سبب إجابة الفرنسيين عن أي طلب أو سؤال بكلمة لا
آخر تحديث GMT05:21:44
 العراق اليوم -

يُنظِّمون مسيرات بين الحين والآخر لأسباب مختلفة

سبب إجابة الفرنسيين عن أي طلب أو سؤال بكلمة "لا"

 العراق اليوم -

 العراق اليوم - سبب إجابة الفرنسيين عن أي طلب أو سؤال بكلمة "لا"

خوض أحد المسافرين جدالا طويلا
باريس-العراق اليوم

خاض أحد المسافرين جدالا طويلا مع موظفة الحجز في شركة الطيران استمر لنحو 20 دقيقة، إذ كان يحاول إقناعها بتغيير موعد رحلته، القابل للتغيير، لكن الموظفة أصرت على الرفض، وقالت مرارا: "لا، هذا مستحيل"، وعندما سأل أصدقاءه وأقاربه الفرنسيين عن أسباب إكثارهم من قول كلمة "لا" دون تفكير، أجاب المدير التنفيذي البالغ من العمر 60 عاما: "لا، هذا ليس صحيحا، نحن لا نجيب دائما بالنفي"، بينما قال الآخر الذي يعمل في سلك المحاماة: "لا، قد تكوني على حق، قد نجيب بالنفي، حتى في حالة الموافقة".

ويفسر أوليفييه جيرو، الممثل الكوميدي الفرنسي، ومقدم برنامج "كيف تصبح باريسيا في ساعة" الذي يسلط الضوء على الجوانب الثقافية الفرنسية، اعتياد الفرنسيين على الإجابة بالنفي تلقائيا بالقول إن البدء بالرفض قد يفتح بابا للموافقة لاحقا، لكن إذا بادرت بالموافقة لن تستطيع الرفض فيما بعد. ويشير إلى أن الشعب الفرنسي شعب ثوري، دأب على الاحتجاج في مختلف العصور.

ذيرجع تاريخ الاحتجاجات في فرنسا إلى عام 1789، حين اقتحم فرنسيون سجن الباستيل، وأشعلت هذه الاحتجاجات شرارة الثورة الفرنسية التي طوت صفحة الحكم الملكي في فرنسا الذي دام لأكثر من 900 عام.


ولا يزال الفرنسيون ينظمون مسيرات بين الحين والآخر لأسباب جديدة ومختلفة في أيام السبت، كان من أبرزها احتجاحات حركة السترات الصفرات في عام 2018 ضد ارتفاع أسعار الوقود.

وتقول جولي بارلو وجين بينوا نادو، مؤلفا كتاب "أثر تحية الصباح في فرنسا: الكشف عن المعاني الخفية للأحاديث الفرنسية"، إن الثورة كانت تجسيدا لحق جميع المواطنين في الرفض، وكانت كلمة 'لا' تعبر عن سخط الطبقة الكادحة.

وابتكر الفرنسيون أساليب متنوعة للرفض، أكثرها مرونة، "هذا الأمر سيكون صعبا" الذي يعني أنه ليس من المرجح الموافقة على الطلب، بينما أكثرها حزما "لا جدال في الأمر"، الذي يقطع الطريق أمام النقاش.

ويقول كل نادو وبارلو: "الفرنسيون يصغون للآخرين، خلافا لما يظن الكثيرون، لكن بعد أن يبادروا بالرفض مرتين أو أكثر. فقد ينطوي الرفض غالبا على الموافقة، لكنك ستحتاج للكثير من الإصرار والإلحاح حتى تظفر بها في النهاية".

وعندما سألتني موظفة الحجز، "كم مرة ستكرر نفس السؤال عن إمكانية تغيير رحلتك؟" قلت في نفسي إنني لن أتوقف عن الإلحاح حتى أجد حلا. إذ تعلمت على مدار السنين أن الرفض دائما يخفي بين طياته الموافقة، التي يستدل عليها من نغمة الصوت أو لغة الجسد والمواقف والسياق، أي كل شيء عدا الكلمات.

وتناولت إيرين ميير، أستاذة بالمعهد الأوروبي لإدارة الأعمال، في كتابها "خريطة الثقافات" دور الاختلافات الثقافية في التواصل بين الناس. وذكرت أن الأمريكيين والأستراليين يقولون ما يعنون ويعنون ما يقولون، بينما تنزع أساليب التواصل بين الفرنسيين والروسيين واليابانيين إلى التعقيد والغموض. فقد تستنبط الرسائل بين ثنايا السطور والكلمات.

وتعزو ميير ذلك إلى عدد الكلمات في كل لغة من اللغات، إذ إن عدد كلمات اللغة الفرنسية يصل إلى 70 ألف كلمة، في حين أن عدد كلمات اللغة الإنجليزية 500 ألف كلمة. ولهذا قد يحتاج متحدثو الفرنسية لربط عدة كلمات ببعضها لإيصال الرسالة، في حين أن متحدثي الإنجليزية لديهم الكثير من الكلمات التي تساعدهم في نقل المعنى بدقة.

وربما يكون نظام التعليم الفرنسي أسهم أيضا في ترسيخ عادة الإجابة بالنفي تلقائيا لدى الفرنسيين، إذ يتعلم الأطفال في المدارس الدفاع عن آرائهم، وتفنيدها ثم إعداد ملخص للرأي ونقيضه. وتقول ميير إن رجال الأعمال يديرون الاجتماعات بنفس الطريقة، إذ ينظرون للتعارض والخلافات على أنها وسيلة لتحفيز التفكير الخلّاق.

