اتهم المتحدث باسم الحكومة العراقية، وليم وردا، من وصفهم بـ"المافيات" والأجهزة التي تعمل لصالح استخبارات دولية، بالمساهمة في تعقيد المشهد العراقي ونشر الفوضى، وقال "هناك في العراق مافيات كثيرة من الفساد، وأجهزة تعمل لصالح مخابرات دولية، يجوز أنها تساهم على تعقيد المشهد العراقي".
وتابع "يريد البعض أن يفلت من المحاسبة، ومن مصلحتهم خلق الفوضى ودفع البلاد نحو الفوضى، التي ربما تتيح لهم الإفلات من الحساب والعقاب، ولا يسعى لتوجيه الأمور نحو خلق نظام وقانون يضعه تحت طائلة المحاسبة لإنقاذ نفسه".
أما عن تعرض العراق لضغوط أمريكية أو إيرانية أو من أي دول أخرى فقال المتحدث باسم الحكومة العراقية: "حقيقة الضغوطات الأكثر تتمثل في تحريك الشارع وتأجيجه والهجمة الإعلامية للضغط على الحكومة خاصة في المرحلة الراهنة".
وأردف وردا "هناك ضغط إعلامي مناوئ، وأحاينا لا يعكس حقيقة الموقف وهذا يشكل ضغط كبير".
أما بالنسبة للضغط الأمريكي والإيراني فقال: "لا يوجد مثل هذه التدخلات المباشرة أبدا، الحكومة تأخذ قراراتها بكل حرية وتجلس مع كل الفرقاء والكتل وتحاور الآخرين وشرائح المجتمع العراقي بحرية وبدون ضغوطات".
أما عن استقالة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، فقال المتحدث باسم الحكومة: "عبد المهدي ليس متشبث بالسلطة، وقال في أكثر من لقاء إنه مستعد للاستقالة في حال هيأت الكتل السياسية البديل له، لكن يرى أن استقالته في هذه اللحظة ستعقد المشهد في ظل عدم وجود بديل جاهز أو حاضر".
وأردف "السيد رئيس الوزراء غير متشبث وغير متمسك بأن يكون في السلطة، وهو يرى أن من مسؤوليته في الوضع الراهن والصعب أن يدير أعمال الدولة، لعدم انفلات الأوضاع نحو الفوضى والتحول من حالة الدولة للادولة، وهي مسؤولية كبيرة يتحملها الآن إلى حين تتوفر البيئة المناسبة والبديل".
تزداد الأوضاع في العراق سوءاً يوماً بعد يوم، في ظل تعنّت السلطة ورفضها الاستجابة لمطالب الشعب في الإصلاح. وأوردت مصادر في الشرطة العراقية إن قوات الأمن قتلت أربعة محتجين في بغداد أمس، وفرقت عنوة نشطاء يسدون ميناء أم قصر الرئيسي القريب من البصرة، في حين قال المرجعية الدينية العليا لشيعة العراق علي السيستاني إن الإصلاحات هي السبيل الوحيد لتجاوز الاضطرابات المستمرة منذ أسابيع.
وفتحت قوات الأمن النار وأطلقت الغاز المسيل للدموع على محتجين عند جسر بوسط بغداد. ولقي شخصان حتفهما بعد إصابات بالرصاص وقتل آخران نتيجة تصويب قنابل الغاز مباشرة على رأسيهما. فيما أصيب ما لا يقل عن 61 شخصاً.
في المقابل، نفى الناطق العسكري باسم رئيس الوزراء مقتل أي متظاهرين.
وفي الجنوب، أعادت قوات الأمن العراقية فتح ميناء أم قصر بعدما فرقت بالقوة محتجين كانوا يغلقونه. وأوردت مصادر في الميناء لـوكالة "رويترز" أن العاملين تمكنوا من دخوله للمرة الأولى منذ أن أغلقه محتجون يوم الاثنين الماضي، لكن العمليات لم تستأنف على النحو المعتاد بعد.
وقتل ما لا يقل عن 340 شخصاً منذ بدء الاضطرابات في بغداد وجنوب العراق في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في أكبر موجة احتجاجات، تشهدها البلاد منذ سقوط صدام حسين عام 2003.
ويطالب المحتجون بالإطاحة بالنخبة السياسية التي يرون أنها مسؤولة عن الفساد وتخدم مصالح أجنبية بينما يعيش الكثير من العراقيين في فقر، من دون فرص عمل أو رعاية صحية أو تعليم.
من جانب آخر، دعا السيستاني، إلى الإسراع في إصلاح قوانين الانتخابات قائلاً إن الإصلاحات هي السبيل الوحيد لتجاوز الاضطرابات المستمرة منذ أسابيع.
وأضاف في خطبة الجمعة التي ألقاها ممثل له في مدينة كربلاء "المرجعية... تُشدد على ضرورة الإسراع في إنجاز قانون الانتخابات وقانون مفوضيتها... لأنهما يمهدان لتجاوز الأزمة الكبيرة التي يمر بها البلد".
