أضحت المشاريع الضخمة التي أعلن عنها صندوق الاستثمارات العامة في السعودية، واجهة جديدة على خريطة الاستثمار في البلاد، لما تحمله هذه المشاريع الضخمة من فرص كبرى للاستثمار، وتنويع الاقتصاد، وإيجاد آلاف الوظائف للشباب السعودي، بالإضافة إلى توطين صناعة السياحة، وتعزيز مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وتأتي هذه التطورات المهمة، في الوقت الذي تتأهب فيه السعودية لإطلاق مبادرة "مستقبل الاستثمار" الأولى من نوعها على مستوى العالم، وهي المبادرة التي ستحظى برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وتنطلق من المملكة العربية السعودية.
وأعلن صندوق الاستثمارات العامة، في وقت سابق عن إطلاق مبادرة "مستقبل الاستثمار"، التي يستضيفها وينظمها صندوق الاستثمارات العامة، الذراع الاستثمارية للمملكة وأحد أكبر صناديق الثروة السيادية على مستوى العالم، ومن المقرّر انعقادها في مدينة الرياض في الفترة الممتدة من 24 إلى 26 أكتوبر/تشرين الأول 2017.
ويقود صندوق الاستثمارات العامة عددًا من المشاريع الضخمة في السعودية، ويُعتبر الصندوق واحدًا من أكثر الصناديق العالمية تنويعًا للاستثمارات، منها ما يتعلق بالاستثمار في القطاع التكنولوجي، ومنها ما يتعلق بالاستثمار في القطاع السياحي، ومنها ما يتعلق بالاستثمار في القطاع الصناعي، وغير ذلك من الاستثمارات النوعية المهمة، التي تحقق قيمة مضافة لاقتصاد البلاد.
وصرّح صندوق الاستثمارات العامة، أول من أمس الإثنين، أنه بصدد تأسيس شركة "رؤى الحرم المكي"، الهادفة إلى تطوير مشاريع تسهم في رفع الطاقة الاستيعابية لاستضافة الأعداد المتزايدة من الزوار القادمين للمملكة لأداء مناسك الحج والعمرة، والعمل كمحرك رئيسي في تطوير منطقة المسجد الحرام، والنهوض بمستوى قطاع الضيافة وجودة الخدمات المقدمة وفقًا لأفضل المعايير العالمية.
ويأتي تأسيس الشركة تماشيا مع "رؤية المملكة 2030" الرامية إلى رفع الطاقة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن، وإثراء رحلتهم الدينية وتجربتهم الثقافية، وإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين لزيارة المسجد الحرام وأداء شعائر الحج والعمرة، حيث من المتوقع أن يتجاوز عدد زوار مكة المكرمة 30 مليون زائر سنويًا بحلول عام 2030.
وتخطط شركة "رؤى الحرم المكي" لرفع مستوى التطوير العمراني في المنطقة المحيطة بالمسجد الحرام، ليصبح من أفضل نماذج التطوير العالمية، بالإضافة إلى إسهامها في توليد الوظائف وجذب الاستثمارات كجزء من خطة أوسع لتنويع الاقتصاد الوطني، حيث يتوقّع للمشروع أن يوفر فرص عمل تزيد على 160 ألف وظيفة بحلول عام 2030، وتشير التقديرات الأولية إلى أن إسهام مشاريع الشركة في الناتج المحلي يقدر بنحو 8 مليارات ريال سنويًا، ما يعادل 2.1 مليار دولار، فيما يجري العمل على وضع حجر الأساس والبدء بأعمال تطوير البنية التحتية للمشروع خلال عام 2018، على أن يتم تشغيل المشروع عام 2024.
وأعلن صندوق الاستثمارات العامة عن تأسيس شركة "رؤى المدينة"، وهي شركة تطوير عمراني تهدف إلى تعزيز إمكانيات منطقة المسجد النبوي، لاستضافة عدد أكبر من الزائرين للمدينة المنورة، ويأتي تأسيس الشركة تماشيا مع "رؤية المملكة 2030" الرامية إلى رفع الطاقة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن وإثراء رحلتهم الدينية وتجربتهم الثقافية، وإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين لزيارة المسجد النبوي الشريف، وتوضح التقديرات الأولية أنّه من المتوقع أن يصل إجمالي عدد زوار المدينة المنورة إلى 23 مليون زائر سنويًا بحلول عام 2030، وسيسهم المشروع في توفير فرص عمل تصل إلى 200 ألف وظيفة، وإضافة ما يقدّر بـ7 مليارات ريال، ما يعادل 1.8 مليار دولار إلى الناتج المحلي سنويًا، فيما يجري التخطيط لوضع حجر أساس المشروع والبدء بتنفيذ البنية التحتية خلال عام 2018، على أن يبدأ تشغيل المشروع عام 2023.
