القاهرة-العراق اليوم
منذ بداية العام الحالي تبنت دار نشر مصرية هي «المستقبل للتعليم الإلكتروني والنشر»، مشروع إصدار كتب للأطفال تستوحي رسوماتهم التي يبدعونها في الورش التفاعلية أو في منازلهم بعد أن ألزمتهم جائحة كورونا بالجلوس في بيوتهم، وعدم الذهاب لمدارسهم، حيث كان الرسم وسيلة مثلى للعب والتسلية، لدى العديد من الأطفال، وقد تلقفت الدار أعمالهم، وبالتعاون مع فنانين من معظم بلدان الوطن العربي.
أصدرت الدار أكثر من 20 قصة ضمن المشروع الذي يعتمد بالدرجة الأولى على استحياء أفكار القصص من الأطفال أنفسهم، حيث يتفاعل الكتاب والرسامون مع الصور التي يقدمونها، لتكون جزءاً أصيلاً في القصة المصورة. ويعتبر المشروع - بحسب المشاركين فيه - بمثابة ورشة تفاعلية حقيقية مع الأطفال، حيث يجعلهم أساس العملية الإبداعية، ويهدف لأن يكون لديهم شخصياتهم الكرتونية المستوحاة من طبيعتهم وثقافة مجتمعهم بعيداً عن شخصيات الكرتون الغربية.
أما عن الدور الأكبر في المشروع فكان لكاتب الأطفال المصري سيد إبراهيم، الذي يعمل مديراً للتحرير بدار المستقبل للتعليم الإلكتروني والمطبوع. ويقول إنه بدأ العمل منذ ثلاث سنين من خلال صفحته الشخصية على «فيسبوك»، وكان هدفه تحويل رسوم الأطفال «أقل من 12 سنة» إلى شخصيات كرتونية، بدأ يستقبل الرسوم على الصفحة، ومن خلال ورش الأطفال التفاعلية التي كان يشارك فيها، ثم قام بإرسالها إلى أصدقائه من الرسامين في معظم البلدان العربية، كانت استجابتهم كبيرة، وراحوا يحولونها بدورهم إلى قصص كرتونية، ومع الوقت بدأ العمل يأخذ ملامحه ويتشكل تحت اسم «قصص من وحي رسوم الأطفال.«
انطلاقة عربية للمشروع
يشير تقرير حركة النشر في الوطن العربي الصادر عن اتحاد الناشرين العرب في 2018. إلى أن الدعم الأساسي لكتب الأطفال يأتي من الحكومات العربية، وأن 5 في المائة من دور النشر العربية متخصصة في كتب الأطفال، في حين أن 36 في المائة منها تضعها ضمن أولوياتها. وقد كان ذلك سبباً - حسب إبراهيم - لأن تهتم مجلة فارس التي تصدر شهرية عن مؤسسة أخبار اليوم، وتنشر العديد من القصص، وعلى مدار سنة كاملة، حيث كان الأطفال يطالعون قصتين في كل عدد، وقد دفع إقبال الأطفال على المجلة لعمل عدد خاص احتفاءً بالمبادرة، ونشرت 15 قصة في ملحق خاص تحفيزاً للقائمين عليها من الكتاب والفنانين، وتشجيعاً لهم على تقديم المزيد من القصص المستوحاة من رسوم الأطفال.
ولفت إبراهيم إلى أن المشروع شهد مشاركة كثير من الكتاب والفنانين من الجزائر ومصر والمغرب، وسوريا، وفلسطين ولبنان والأردن، والسعودية والإمارات والبحرين وعمان، مما دفع دار المستقبل لتقديم القصص في كتب مصورة، مع الحرص على طبع الصورة التي رسمها الطفل بجانب اسمه وبلده على أغلفة الكتب ليشعر بقيمة رسمه، ويأخذ حقه الإبداعي تماماً أسوة بالكتَّاب والرسامين.
يقول إبراهيم: «إن سلسلة (من وحي رسوم الأطفال) التي بدأت دار المستقبل طباعة قصص منها أوائل العام الحالي، تأتي ضمن سلاسل أخرى، إحداها من وحي تراث الشعوب، نعيد تقديمها للطفل بشكل جديد بعد إخضاعها لعملية تطهير مما بها من عنف وحزن وخرافات أو ثغرات عقائدية، وهناك سلسلة (المكتبة الزرقاء)، وهي إبداع جديد من الكتاب والفنانين، لا علاقة لها بالتراث، كما أن الأطفال لا يشاركون في إصداراتها، وتخطط الدار لصدور أكثر من أربعين كتاباً وقصة تحت شعار السلاسل الثلاث.
