصف بأنها جزء من المناطق المتنازع عليها، وهي محاذية لإقليم كردستان، وبالتالي فإن قناعتنا أنها ليست كلها من عمل تنظيم داعش، رغم أنها في النهاية عمليات إرهابية، بل هي قضية سياسية من أجل خلق منطقة رخوة غير آمنة»، مشيراً إلى أن «السبب الرئيسي قد يكون هو كيفية إعادة قوات البيشمركة إليها».
وفيما يتعلق بالمناطق الأخرى، فإن الجبوري يقول إن «المناطق الأخرى الباقية، بدءاً من أبي صيدا وغيرها، فهذه ليست (داعش) فقط، بل هناك صراع يجمع بين كونه صراعاً عشائرياً وميليشياوياً في الوقت نفسه، رغم أنها من مكون واحد، لكن هناك تقاطعاً في المصالح».
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
مقتل جندي عراقي وإصابة آخر في هجوم لداعش على نقطة عسكرية في قرية جنوبي بغداد
الحشد ينفذ عملية عسكرية في حمرين
أرسل تعليقك