وكشفت استثمارات صندوق الاستثمارات العامة المعلن عنها حديثًا، عن مشروع إعادة تطوير الواجهة البحرية وسط كورنيش مدينة جدة، بهدف تحويلها إلى منطقة حيوية ووجهة سياحية وسكنية وتجارية فريدة لتصبح "جدة داون تاون الجديدة"، في خطوة جديدة من شأنها تعزيز أوجه الاستثمار، وتنويع الاقتصاد في المملكة، ويهدف المشروع الجديد إلى تهيئة بيئة جاذبة ومتميزة تسهم في تطوير مدينة جدة، ودعم طموحاتها لتصبح ضمن أفضل 100 مدينة على مستوى العالم، وسيساهم المشروع في تطوير منطقة حيوية مناسبة للترويح عن النفس والترفيه والتسوق، ما سيجعلها وجهة فريدة لمختلف فئات المجتمع من السكان والزائرين، ويقدّر إجمالي مسطحات البناء في المشروع بأكثر من 5 ملايين متر مربع، تتسع لأكثر من 58 ألف نسمة، وتتوزع مساحة المشروع على مناطق عدة، تشمل المنطقة السكنية التي ستحتوي على أكثر من 12 ألف وحدة سكنية تمثل نحو 42% من مساحة المشروع، ومناطق التجزئة والترفيه، التي تمثل نحو 35%، بينما تغطي منطقة المكاتب 12%، وتغطي منطقة الضيافة 11% من مساحة المشروع، ويجري في الوقت الحالي، التخطيط لوضع حجر الأساس للمشروع في الربع الأول لعام 2019، حيث أنّه من المقرّر افتتاح المرحلة الأولى في الربع الأخير من عام 2022.
ويتوقع أن يبلغ إجمالي قيمة الاستثمار في المشروع الجديد حوالي 18 مليار ريال، ما يعادل 4.8 مليار دولار، على مدى 10 أعوام، كما أنّ المشروع الجديد سيسهم في إيجاد أكثر من 36 ألف فرصة عمل جديدة، ويأتي هذا المشروع الحيوي تماشيًا مع "رؤية المملكة 2030" لتطوير مواقع سياحية وفقًا لأعلى المعايير العالمية، كما أنه يأتي تماشيًا مع "رؤية 2030" التي تنص على توفير فرص استثمارية تساهم في تنمية القطاع الخاص، وتعزيز مستويات الجذب السياحي، بالإضافة إلى تعزيز تنمية قطاع السياحة والضيافة والترفيه.
وجاء هذا المشروع الحيوي، الذي تمّ الإعلان عنه الأسبوع الماضي، عقب الإعلان عن مشروع "البحر الأحمر" مطلع أغسطس/آب الماضي، الذي يعد هو الآخر علامة فارقة على صعيد القطاع السياحي في العالم، وسيتيح هذا المشروع الضخم الفرصة أمام كبرى الشركات العالمية للمشاركة والاستثمار في مشروع يعد فريدًا من حيث تصميمه وموقعه، كما أنّ مشروع البحر الأحمر، يستهدف تطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه، وسيساهم بالمليارات في الناتج المحلي السعودي.
وتمتلك السعودية مواقع طبيعية تعدّ ضمن أكثر المواقع جمالًا وتنوعًا في العالم، وتمتلك مدن تاريخية ذات امتداد عميق للغاية، أبرزها مدن صالح التي تمتاز بجمالها العمراني وأهميتها التاريخية الكبيرة، وتقع بالقرب من مشروع البحر الأحمر، ويقع هذا المشروع على مساحة 34 ألف كيلومتر مربع، ويشكّل أحد أكبر المشاريع السياحية البحرية في العالم أجمع، كما أنه سيصبح في الوقت ذاته وجهة ساحلية رائدة، يتربع على عدد من الجزر البكر في البحر الأحمر، ويجري العمل ضمن إطار قانوني وتنظيمي خاص يتم تطويره وفقًا لأفضل الممارسات العالمية خصيصا له، كما أنّه من المتوقع أن تكون هناك إجراءات سهلة لدخول أغلب جنسيات العالم، إضافة إلى نظام بيئي صارم لضمان حماية الثروات الطبيعية للمملكة، حيث تعمل السعودية بشكل مهني وحيوي على أن يكون مشروع البحر الأحمر، على رأس قائمة أفضل 8 وجهات عالمية للسياحة البيئية، كما أنّها تعمل بشكل عملي على أن يكون هذا المشروع على رأس قائمة أفضل 10 مناطق صديقة للبيئة حول العالم.
وتأتي هذه الاستثمارات الضخمة المعلن عنها حديثًا، عقب الإعلان عن حزمة من الاستثمارات الضخمة الأخرى، منها مشروع منطقة القِدِيّة جنوب غربي العاصمة الرياض، المصمم بأحدث المواصفات العالمية، ويعتبر المشروع الأكبر من نوعه على المستوى العالمي، ولم تتوقف الاستثمارات الجديدة للصندوق السعودي عند المشاريع السياحية والصناعية، بل إنها امتدت إلى الاستثمار في القطاع التكنولوجي، عبر حزمة من الاتفاقيات الضخمة المبرمة مع كبرى صناديق الاستثمار العالمية المتخصصة في هذا المجال، لتحدث بذلك نقلة نوعية على خريطة الاستثمار في العالم أجمع.
أرسل تعليقك