الرياض - العرب اليوم
افتتح وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، مساء الثلاثاء، فعاليات الدورة الخامسة من ملتقى النقد الأدبي في المملكة بعنوان "الحركة النقدية السعودية بشأن الرواية"، وذلك في مقر النادي الأدبي في الرياض.
وبُدئ الحفل الخطابي بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى وزير الثقافة والإعلام كلمة أبان في مستهلها أن النقد
الأدبي في الثقافة العربية لقي عناية مبكرة بعد استقرار الشكل العام للقصيدة العربية ووضوح ما سمي بعمود الشعر، إلا أنه رغم ذلك قضى زمنًا طويلًا وهو يدور في فلك الانطباعية الخالصة، والأحكام المجتزأة التي صبت اهتمامها في تفضيل بيت على بيت، أو ترجيح شاعر على شاعر إلى أن جاء القرن الثاني من الهجرة وأصبح فيه درس الشعر جزءً من اهتمامات وجهود علماء اللغة والنحو فتبلورت لديهم مجموعة من القواعد النقدية المورثة من القرون السابقة ، التي ما لبثت أن جُوبهت برفض من الشعراء.
وأكّد: "إنه في القرن الخامس عشر الهجري ورثنا تراثًا زاخرًا بالعلم والأدب والثقافة ، ومع ذلك ما زلنا غير قادرين على التخلص من المفهوم السلبي لكلمة ( نقد ) لارتباطها لدينا بإظهار عيوب النص ونواقصه ، ويرى بعض النقاد أن النقد الأدبي يأتي لاحقًا للأدب لأن النص يولد أولاً ثم يأتي الاختلاف في نقده ، ثم يتطور وكأنما يحاول دائمًا اللحاق بالأدب , كما رأى غير ناقد أن النقد في مطلع القرن الثالث كان قاصرًا عن الوفاء بحاجة دارسي الأدب لاتساع الآفاق الجديدة ، وضيق أفق النقد".
وأوضح: إن الشعر العربي لم يعرف في عصوره الأولى جميعًا الشعر القصصي والمسرحي ، ومع ذلك ظل هذا الشعر دهرًا طويلاً ، الفن الأدبي الأول بلا منازع ، فكان الشعراء يودعونه كل أخبارهم ، وجل حياتهم حتى استحق أن يسمى بديوان العرب ، وها نحن الآن نعيش ما أطلق عليه بعض النقاد زمن الرواية ، فالمبيعات التي تسجلها الرواية تفوق مبيعات دواوين الشعر ، وليس بغريب أن تزاحم الرواية الشعر ، فالرواية ابنة المدينة وكل ما يعيش وينمو في المدينة المعولمة سيكون وقودًا لحروف الرواية ، يملؤها بالحروب وأشكال السلام ، وبعراك المجتمعات في ما بينها ، وصراع الطبقات الاجتماعية.
وهنأ الناقدة الكاتبة الدكتورة سعاد المانع على تكريم نادي الرياض الأدبي لها ، مبينًا أن دراستها عن سيفيات المتنبي مهدت الطريق لدراسات عديدة ليس في المملكة وحسب بل في الوطن العربي ، كما أن أنشطتها العلمية والأدبية والثقافية والمنبرية دليل على هذه الروح المتحفزة للعطاء للوطن والأمة . وعبر معاليه في ختام كلمته عن شكره لرئيس وأعضاء مجلس إدارة النادي الأدبي بالرياض على جهودهم التي يقدمونها .
وأوضح رئيس مجلس إدارة النادي الأدبي في الرياض المشرف العام على الملتقى الدكتور عبدالله الحيدري أن الملتقى ينفرد من بين الملتقيات الأدبية جميعًا بالتخصص في مجال النقد وتقويم الجهود النقدية السعودية وتحديد مسارها وبيان أثرها, إضافة إلى العناية بكل الدراسات النقدية العربية التي توجهت إلى النصوص الإبداعية السعودية.
وأشار إلى أن هذه الدورة تنعقد بمشاركة أكثر من عشرين باحثًا وباحثة , وأن الملتقى أصبح له قدم راسخة في المشهد الثقافي السعودي وأصبحت بحوث الدورات الأربع الماضية مراجع يعتد بها في هذا السياق.
وأبان الدكتور الحيدري أن الدورات الماضية صاحبتها طباعة كتب متخصصة في مجال النقد في المملكة منها النقد الأدبي في المملكة ( ببلوجرافيا) في الدورة الأولى ونقد الشعر السعودي قراءة أولى ونماذج مختارة وغيرها من الكتب.
