أبوظبي- العراق اليوم
السلام والتسامح والوطن.. رسائل استحضرتها أعمال فنية تعرضها صالات العرض المشاركة في معرض فن أبوظبي بدورته الـ11 المقامة حالياً في منارة السعديات، عبر رؤى ومدارس فنية مختلفة، ورغم اختلافها إلا أنها تشير إلى ما للفن من قدرة على التعبير عن قضايا الإنسان ونقلها إلى العالم متجاوزاً اختلاف اللغات والثقافات، من سجادة سلام مغزولة بأيدٍ أفغانية، إلى لوحات بخريطة فلسطين وزيتونها. وتُعد «سجادة السلام» أحد أبرز الأعمال الفنية في الدورة الـ11 للمعرض، والتي تختتم مساء اليوم، وهي ليست مجرد سجادة لكنها مشروع أطلق بمبادرة من سمو الشيخة فاطمة بنت محمد بن زايد آل نهيان، في عام 2014، ويحمل رسالة إنسانية راقية، ليحل محل سجادة الحرب الأفغانية ذائعة الصيت، التي تعكس تقليداً نشأ في أفغانستان كنتيجة لعقود من النزاع العسكري في البلاد، وبدأ حينها نساجو السجاد بتجسيد صور الحرب في تصميماتهم مثل الأسلحة والدبابات والجنود. في المقابل، يسعى مشروع «سجادة السلام» لتوظيف المهارات التقليدية لصناع السجاد لمواجهة حضور مفردات الحرب في ما يصنعونه، وتشجيعهم على نسج رؤيتهم للسلام. وتعكس تصميمات سجادة السلام ميزان العدالة وقطعان الماشية والمدارس، كما تتميز منتجات المشروع بأنها خالية من الأصباغ الكيميائية، ومصنوعة 100% من صوف أفغاني حصل عليه بطرق قانونية ومستدامة.
وتتوسط جناح المشروع قطعة سجاد تحمل عبارة من «وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك»، والتي وقعت في أبوظبي بحضور الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة بابا الفاتيكان، في فبراير الماضي.
بخط جلي
التسامح أيضاً يظهر بوضوح في الرسائل الفنية التي تحملها أجنحة «فن أبوظبي»، ومنها جناح مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، الذي تضمن أعمالاً مختلفة عكست مظاهر التسامح في الثقافة العربية والمجتمع الإماراتي عبر السنين، ومنها لوحة للخطاط الإماراتي محمد مندي جسّد فيها كلمة التسامح بخط جلي ديواني، وعمل للفنانة سارة حداد بعنوان «أنا أراك»، وعمل ثالث بعنوان «لون الذاكرة» لماريا خوسية رودريغيز.
رسالة أخرى يمكن لزوار «فن أبوظبي 2019» ليس فقط الاطلاع عليها ولكن المشاركة فيها، في جناح مؤسسة الأولمبياد الخاص الإماراتي، من خلال العمل الفني «دائرة الوحدة» الذي يتكوّن من برج معدني على شكل دوائر، ويقوم الزائر بمشاركة أحد الرياضيين من أصحاب الهمم، بالرسم على واحدة من القطع المعدة، ثم إضافتها في دائرة من دوائر البرج.
رحلة
لم يبتعد الفنان الفرنسي - التونسي إل سيد، كثيراً عن رسائل السلام والتسامح ونبذ الحرب، في مشروعه «الرحلة» الذي يشارك به في «فن أبوظبي»، وتعرضه مؤسسة «81 ديزاينز» في جناحها، ويمثل المشروع احتفالاً رمزياً بعام التسامح، وهو عبارة عن رحلة للفنان إلى مخيم عين الحلوة جنوب لبنان، وهناك نفذ سبع لوحات جدارية تظهر أسلوبه المميز في نشر رسائل الوحدة والسلام، ثم حاكت سيدات المخيم كل لوحة جدارية مصممة ضمن هذا المشروع من خلال فن التطريز التقليدي على القماش، إذ يمثل فن التطريز الفلسطيني رمزاً من رموز صمود المرأة الفلسطينية وتراثها وهويتها.
خريطة أبدية
القضية الفلسطينية حضرت بقوة وإبداع في أعمال فنية عدة بالمعرض عكست تمسك أبناء فلسطين بوطنهم وأرضهم، رغم معاناتهم من الاحتلال، من بينها أعمال للفنان حازم حرب تعرض في غاليري «طبري آرت سبيس»، جسّد في لوحة منها صوراً لأشجار الزيتون، وفي مقدمتها كتب بحروف إنجليزية «هولي لاند» بأسلوب يشبه كلمة «هوليوود» الشهيرة، ولوحة أخرى بعنوان «خريطة أبدية»، ويظهر فيها فلسطينيون يزرعون أرضهم، كذلك عملاه «تذكارات مؤقتة» اللذان يجسدان حقيبتي سفر فيهما وثائق عتيقة وصور بالأبيض والأسود لنزوح أهالي فلسطين في أعقاب النكبة عام 1948.
«بيكاسو في فلسطين»
عبّر الفنان خالد حوراني عن معاناة أهل فلسطين من قيود الاحتلال، بعمل فني حمل فكرة مبدعة بعنوان «بيكاسو في فلسطين»، تعرض في جناح غاليري زاوية، وظهرت فيه لوحة لبيكاسو تعرض على جدار، وإلى جانبيها وقف جنديان ارتسمت على وجهيهما الصرامة ووضعت أمامهما حواجز، وفي لوحة أخرى ظهر جنديان بملامح شرق آسيوية يقفان وفي الخلفية شابان فلسطينيان يغطيان وجهيهما بالكوفية الشهيرة، وخلفهما متتالية من الثنائيات التي تعكس مفهوم الاحتجاز.
في حين شكّل الفنان سليمان منصور لوحاته بالطين تعبيراً عن ارتباط الفلسطيني بأرضه ووطنه، بينما جسّد الفنان نبيل عناني مساحات ممتدة من أشجار الزيتون، كما عرض الغاليري نفسه مجسمات لوفاء حوراني، منها واحد للمسجد الأقصى وآخر بانوراما من قالنديا.
قد يهمك أيضًا
إيناس عبد الدايم تؤكد أن إيطاليا تعد بوابة ذهبية لعبور الثقافة المصرية إلى أوروبا
نبيل شبيب يؤكد أن البلاد العربية شهد عشرات الانقلابات ولم يتغيّر شيء
أرسل تعليقك