ارتفعت ظاهرة البطالة في المجتمع العراقي، وارتفع معها خروج تظاهرات تطالب الدولة بتوفير فرص عمل للخريجين من حملة الشهادات العليا بدءًا من حملة شهادة البكالوريس مرورًا بالماجستير والدكتوراه.
ولا يعد تفشي ظاهرة البطالة في العراق وليد اليوم بل هي وليدة سنين مضت قبل احتلال العراق في وقت عجز النظام السابق عن توفير فرص عمل جديدة للقادرين على العمل، لأسباب كثيرة منها التراجع في قدرة القطاع العام على التوظيف وضعف القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي مما أدى إلى أن يكون معدل البطالة تراكمي.
وكشف وزير العمل والشؤون الاجتماعية محمد شياع السوداني، عن أنَّ "نسبة البطالة في العراق تجاوزت 25%"، موضحا أنَّ نسبة البطالة في البلد ارتفعت في الآونة الأخيرة بسبب الأعمال المتطرفة التي شهدتها البلاد أخيرًا، لافتا إلى أنَّ المسؤولية تكون كبيرة للتعاطي مع هذا الأمر.
وأعلنت وزارة التخطيط أن نسبة البطالة في المجتمع العراقي بلغت 16% وبدأت الوزارة تشجع القطاعات المهمة في البلاد ومن أبرزها القطاع الخاص لخلق فرص عمل جديدة للعاطلين، إلا أنَّ إعلان الوزارة يجري بما لا تشتهي السفن، فلا دور للقطاع الخاص في استيعاب أعداد كبيرة من الباحثين عن عمل.
وبيَّن أحد الضباط الكبار في وزارة الدفاع العراقية، أنَّ "مشكلة البطالة تشكل عاملا مهما في جذب العاطلين عن العمل إلى المشاركة في أعمال متطرفة"، مشيرًا إلى أنَّ أغلب "المتهمين أو المدانين بأعمال متطرفة هم من العاطلين عن العمل لاسيما من الشباب والبعض يحمل شهادة جامعية".
وأضاف الضابط الذي فضل عدم الكشف عن هويته، في تصريح خاص إلى "العرب اليوم"، أنَّ أهم العوامل التي قد تدفع الشباب إلى الانحراف أو التطرف هو قلة فرص العمل، مؤكدًا أنَّ "البطالة هي وقود التطرف".
ونوه، إلى أنَّ "المؤسسة العسكرية تمكنت من استيعاب أعداد كبيرة من الشباب إلى صفوفها في الجيش والشرطة على حد سواء بعد أن عجزوا في الحصول على فرص عمل فلم يكن أمامهم إلا التطوع في القوات الأمنية".
ومن جانبها؛ اعتبرت إحدى الخريجات العاطلات عن العمل، أنَّه في بلد كالعراق يزخر بكل ما وهبه الله من إمكانيات مادية وبشرية كان لابد من إيجاد فرص عمل لنا.
وتضيف رغدة صلاح بكلوريوس كلية العلوم تخصص"بيولوجي" جامعة بغداد خريجة 2006 ، وضعت في كل وزارة معلومات عني "CV" علّيَ أجد عملًا في إحدى الوزارة ،ولكن من دون جدوى.
وأوضحت رغدة أنَّ "التعين في العراق يرتبط بانتمائك إلى حزب معين، مما لهم نفوذ في السلطة"، مبينة أنَّه إذ لم يكن لك انتماء حزبي فأنت من المغضوب عليهم ولن تستطيع أن تحقق حلمك المكفول وفق القانون بالحصول على أيَّة وظيفة.
وفي وسط العاصمة "بغداد"، وفي منطقة تجارية كبيرة تسمى "سوق الشورجة" تحوي شباب في مقتبل العمر يدفعون أمامهم عربة من الخشب أو الحديد، يعملون حاملي مواد المتبضعين من السوق الكبير.
وفي زحمة السوق وأصوات تتعالى هنا وهناك ، يجلس حيدر (26) عامًا، من محافظة ميسان جنوب العراق ليرتاح قليلا ويجفف عرقه في هذا الحر، حيث تعدت درجة الحرارة 50 درجة مئوية قبل أن يواصل دفع عربته الحديد.
وأوضح لـ"العرب اليوم" أنَّه منذ أربع سنين يعمل في هذا المكان، مضيفًا: اجمع ما يمكن لأرسله إلى أهلي وإخواتي الصغار ليتمكنوا من مواصلة دراستهم بعد أن تخرجت من كلية التربية قسم الفيزياء، ولم أتمكن من الحصول على وظيفية في إحدى وزارات الدولة.
وتساءل حيدر، هل تتصور أن محافظتي هي أغنى محافظات العالم؟، وراح يعدد ما تحويه محافظته من "نفط كبريت فضلا عن الزئبق الذي سرقه الغزاة يوم احتلوا البلاد".
وكانت العاصمة بغداد شهدت قبل ثلاثة أشهر تظاهر العشرات من حملة الشهادات العليا، أمام مبنى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للمطالبة بتوفير تعيينات لهم، و قطعوا طريق الدخول إلى الوزارة، وفيما هددوا باستمرار الاعتصام لشهر ان لم تنفذ مطالبهم، أحرقوا شهاداتهم ورسائلهم العلمية أثناء الاعتصام.
وعلى ضوء هذه التظاهرة؛ أكد أحد المسؤولين العراقيين، أنَّهم حتى لو أحرقوا أنفسهم فلا يوجد لدينا مجال للتعيين، موضحًا أنَّ الأزمة المالية الحالية لا تسمح بتعيين حتى ولو شخص واحد.
وأوضح أحمد (30) عامًا، أنَّه يحمل شهادة البكالوريس في اللغة العربية من كلية المعلمين، إلا أنَّه لم يستطع الحصول على تعيين، مضيفًا: إن وجدته في سلك التدريس عليّ أن ادفع نصف راتبي أجور تنقلات من منزلي إلى المدرسة التي يتم التعيين.
وتابع: جلست في داري وأشار أحد أصدقائي عليَّ بالعمل في تحميل وتفريغ البضائع, خرجت إلى العمل مرغما ولكن العمل ليس بالمعيب، لكن الألم الذي يعتريني هو تلك الشهادة والصورة التي علقتها أمي في صالة استقبال البيت قبل وفاتها.
أرسل تعليقك