وأفاد بأن مجلس إدارة النادي في الدورة الحالية الخامسة أقر بتوصية من اللجنة التحضيرية تكريم الدكتورة سعاد بنت عبدالعزيز المانع بوصفها علمًا في النقد النسوي ورائدة نسوية معروفة في الحقلين النقدي والأدبي, إضافة إلى أن أبحاثها المتعددة تضمنت مناقشات وجدلاً مع وجوه مختلفة من المقولات النقدية والمسلمات الأدبية حسب ما ذكرت "واس".
إثر ذلك ألقيت كلمة المشاركين ألقاها الدكتور سحمي الهاجري عبر فيها عن شكره لوزير الثقافة والإعلام على رعايته حفل الافتتاح , موصلاً الشكر للنادي الأدبي على تنظيم الملتقى. وأشار إلى أنه أتيحت للمشاركين في الملتقى الفرصة لتقديم أنفسهم والإبانة عن أفكارهم والإفادة من الوقت الذي يخصصه مديرو الجلسات لإثراء النقد الأدبي بالبحث والتحليل والدراسة .
وبعدها ألقت الشخصية المكرَّمة في الملتقى الخامس الدكتورة سعاد المانع كلمة عبرت فيها عن شكرها لمعالي وزير الثقافة والإعلام , ورئيس النادي ونائبه على هذا التكريم , مشيرة إلى أنها لفتة كريمة نحو المرأة المثقفة في المملكة وما تؤديه من أدوار مختلفة متنوعة, مستعرضة تاريخ تعليم المرأة في المملكة وحصولها على الشهادات العلمية منذ بداية تعليمها.
وعقب ذلك كرم معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتورة سعاد المانع، كما تسلم معاليه درعًا تذكاريًا في هذه المناسبة قدمه رئيس مجلس إدارة النادي، وحضر الحفل عدد من المثقفين والمثقفات وأساتذة الجامعات وكذلك منسوبو النادي.
وبعد ذلك بدأت أولى جلسات ملتقى النقد الأدبي في المملكة العربية السعودية تحت عنوان :”الحركة النقدية السعودية حول الرواية” ، تحدثت عن الشخصية المكرمة في الملتقى ، وذلك في مقر النادي الأدبي بالرياض.
واستهلت الجلسة بكلمة لمديرها الدكتور صالح زياد، أبرز فيها إسهامات المشاركين العلمية والعملية. ثم قدم الدكتور صالح بن معيض الغامدي، ورقة عمل استعرض فيها مؤلفات الدكتورة سعاد المانع ، ومن ذلك سيفيات المتنبي وأطروحاتها للدكتوراه "المخالفات اللغوية عند الشاعر وموقف النقد العربي من القرن الثاني حتى القرن الثامن الهجري".
وسلّط الدكتور الغامدي الضوء على أبرز ما ترجمته الشخصية المكرمة في مجال الأدب والنقد ، وما تُرجم لها إلى الإنكليزية مثل البديع وثنائية الشعر.
بعدها تناولت الدكتورة منيرة بنت ناصر المبدل، في ورقة العمل التي قدمتها الاتجاهات البحثية عند الدكتورة سعاد المانع، وتأملاتها في عنونة البحوث التي قدمتها من عام 1402هـ إلى عام 1430 هـ ، مستعرضة ثلاثين عنوانًا بحثيًا خلال هذه المدة لبحث الاتجاهات العلمية عندها مشتملة على البحوث العلمية المحكمة والمراجعات والمقالات النقدية وأوراق العمل المقدمة في المؤتمرات ، مصنفة هذه الاتجاهات إلى أربع: الاتجاه الأدبي والنقدي والبلاغي والثقافي والاجتماعي العام .
عقب ذلك، قدمت الدكتورة هند المطيري ورقة عمل تناولت فيها الجانب الإنساني في شخصية الدكتورة سعاد المانع من خلال معرفتها الشخصية بها ، مبرزةً ملامح خمسة هي : التواضع ولين الجانب ، والزاد المعرفي الوفير ، والتعاون والبذل ، والبشر والترحاب ، والدقة والمتابعة والإخلاص في العطاء ، مستشهدة ببعض المواقف التي أسهمت في نتاجها العلمي والأدبي وتعاملها مع الآخرين. وفي ختام الجلسة فتح باب الأسئلة والمداخلات للحضور.
أرسل تعليقك