ويبادر الفرنسيون بالرفض لتشجيع الآخرين على النقاش والدخول معهم في جدال حتى يفهم كل منهم وجهة نظر الآخر.
ولاحظت بارلو ونادو أن السبب وراء 75 في المئة من الإجابات بالنفي كان إخفاء الجهل، خشية التعرض للسخرية في حالة الوقوع في الخطأ. وهذا الخوف قد تطور لدى الطلاب في فرنسا بدءا من المدارس الابتدائية، حيث تُعرض نتائجهم على الملأ في الصف، تمهيدا للإهانة والاستضعاف.

ويتضاعف الخوف في نهاية المرحلة الثانوية، إذ يضع المعلمون الفرنسيون معايير صارمة عند تقييم أداء الطالب في شهادة البكالوريا. ولهذا يمنح الطالب الحاصل على 12 من 20 مرتبة الشرف. ولم يسبق لأحد أن حصل على الدرجة النهائية.

وتنشر الدرجات عبر الإنترنت، لتتوالى التعليقات على الطلاب، إما تأنيبا لهم أو استهزاءً بهم. وبعد 13 سنة من سنوات الدراسة، يؤثر الطلاب قول 'لا' القابلة للنقاش، بدلا من أن يخطّئهم الأخرون إذا قالوا 'نعم'.

ويعد الرفض المصحوب بالغمز والابتسامة بمثابة دعوة للحوار، ويستخدمه أي شخص في فرنسا، بدءا من الجزار الذي يغري زبائنه لطلب الجزء الأفضل من اللحم إلى الطفل الصغير الذي يرغب في الحصول على قطعة حلوى. وأحيانا قد يستخدمه النادل كطريقة للتودد إلى الزبائن حتى يشجعهم على ارتياد المقهى يوميا، إلا أن الرفض أحيانا قد يكون من باب التعنت، فقد يستخدمه الموظفون الحكوميون كوسيلة لتعقيد الإجراءات الروتينية.

فعندما تقدمت بطلب، على سبيل المثال، للمحكمة الابتدائية للحصول على الجنسية الفرنسية، سلمني كاتب المحكمة ورقة وقلما وأملاني قائمة بالمستندات المطلوبة، فغياب قائمة رسمية بالمستندات المطلوبة يعطي كاتب المحكمة الحق في عرقلة الإجراءات في أي مرحلة لذا يحرص المواطنون على إعداد ثلاث نسخ من جميع المستندات التي تثبت الهوية والعنوان وشهادة الميلاد تحسبا لتعنت الموظفين الإداريين.

إلا أن أسلوب الرفض الأكثر شيوعا في فرنسا بين الأصدقاء وشركاء الحياة، هو الرفض التلقائي، بلا مبرر. وعندما التقيت بولي بلات، استشارية ثقافية ومؤلفة كتاب "صديق فرنسي أم عدو" الذي تناولت فيه تحديات الإقامة في فرنسا، أفصحت لي عن الطريقة التي تتبعها للتحايل على زوجها ليوافق على طلبها.

وتقول إنها عند التخطيط للإجازة الصيفية، على سبيل المثال، تقترح على زوجها في البداية مكانا لا ترغب في زيارته وتدرك تماما أنه لن يوافق عليه، مثل منطقة حارة أو بالقرب من أقاربها.

وعندما تعرض الخيار الثاني تضع في حسبانها أن يكون مليئا بالمشاكل، مثل الازدحام وارتفاع الأسعار، التي ستثير غضب زوجها على الفور. وتترك خيارها الأفضل للنهاية حتى لا يجد مفرا من الموافقة عليه. إذ تدرك بلات أنها لو بدأت بالخيار المفضل سيرفض دون تردد.

وعندما حاولت تقييم مدى جدية موظفة الحجز في الرفض، شرحت لها أني أحتاج لتغيير موعد التذكرة لليوم التالي. وقالت لي إن شركة الطيران تشترط تغيير موعد التذاكر قبل يوم على الأقل من موعد المغادرة. وعندها سألتها عن موعد الرحلة الأولى في اليوم التالي، قالت إنها بعد منتصف الليل بخمس دقائق. ونجحت في النهاية في انتزاع موافقتها.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

 

شركة الطيران الروسية "بوبيدا" تستعد لتنظيم الرحلات إلى مصر

جيرو يعترف بصحة موقف ساري من لاعبي "تشيلسي"

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سبب إجابة الفرنسيين عن أي طلب أو سؤال بكلمة لا سبب إجابة الفرنسيين عن أي طلب أو سؤال بكلمة لا



أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:21 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 07:48 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

روعة قيادة رولز رويس على الطريق لا تُضاهيها متعة شيء

GMT 17:46 2016 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

"ملوك الكاسيت" ضيوف إسعاد يونس في "صاحبة السعادة"

GMT 22:56 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان محمود ياسين يغيب عن عزاء نسيبه

GMT 17:18 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

تعرف على اتيكيت حضور الحفلات الموسيقية والغنائيَّة

GMT 01:54 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تقرير جديد يكشف أن ميلانيا ترامب لم تطمح لدور السيدة الأولى

GMT 01:37 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

ماغي بوغصن تراهن على وصول فكرة "يا ريت" للمشاهدين

GMT 04:03 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

الفيلة تدرك أن جسدها العملاق يمثل عقبة كبيرة

GMT 11:03 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"مغارة الشموع" كهف مليء بالأسرار تحتضنه القدس

GMT 05:25 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

الكشف عن سيارة "هيونداي" i30 Fastback N

GMT 21:06 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرح تذاكر السوبر الإيطالي على "موقع حراج"

GMT 15:09 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

السنغالي جايا يستعد لبدء المهمة مع نادي الصفاء اللبناني

GMT 03:04 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

تكليف صالح آل مسلم برئاسة نادي نجران لمدة سنة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq