غزة ـ محمد حبيب
أكَّدَ الناطق الرسمي باسم حركة "حماس" د. صلاح البردويل: أن رسائل عدَّة أوصلت لوفد قيادة حركة "فتح" خلال لقائه مع رئيس الوزراء إسماعيل هنية، وقيادة الحركة في غزة بالجديَّة وعدم التحالف مع القياديِّ المفصول دحلان، مشيرًا إلى أن حركة "حماس" عرضت على رئيس السلطة محمود عباس تشكيل حكومة "مُستقلِّين" برئاسته
لمدَّة 6 شهور تليها انتخابات.
وأعلن البردويل في تصريح صحافي، اليوم الثلاثاء: "نأمل أن ينقل الوفد رسالة واضحة أن حماس جادة كل الجدية في إنجاز مصالحة حقيقية تقوم على مواجهة خطط تصفية القضية الفلسطينية من قبل الاحتلال والإدارة الأميركية"، منوهًا إلى أن السبب الرئيس للقاء الوفد الفتحاوي لحركة "حماس" التأكد من عدم تحالفها مع القيادي المفصول من فتح محمد دحلان.
وعن أهم ما حملته الرسائل إلى قيادة فتح ورئيس السلطة محمود عباس، أوضح البردويل أن مضمون الرسائل شمل على تساؤلات عدة موجهة إلى قيادة السلطة وفتح حول الشراكة السياسية وملف الاعتقال السياسي ومستقبل موظفي حكومة غزة، وإذا ما كانت الانتخابات التي سيتم إجراؤها بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني شاملة من عدمه، إضافةً إلى رسائل عدة أخرى، منوهًا إلى أن وفد "فتح" طالب حركته إعلان دعمها لرئيس السلطة لعدم قبوله بالإملاءات الأميركية الإسرائيلية.
وبيَّن أن حركته أبلغت الوفد الفتحاوي بضرورة تطبيق الاتفاقات المكتوبة والموقع عليها سابقًا لإتمام المصالحة رزمة واحدة، عوضًا عن أن المصالحة لا يمكن أن تختزل في قضية إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.
وشدد البردويل بقوله: "أوصلنا للوفد أيضا أننا معنيون بشراكة كاملة في كل شيء، وهو ما نصت عليه الاتفاقات، واتفاق الرزمة"، معبرًا عن أمله في "أن تكون الرسائل وصلت"، وأن لا يتم التركيز لاحًقا على ملف في المصالحة دون غيره.
وأكَّد أن التركيز على ملف من دون الملفات الأخرى، وعدم الالتفات لوقف الانتهاكات في الضفة الغربية ضد الإنسان الفلسطيني، يفرغ قضية المصالحة من مضمونها وأهدافها الحقيقية التي أوجدت من أجلها.
وعبَّرَ البردويل عن أمله في أن ينعكس تفهم أعضاء وفد "فتح" خلال اللقاء للمواضيع المطروحة، على موقف قيادة السلطة "وفتح" بالضفة، وأن يرى من الإجراءات الإيجابية على أرض الواقع في المستقبل القريب.
وأعلن قائلاً: "الوفد تفهم ما تم طرحه في اللقاءات، وعندما يغادر إلى الضفة، ونرى إجراءات عملية على الأرض فيعني ذلك أن فتح معنية فعلاً بالمصالحة، موضحًا "ماذا سيحدث بعد أن يعود الوفد بعد لقاءاته، هو الذي سيكشف مدى الجدية والجاهزية".
وأوضح: إن هناك "استجابة مكانية من قيادة فتح"، بأن تكون المصالحة حقيقية في كل الملفات، والقرارات، وأن نواجه الاحتلال الإسرائيلي والضغوط الأميركية في ما يتعلق بخطة كيري، متسائلاً "لكن الآن هل ستتحول هذه التفاهمات لشيء عملي؟".
ولفَتَ إلى أن حديثًا طويلاً دار بشأن ملف الضفة الغربية والانتهاكات والاعتقالات السياسية، وأن المطلوب هو إحداث اختراق حقيقي بالإفراج عن المعتقلين ووقف حملات الأجهزة الأمنية، حتى يلمس الناس وجود المصالحة.
وعبَّر عن رفض حركته لأن يبقى ملف الاعتقال السياسي "رهينة" حتى تطبيق الحركتين لاتفاق المصالحة، مشددا على أن ذلك "نوع من الابتزاز ترفضه حماس"، لافتًا إلى أن "حماس" حينما قدمت مبادرتها الأخيرة لم تشترط الإفراج عن أي شخص متلازم مع إنجاز المصالحة على اعتباره حقًا للناس.
ونفى البردويل التركيز على ملف الانتخابات مع وفد "فتح"، وتحديد موعدها، وفقا لما يتردد، إلا أن حركته تطالب أن تُجرى في ظل أجواء حرية حقيقية، ووقف لسياسة الاعتقال، وهدف استراتيجي يتمثل في ترتيب البيت الفلسطيني.
وأوضح أن الانتخابات لا بد أن تُجرى لتمتين التداول السلمي للسلطة، لا أن يكون الهدف من ورائها إزاحة فريق وسيطرة آخر، عوضا عن أنها لا بد أن تكون مضمونة بشبكة ضمانات وطنية، والالتزام بالحقوق الوطنية والصمود في وجه الاحتلال.
وشدَّد على أن حماس تريد شراكة وضمانات وطنية وأهدافا مشتركة، غير أنها ترى أن إجراء الانتخابات وفقا لأهداف متناقضة من شأنه أن يعود بالوضع الفلسطيني إلى دائرة أسوأ من السابق.
وأطلق مسؤولون في حركتي "فتح" و "حماس" تفاؤلاً ازاء فرص حدوث تقدم في الاتصالات الجارية بينهما لإتمام المصالحة، لكن المعطيات تشير الى أن حدوث اختراق حقيقي في هذه الاتصالات مرهون بمدى قابلية "حماس" للتخلي عن "حصتها" في الحكومة وفي ادارة قطاع غزة في المرحلة المقبلة.
وجاءت الجولة الراهنة من الاتصالات بمبادرة من حركة "حماس" التي تعاني من حصار خانق في قطاع غزة جراء اغلاق الانفاق والحدود من الجانب المصري.
وأدت الإجراءات المصرية التي أعقبت اطاحة الرئيس الإخواني محمد مرسي في تموز/ يوليو الماضي الى فقدان حركة "حماس" الرئة الوحيدة التي كانت تتنفس منها، وهي الحدود المصرية التي كانت مصدرًا للمال والسلاح والسلع الرخيصة بخاصة الوقود المصري المدعوم من الحكومة والاتصالات الخارجية.
ووفق مصادر في حركة "حماس" فإن الحركة خسرت إيراداتها من الجمارك على السلع المستوردة من مصر وقيمتها 15 مليون دولار شهريًا، وخسرت اضافة الى ذلك قناة التحويلات المالية للحركة من الخارج، التي كانت تغطي العجز المالي للحكومة، والذي يصل الى حوالى 60 في المائة.
وأدى إغلاق الحدود ايضًا الى توقف تدفق السلاح على قطاع غزة وارتفاع اسعار السلع، بخاصة الوقود، ومنع قادة الحركة من السفر الى الخارج.
ويبدي مسؤولون في حركة "فتح" خشيتهم من ان يكون الهدف من مبادرة "حماس" هو رفع الحصار عنها وليس المصالحة الجدية.
ويخشى المسؤولون في "فتح" ايضًا من رفض الجانب المصري للمصالحة، بخاصة أن الحكومة المصرية تحمّل حركة "حماس" المسؤولية عن هجمات مسلحة شنتها جماعات اسلامية ضد اهداف مصرية.
وعقَد وفد من اللجنة المركزية لحركة "فتح" وصل من الضفة الغربية الى قطاع غزة، الجمعة الماضي، الى قطاع غزة، سلسلة لقاءات مع مسؤولين في حركة "حماس"، وأوضحت مصادر في الحركتين ان الجانبين قطعا شوطًا مهمًا في الطريق الى المصالحة.
وقدَّمت حركة "حماس" اقتراحًا لحركة "فتح" خلال هذه الاجتماعات ينص على تشكيل الرئيس محمود عباس حكومة مستقلين برئاسته لمدة ستة شهور، يصار بعدها الى اجراء انتخابات عامة، على ان تواصل الادارات الحكومية الحالية بما فيها الاجهزة الامنية التي تسيطر عليها الحركة ادارة القطاع.
ونص الاقتراح ايضًا على تبادل اطلاق سراح المعتقلين ووقف الاعتقالات والسماح للمبعدين جراء احداث الانقسام بالعودة.
وتشير التقديرات الى ان قبول الرئيس عباس باقتراح حركة "حماس" مرهون بمدى بعدها عن الحكومة وعن ادارة غزة خلال المرحلة الانتقالية، إذ إن مشاركتها في تسمية اي من اعضاء الحكومة، او لعبها دورًا مركزيًا في ادارة قطاع غزة خلال فترة ما قبل الانتخابات، سيؤدي الى معارضة جهات مهمة مثل مصر والادارة الاميركية واسرائيل، كل لأسبابة.
ويتسم موقف الرئيس الفلسطيني من العلاقة مع حركة "حماس" في هذه الفترة التي تجري فيها الولايات المتحدة جهودًا للتوصل الى اتفاق فلسطيني اسرائيلي بحساسية كبيرة.
ويخشى المسؤولون في السلطة من استغلال الحكومة الاسرائيلية لأي تقارب بين "فتح" و "حماس" في المرحلة المقبلة لتحميل السلطة الفلسطينية المسؤولية عن فشل المفاوضات التي تواجه عقبات هائلة.
أرسل تعليقك