تطوير موهبة الطفل
من جهتها كانت الفنانة وكاتبة الأطفال الأردنية ليلى عودة من أوائل الفنانين الذين لفت المشروع نظرهم، واستحوذ على اهتمامهم لأنه حسب قولها لنا يهتم بالطفل وما يحبه، «نحن نكتب ما نتخيل أنه يعجب الطفل أو يلفت نظره، وهناك دائماً دروس أو عبر في قصصنا ككتاب يكتبون للأطفال».
وتضيف: «حين رأيت الرسوم شعرت بانجذاب شديد لها، رسوم الأطفال في رأيي مهمة جداً، فهي تعبر عن مشاعرهم الحقيقية بكل براءة وحب، ومثل هذه القصص لن يصدق أحد كم سترفع من معنوياتهم وتقوي شخصيتهم، خاصة حين يعرفون أن كتاباً ورسامين حقيقيين يحققون في القصص ما أرادوا التعبير عنه برسوماتهم، أنا كتبت لحد الآن ثلاث قصص ونشرت الأولى اليوم، لكن قبل أن أكتب تواصلت مع الطفل وأهله، لأعرف ماذا كان يريد أن يقول من خلال القصة، ولكي أستطيع أن أكتب قصة تعبر عما يريد الطفل صاحب الصورة، وقد قدمت من خلال هذا المشروع، قصة (عنكوب ودبونة)، و(ورقة وعلبة ألوان)، و(حسنات فطاير ودراجة الشطائر) وهذه ليست سوى بداية، وسوف أسعى لكتابة المزيد من القصص ضمن المشروع».
وأشارت ليلى عودة إلى أن «اهتمام الكتّاب بالطفل سيعزز عنده أموراً كثيرة، خاصة ما يتعلق بشخصيته، وسوف يريه اهتمام الآخرين به، وبما يفكر فيه، والهدف هنا أن يعرف أنه إنسان فعال وله دور في المجتمع، فالأطفال بحاجة دائمة لدعم الكبار، أما دور المشروع الفني فواضح جداً، وسوف يطور موهبة الطفل بالرسم والتعبير عما بداخله، ويقدم لنا في المستقبل فنانين من بين هؤلاء نفرح بهم، لأن لديهم خيالاً مدهشاً ورائعاً، ساعدني بأن أكتب أفضل وبسهولة أكثر». وذكر حسام التهامي (فنان ورسام في مؤسسة دار الهلال المصرية) أن تعاونه في مبادرة «قصص من وحي رسوم الأطفال» بدأ منذ ثلاث سنوات، وكانت أول قصة له بعنوان «عندما اختفت الشمس» تأليف الكاتب سيد إبراهيم، وكانت الصورة التي استوحاها منها لطفل اسمه «سلمان ياسر»، وصمم منها 22 مشهداً، أما الكتاب الثاني فكان «عنوانه عندما رقصت الزهور»، وكانت فكرتها مستوحاة من رسمة للطفلة «هنا وليد»، أما القصة الثالثة فكانت بعنوان «فهمني ماذا تريد»، وكانت من تأليف الكاتب عبد الجواد الحمزاوي.
وأشار التهامي إلى أن المبادرة شكلت فرصة للتعاون مع الأطفال، وتهدف لتنمية قدراتهم التخيلية والإبداعية، وتحويل أحلامهم بوجود قصص مطبوعة تحمل رسوماتهم إلى حقائق، ولفت إلى أن نجاح المشروع جاء لأنه من الأطفال وإليهم، فلم يكن الكتاب والرسامون أكثر من وسيط لتقديم رسوماتهم في كتب بإخراج جميل يقرأها معهم أطفال آخرون في كل بلدان الوطن العربي.
قد يهمك ايضا :
الفنانين التشكيليين في مصر وجدو مُتنفساً تعبيرياً لهم عبر الاشتباك فنياً مع الكمامات
المملكة العربية السعودية تتمتع بمبانٍ ذات طراز فني معماري تاريخي فريد
أرسل تعليقك