بالحرير الطبيعي والذهب والفضة نسجت دمشق أقمشتها منذ القدم، وألبستها للسلاطين والأمراء والملوك، وعرفت عالمياً بجودتها ودقتها وملمسها، كأقمشة “البروكار”، و “الدامسكو” وغيرها، والتي لا تزال محط أنظار العالم ووجهتهم إلى الآن.
وعرفت دمشق عالمياً بقماش “البروكار” والذي ارتبط باسمها، فقد صنع ثوب زفاف الملكة إليزابيث الثانية “ملكة بريطانيا” من قماش البروكار عام 1947، بعد طلبه بشكل خاص من السفارة السورية في لندن، كما ارتدته ماري أنطوانيت زوجة الملك الفرنسي لويس السادس عشر آخر ملوك فرنسا.
البروكار
هو نوع من أشهر وأفخر الأقمشة الدمشقية العريقة، باهظة الثمن، والمنسوجة يدوياً من خيوط الذهب والفضة والحرير الطبيعي منذ قرون، أتقنه الدمشقيون بشكل منفرد في سوريا وتمكنوا من رسم الزخارف بخيوط زاهية وملونة، واقترن “البروكار” عالمياً باسم “دمشق”.
عرفت دمشق صناعة البروكار منذ القرن الحادي عشر، وكانت تستخدم الخيوط القطنية، إلى أن تطورت تدريجياً فحلت خيوط الحرير الطبيعي محل القطن، وفق كتاب “الحرير في سورية” لكاتبته ريم منصور الأطرش.
في العصر الحديث كان أنطون مزنر ملك البروكار كما يسميه التجار في دمشق، وهو أول من بدأ بترويج صناعة البروكار في دمشق، أسس معمله عام 1890 في باب شرقي شرق دمشق.
وللبروكار أنواع مختلفة بحسب العناصر المستعملة مع الحرير، بألوانه المتعددة بحسب الرغبة، ومنه ما هو مقصب بخيوط ذهبية أو فضية، يعطي الدفء شتاء، والبرودة صيفاً.
يحاك البروكار على “نول خشبي”، من الحرير الطبيعي الذي تنتجه بلدة الدريكيش في محافظة طرطوس من دودة القز، ومن الذهب والفضة، ما يزيده أهمية وجمالاً وارتفاعاً في ثمنه، وعلى مستوى رفيع من الذوق والإلهام، لاحتوائه على رسومات مختلفة بألوان متعددة، كشخصيات بشرية، أو حيوانات، أو نباتات معينة.
كان البروكار يحاك على “نول يدوي” فتطورت صناعته على الآلات الكهربائية، إذ يوجد في دمشق عدد قليل من معامل البروكار لا يتجاوز الخمسة.
مصمم الأزياء التركي إرهان أكشاي، Erhan akçay، وصاحب شركة إيل روزو ( Elrozo ) ، قال لـ”روزنة”: إنه من المهتمين بالأقمشة الدمشقية التي تتمتع بشهرة عالمية وبصورة خاصة “الدامسكو”و “البروكار”.
ورغم الظروف التي تعيشها دمشق فهي لاتزال تصدّر البروكار والأقمشة المشهورة بها إلى تركيا.
يقول أكشاي لـ”روزنة”، إنه يعتمد في تصميماته على البروكار الدمشقي بصورة خاصة، فجمال تصاميمه وألوانه توحي له بتصاميم شرقية بنكهة معاصرة.
ويضيف، أنه “رغم الظروف التي تعيشها دمشق إلا أنه يتمكن بمساعدة أصدقائه السوريين من جلب البروكار من دمشق إلى إسطنبول، في رحلة قد تستغرق نحو 10 أيام، بعد محادثات مصورة تمتد إلى ساعات بينه وبين تجار القماش الدمشقيين بوجود مترجم،الأمر الذي يجعل اختيار الأقمشة عملية صعبة، وبخاصة أنه لا يستطيع لمس القماش بنفسه”.
وأشار أكشاي إلى أن “جودة البروكار الدمشقي ليست موجودة في أي بروكار ينتج في مكان آخر، الأمر الذي يجعل شراءه من دمشق يستحق كل هذه المعاناة، ويبلغ سعر متر القماش بين 50 – 100 دولار بحسب عدد الألوان… حتى الخياطون الأتراك يتمكنون من التعرف على البروكار الدمشقي من ملمسه الحريري وخيوطه الذهبية المميزة”.
الدامسكو
هو نوع من الأقمشة الحريرية يشبه البروكار، ويسمى بـ”الوشي”، أي القماش الموشى بالرسوم، وتأتي النقوش المصنوعة على أنوال يدوية، على أنواع عديدة منها (الأطلس، والثابوري، والهرمزي…).و نقل العرب نسيج “الدامسكو” إلى الأندلس فنسب إلى دمشق.
وتتميز أقمشة الدامسكو عن البروكار بنقشاتها الهندسية أو النباتية الجامدة، والتي لا تعبر عن شخصيات أو تاريخ كما في البروكار، كما تتميز نقشاتها بحجمها الكبير أي مساحة تكرار كبيرة، عكس البروكار والذي يمكن أن تكون رسومه صغيرة ذات تكرار قليل.
هي المنسوجات الحريرية القطنية، تحاك في دمشق على أنوال يدوية، بأشكال مختلفة وأنواع كثيرة ومن أسمائها (الهندية، والمصرية، ومثمنة، ومسننة، وعطافية، والقطنية، وكمخة).
تصنع على أنوال يدوية، وتكون نقشتها على شكل خطوط ملونة طويلة، وتستخدم لصناعة المفارش والتنجيد والعباءات العربية، وفق موقع Uttu Textiles.
الديما
هي أثواب قطنية، وتشبه “الآلاجا”، إلا أنها من قطن، والأخيرة من حرير، وأول من اخترع قماش “الديما” رجل دمشقي اسمه عبد المجيد الأصفر ثم انضم إليه حسن الخانجي.
وهناك من يعتبر قماش “الديما” هو تقليد لـ” الآلاجا” المصنوع من خيوط الحرير والقطن. ولا تزال هذه الصناعة تنسج على الأنوال اليدوية في أحياء دمشق القديمة،
الأغباني
هو قماش خيوطه من الحرير مطرز بالذهب والفضة، نشأ فن صناعة “الأغباني” في مدينة دمشق قبل أكثر من 500 عاماً، واشتهرت به دمشق وحلب، ومن ثم انتقل لبقية المحافظات.
ويصنع من القماش العمائم والشراشف الفاخرة، ويستعمل في الوقت الحالي كأغطية للموائد، يوجد على القماش رسوم مطبوعة، ولكل رسم اسم خاص به مثل “جوكلان، زهر الغريب، الوردة السباعية”.
اليوم يصنع قماش الأغباني من القطن السوري العالي الجودة في ورش مختلفة، المرحلة الأهم هي التطريز التي تقوم بها النساء.
اعتادت العائلات الدمشقية في المناسبات على وضع قماش الأغباني على الطاولات، وكان الضيوف يقولون باللغة العامية “شو فاردين الأغباني؟”، ويجيبهم أصحاب المنزل “فردنا الأغباني لعيونكم”، كنوع من التباهي، ودلالة على أن هذا القماش يحمل خصوصية فريدة.
وتعتبر سوريا من الدول المشهورة بتربية دود الحرير الطبيعي، حيث كانت تحتل سابقاً المرتبة الخامسة من بين دول العالم المتميز بهذا النشاط، بحسب “الإعلام الزراعي في سوريا”.
وتعد الصناعات الحريرية في سوريا كـ” البروكار، والدامسكو، والمقصب” من أفضل الصناعات في العالم، ولا تزال حتى الآن تكتسب شهرة في الأسواق العالمية.
وبلغ إنتاج سوريا من شرانق الحرير عام 1856 ثمانية أطنان، كانت تصدر منها خمسة أطنان إلى مختلف الدول، وتدنى الإنتاج فيما بعد حتى وصل إلى ستة آلاف طن عام 1913،وفي عام 2011 وصل الإنتاج إلى نحو طن واحد.
وتراجع تربية دودة الحرير لأسباب عدة، منها منافسة الحرير الصناعي للحرير الطبيعي، وصعوبة تسويق منتجات الحرير المصنع يدوياً بسبب ارتفاع ثمنه وارتفاع تكلفة إنتاجه، إضافة إلى التوسع في بعض الأشجار المثمرة كالحمضيات على حساب شجرة التوت.
وتعتبر محافظة طرطوس الأولى بتصنيع الحرير، إذ تشتهر بتربية دودة القز، حيث تتركز التربية في “دريكيش، بانياس، صافيتا، الشيخ بدر”، إضافة إلى بعض القرى في ريفي حماة واللاذقية.
كما تعتبر الصين أكبر الدول المنتجة للحرير الطبيعي، ويصل إنتاجها إلى نحو 65 في المئة من إنتاج العالم.
قد يهمك أيضا
الأميرة غريس كيلي تقدّم لكِ تفاصيل اختيار الاكسسوارات الملكية لمناسبة عيد ميلادها
مجلة ألمانية تُعلّق على تنورة دوقة ساسكس وتؤكد أنها تمتاز بطابع يأسر الألباب
أرسل تعليقك