فالنسيا المدينة المُليئة دائمًا بعطر الليمون والبرتقال وتجمع مبانيها عبق التاريخ
آخر تحديث GMT05:21:44
 العراق اليوم -

يبترد صيفها بنسائم الغوطة المحيطة بها وترتدي معطف الدفء في الشتاء

"فالنسيا" المدينة المُليئة دائمًا بعطر الليمون والبرتقال وتجمع مبانيها عبق التاريخ

 العراق اليوم -

 العراق اليوم - "فالنسيا" المدينة المُليئة دائمًا بعطر الليمون والبرتقال وتجمع مبانيها عبق التاريخ

مدينة أوروبية
روما - العراق اليوم

هل تبحث عن مدينة أوروبية تسطع الشمس في سمائها 300 يوم في السنة، وتمتد عند أقدامها شواطئ ذهبية الرمال لا نهاية لها، وتضجّ الحياة فيها بالثقافة والفنون والمأكولات الشهيّة، وتجمع مبانيها بين روائع الطراز الباروكي والهندسة الحديثة من المستوى العالمي... ولا تعاني مثل كثيرات غيرها من زحمة السيّاح الخانقة التي أصبحت كابوساً للمقيمين وللزائرين في الكثير من الوجهات السياحية الأوروبية؟

إذا كان الأمر كذلك فعليك بفالنسيا. موطن الطبق الأشهر في المطبخ الإسباني La Paella، وعروس المتوسط الأخرى التي منذ سنوات تنافس برشلونة على ساحل إسبانيا الشرقي، تعرض كل يوم مفاتن جديدة وتنفض عنها أسمال ذلك اللقب الذي مُنحته منذ خمسين عاماً عندما أعلنها مواطنوها عاصمة للسياحة المضادة، تدور فيها الحياة بهدوء ومن غير زحمة، قريبة من الأماكن والأشياء، يبترد صيفها بنسائم الغوطة المحيطة بها وترتدي معطف الدفء في الشتاء... معطّرة دائماً بزهر الليمون والبرتقال.

تعيش فالنسيا أصخب أيامها كل عام أواسط شهر مارس (آذار) خلال الاحتفال بعيد الأب في واحد من أشهر المهرجانات الشعبية في إسبانيا وأوروبا Las Fallas. ينتهي المهرجان بإحراق عشرات التماثيل الكرتونية التي ترمز إلى أحداث أو شخصيات بارزة خلال السنة التي انقضت، والتي تخرج من محترفات كبار الفنانين والحرفيين الذين يمضون عاماً كاملاً في إعدادها قبل أن تلتهمها ألسنة النار في لحظات.

مع بداية تسعينات القرن الماضي شهدت فالنسيا سلسلة من المشاريع الهندسية والعمرانية الرائدة غيرت وجه المدينة وأعطتها شهرة عالمية، حيث فتحت لها أبواب السياحة على مصاريعها لتصبح إحدى الوجهات الرئيسية في إسبانيا التي يزيد عدد زوّارها منذ سنوات على ضعف عدد السكّان.

أوّل هذه المشاريع كان تحويل مجرى نهر «توريا» الذي يعبر المدينة لمسافة عشر كيلومترات، وتحويل المجرى القديم إلى متنزه شعبي يبدأ بحديقة للنبات والحيوانات، وينتهي عند «مدينة الفنون والعلوم» التي صممها المهندس الشهير سانتياغو كالاترافا. وتعتبر بتصميمها العصري الرائد واحدة من الروائع الهندسية العالمية الحديثة.

 وفي عام 2007، عندما استضافت فالنسيا المسابقة الشهيرة لسباق المراكب الشراعية «كأس أميركا»، تحوّل ميناؤها الرياضي الجميل إلى المحور الجديد للحياة الترفيهية في المدينة حول مبنى «أشرعة ورياح». 

أصبح هو أيضاً من المعالم الهندسية العالمية، علماً بأنه سيستضيف في عام 2022 الأنشطة الرئيسية للاحتفال بإعلان فالنسيا عاصمة عالمية للتصميم. وينتظر أن تستقبل المدينة خلال هذه الاحتفالات عشرات الآلاف من المصممين والمهندسين والفنانين من شتّى أنحاء العالم.

القطب الآخر للأنشطة الترفيهية والثقافية في المدينة هو المبنى الضخم الذي كان في السابق «مصنعاً للثلج» عند أبواب المرفأ القديم، وأصبح اليوم مركزاً ثقافيّاً وفنّياً يضجّ بالحياة والموسيقى يدفع بكثيرين إلى شراء وترميم البيوت القديمة المحيطة به.

وسط المدينة التاريخي يُعدّ من أغنى مراكز الفن المعماري الباروكي في إسبانيا، ترصّعه بعض المباني القوطيّة الطراز. يبرز بينها مبنى سوق الحرير الذي وضعته منظمة اليونيسكو على قائمة التراث العالمي، ويعود بناؤه إلى أواخر القرن الخامس عشر عندما كانت فالنسيا في أوج ازدهارها ومركزاً عالمياً لتجارة الحرير، والدير القديم الذي تحوّل اليوم إلى مركز للثقافة المعاصرة يضمّ معهد الفنون الحديثة الذي انطلقت منه في السنوات الأخيرة إحدى أهم الحركات الفنية في إسبانيا.