واقترح الرئيس برهم صالح إصلاحات تشمل انتخاب النواب في دوائر فردية بدلاً من محافظات بأكملها، وأن يخوض المرشحون الانتخابات كأفراد بدلاً من خوضها على قوائم الأحزاب، لتلبية مطالب المتظاهرين بتقليص سلطة الأحزاب والتمتع بتمثيل محلي أكبر. لكن مشروع قانون اقترحه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي هذا الأسبوع حذف هذه التعديلات.
إصلاح انتخابي
قالت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، إن مشاريع القوانين التي تجري مناقشتها في البرلمان تحتاج تحسينات لتلبية مطالب الجماهير.
وأوضحت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جانين هينيس بلاسخارت "أحثّ البرلمانيين على العمل بناء على مطالب ناخبيهم المشروعة، من أجل إجراء انتخابات موثوقة وحرة ونزيهة".
ونادراً ما يدلي السيستاني برأيه في السياسة، إلا في أوقات الأزمات، وهو يحظى بنفوذ كبير على الرأي العام في العراق ذي الغالبية الشيعية. والتقى مع هينيس بلاسخارت وأيّد توصيات الإصلاح التي قدمتها الأمم المتحدة.
وقال إن من المهم أن يصلح الساسة قوانين الانتخابات بالطريقة التي وصفت في خطبة الأسبوع الماضي، مؤكداً أن المحتجين لديهم مطالب مشروعة ينبغي ألا يُرد عليها بالعنف.
وسبق أن أغلق المتظاهرون ميناء أم قصر من 29 أكتوبر الماضي حتى التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) الثاني، باستثناء استئناف قصير للعمليات لمدة ثلاثة أيام.
ويستقبل الميناء واردات الحبوب والزيوت النباتية وشحنات السكر إلى بلد يعتمد بشدة على المواد الغذائية المستوردة.
وقال متحدث باسم الحكومة آنذاك، إن هذا الإغلاق أفقد العراق أكثر من ستة مليارات دولار خلال الأسبوع الأول فقط.
معارك في الشوارع
يعرقل المحتجون في بغداد حركة المرور، ولا يزالون يسيطرون على أجزاء من ثلاثة جسور رئيسية مؤدية إلى المنطقة الخضراء الحصينة بالعاصمة التي تضم مباني حكومية وسفارات أجنبية.
واشتبكوا مع قوات الأمن التي فتحت النار وألقت قنابل الغاز المسيل للدموع على حاجز خرساني يفصلهم على جسر الأحرار. وحملت عربات التوك توك عشرات الشباب المصابين إلى خيام قريبة يعمل بها مسعفون.
وألقى المتظاهرون الحجارة وأطلقوا ألعاباً نارية من خلف الحاجز وارتدى بعضهم قفازات والتقطوا قنابل الغاز المسيل للدموع لإلقائها مرة أخرى.
وهناك مشاهد مماثلة مستمرة في أنحاء العاصمة والعديد من المحافظات الجنوبية منذ اندلاع الاحتجاجات في الأسبوع الأول من أكتوبر الماضي ثم استئنافها في 25 من الشهر ذاته.
وبعيداً من الشوارع، ثمة إضراب تنضم إليه نقابات عمالية يقودها المعلمون على وجه الخصوص. أغلقت المدارس والمصالح الحكومية في عدد من المحافظات الجنوبية.
فيما رفعت الحكومة الحجب عن تطبيقات التراسل ومواقع التوصل الاجتماعي مثل "تويتر" و"فيسبوك" و"إنستغرام" بعد 50 يوماً من حجبها.
وأنهت الاضطرابات الهدوء النسبي الذي أعقب هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في 2017.
اعتصامات وتظاهرات
ونُظِمت الاعتصامات والتظاهرات في مناطق واسعة، لا سيما مدن الجنوب مثل الكوت والحلة والنجف وكربلاء والناصرية والديوانية.
وفي مدينة الكوت، مركز محافظة واسط الجنوبية، قال نصير القصاب، وهو أحد زعماء عشائر كنانة، لوكالة الصحافة الفرنسية أثناء مشاركته في تظاهرة في وسط المدينة "سنواصل التظاهر وعازمون على مواصلة التظاهر حتى تحقيق مطالب المتظاهرين باستقالة الحكومة وحل البرلمان". وأضاف شيخ العشيرة الذي ارتدى الزي العربي التقليدي، محاطاً بعشرات من أبناء عشيرته "نرفض بشدة الإجراءات الترقيعية التسويفية التي تحدثت عنها الحكومة... لن نغادر ساحات التظاهر حتى تحقيق مطالبنا".
قد يهمك ايضا
مصدر إعلامي يُؤكِّد على أنّ مسؤولًا في وزارة الدفاع العراقية يحمل الجنسية السويدية
انفجار 3 سيارات مفخخة يهزّ وسط القامشلي شمال سوريا وعنوقِع 3 قتلى و 20 جريحًا
أرسل تعليقك