لكن الحياة الفنية والثقافية النشطة في فالنسيا ليست مقصورة على الأحياء الجديدة أو الراقية، بل هي منتشرة أيضاً في الأحياء الشعبية التي تمتدّ حتى شاطئ Saler الشهير الذي تطلّ عليه حقول الأرز وبساتين البرتقال المعروف الذي يحمل اسم المدينة.

من المحطات الجميلة التي ينبغي التوقف عندها خلال زيارة هذه المدينة «السوق المركزية»، أحد المباني الكلاسيكية في فالنسيا والتي تُعدّ من أفضل الأسواق القديمة في العالم من حيث هندستها وبنائها الضخم الذي يضيئه النور الطبيعي طوال النهار. 

ويشتهر هذا المبنى بهيكله المعدني الضخم وقببه العالية، وقد تمّ ترميمه للمرة الأخيرة في عام 2016 على يد الفنّان الإيطالي جيان لويجي كولالوتشي، الذي أشرف على ترميم سقف كاتدرائية الفاتيكان. ثم هناك «دير كارمن» الذي يعود بناؤه لمطلع القرن السابع عشر، ويضمّ منذ عام 2017 مركزاً ثقافياً خاصاً ومطعماً يابانيّاً شهيراً يقصده السيّاح بمن فيهم اليابانيون.

الحياة الثقافية والأنشطة الفنّية التي تزخر بها فالنسيا يزيدها جاذبية أيضاً مطبخها المحلّي المميز، خاصة بكل ما يتعلّق بأطباق الأرز والأسماك وثمار البحر... والطبق العالمي الشهرة «الباييا»، التي يستحسن أن يحجم السائح العربي عن الافتخار أمام أهل المدينة بأن هذا الطبق هو عربي الأصل مثل تسميته المشتقّة من عبارة «بقايا»، حيث كان الوجهاء العرب في المدينة يرمون فضلات طعامهم للعامّة التي كانت تستخدمها لتحضير الباييا.

 والسبب في ذلك هو أن هذه المعلومات ليست صحيحة لأن الطبق يعود تاريخه لمطلع القرن الثامن عشر، ولأن في مثل هذا الادعاء ما قد يجرح مشاعر أهل المدينة الذين يفتخرون بتراثهم الأندلسي ومئات العبارات التي دخلت من لغة الضاد إلى مصطلحاتهم في مجالات الزراعة والري. وللراغبين في إتقان تحضير هذا الطبق الذي يتهافت عليه أهل البلاد والزوّار، هناك دروس مخصصة لذلك في أماكن عدة من المدينة.

ولمن يتسّع وقته، لا بد من زيارة إلى المحميّة الطبيعية La Albufera «البحيرة» التي تبعد خمس دقائق عن المدينة وفيها شواهد على نظم الري المتطورة التي انشأها العرب، كالنواعير والقنوات وخزّانات الحصر، ومبنى «محكمة المياه» التي تأسست في العهد الأندلسي وما زالت إلى اليوم المرجع الإداري والقانوني الوحيد لتوزيع مياه الري على مزارع غوطة فالنسيا، ويفتتح دورة نشاطها العاهل الإسباني كل عام.

اقتراح آخر لمن أتيحت لهم الفرصة، هي رحلة على متن مركب شراعي قديم بقبطانه وبحّارته وطهاته، في جولة على البلدان الساحلية الجميلة المحيطة بالمدينة، والتوقّف في بعضها وزيارتها.

وليس أفضل أو أجمل من ختام الزيارة، من الجلوس في أحد المقاهي التي تحيط بميدان النافورة البديع في الوسط التاريخي للمدينة، حيث يتسنّى لك مشاهدة مسرى الحياة الهانئة في ساحة العذراء التي تقوم على أنقاض منتدى روماني محفوفة بمبنى الحكومة الإقليمية «الجنراليتات» من القرن السابع عشر، وكاتدرائية السيدة مريم التي تُعدّ من روائع الفن القوطي الإسباني.

وقد يهمك أيضًا:

قائمة بأفضل الوجهات السياحية المقترحة للسفر في شباط2020

نصائح للاستمتاع برحلة مثمرة في العاصمة البريطانية خلال الشتاء

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فالنسيا المدينة المُليئة دائمًا بعطر الليمون والبرتقال وتجمع مبانيها عبق التاريخ فالنسيا المدينة المُليئة دائمًا بعطر الليمون والبرتقال وتجمع مبانيها عبق التاريخ



أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 22:51 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أمير الكويت يؤكد علي أهمية الاقتصاد وتنويع الدخل

GMT 06:43 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تعلن التحول للطاقة البديلة بحلول عام 2050

GMT 00:58 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أحدث تصميمات ديكورات حدائق المنزل العصرية

GMT 11:09 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

بريطانية منعت الماء منذ 20 عامًا عن شعرها الطويل

GMT 09:20 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

بطلة فنون قتالية تُلقّن لصًا درسًا لن ينساه في البرازيل

GMT 14:15 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البولندي كوبيستا يعود لسباقات فورمولا-1 في 2019 من بوابة ويليامز

GMT 15:36 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

السويسري شاكيري يكشف سبب رحيله عن بايرن ميونخ

GMT 13:21 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

شاكر يؤكّد تنفيذ مصر أوّل محطة نووية في الضبعة

GMT 08:13 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إندونيسيا تعلن تحطم طائرة ركاب في بحر جاوة

GMT 02:55 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على 6 محطات مهمة فى حياة الأميرة شيوه كار
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq