تعهَّد مسؤولون فلسطينيون وفصائل فلسطينية بإسقاط ما يُعرف بـ«صفقة القرن» الأميركية التي يفترض أن يعلن عنها الرئيس دونالد ترمب بعد أيام، محذرين من تجاوز «الخطوط الحمراء»، مؤكدين أن ما وصفوها بـ«المؤامرة» لن تمر، في وقت ذكرت تسريبات أن خطة السلام الأميركية تعطي الإسرائيليين «كل شيء» مقابل النذر القليل للفلسطينيين.
وقالت الرئاسة الفلسطينية، «إن الموقف الفلسطيني «واضح وثابت» من رفض قرارات ترمب المتعلقة بالقدس وغيرها من القضايا و«بكل ما يتعلق بصفقة القرن المرفوضة»، نافية أن تكون الإدارة الأميركية تحدثت مع الفلسطينيين بهذا الشأن «لا بإيجاز ولا بإسهاب»، وذلك رداً على تصريحات لترمب قال فيها إنه تم التحدث إلى الفلسطينيين بشكل جزئي حول الصفقة».
وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني، «نحذّر من أي خطوة أميركية تخالف الشرعية الدولية... في ظل ما تردده وسائل الإعلام ومصادر أخرى حول قرب الإعلان عما تبقى من صفقة القرن الأميركية... وإذا ما تم الإعلان عن هذه الصفقة بهذه الصيغ المرفوضة، فستعلن القيادة عن سلسلة إجراءات نحافظ فيها على حقوقنا الشرعية، وسنطالب إسرائيل بتحمل مسؤولياتها كاملة كسلطة احتلال. نحذّر إسرائيل والإدارة الأميركية من تجاوز الخطوط الحمراء».
وجاء إعلان الرئاسة الفلسطينية قبل أيام من إعلان ترمب لخطته التي طال انتظارها منذ أكثر من عامين. وقال ترمب على متن طائرة الرئاسة الأميركية «إير فورس وان» إنه سيكشف عن خطته للسلام في الشرق الأوسط قبل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن الأسبوع القادم.
وتابع للصحافيين على متن طائرة الرئاسة في طريقه إلى ميامي للمشاركة في حدث سياسي، إن رد فعل الفلسطينيين قد يكون سلبياً في البداية على خطته، لكنه قال إنها ستعود عليهم بالنفع. وأضاف: «إنها خطة عظيمة.. إنها خطة ستحقق النجاح في واقع الأمر». ومن المقرر أن يلتقي ترمب مع نتنياهو ومنافسه بيني غانتس زعيم تحالف «كحول لفان» في البيت الأبيض يوم الثلاثاء.
لكن الفلسطينيين قالوا إنهم سيرفضون حتى الحصول على نسخة من الخطة «التي ولدت ميتة». وقال المسؤول الفلسطيني حسين الشيخ، وهو مقرب من الرئيس محمود عباس: «الصفقة مرفوضة جملة وتفصيلاً وسيقاومها شعبنا وسيسقطها كما أسقط كل مؤامرات التصفية لقضيتنا الوطنية، وحال الإعلان عنها ستجتمع القيادة الفلسطينية وتتخذ القرارات المناسبة مع حجم هذه المؤامرة».
أما أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات فقال: «نريد تذكير المجتمع الدولي: إسرائيل قوة تحتل دولة فلسطين على حدود 1967 (الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة). أي محاولة أو صفقة أو إملاء يتنكر لهذه الحقيقة سيدخل التاريخ باعتباره احتيال القرن».
ولا يحمل الموقف الفلسطيني أي جديد أو تغيير من الخطة الأميركية للسلام منذ القطيعة التي أعقبت إعلان ترمب القدس عاصمة لإسرائيل نهاية العام 2017، لكن الفلسطينيين يجدون أنفسهم أمام مواجهة الواقع الصعب مع إعلان الخطة، وهو أمر يُتوقع أن يشجع إسرائيل على السير في سياستها ضم أجزاء من الضفة الغربية، ما يعني عملياً نهاية الحلم الفلسطيني بإقامة دولة عبر عملية سلمية.
ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية تفاصيل قريبة حول الخطة التي لم يتسن التأكد من صحتها. وقال مسؤول إسرائيلي لقناة 13 العبرية إن الخطة «ستكون مهمة وممتازة لصالح» إسرائيل، وإن لدى تل أبيب الكثير من المعلومات عنها.
وأهم ما نشر في إسرائيل أن الخطة ستعطي إسرائيل الحق بالاحتفاظ بالسيادة في جميع مستوطنات الضفة الغربية التي يزيد عددها على 100، وكلها، باستثناء 15، ستكون في أراض متجاورة. ويعيش حوالي 400.000 يهودي في حوالي 120 مستوطنة رسمية في الضفة. وتقول تسريبات إن الخطة الأميركية المقترحة ستعطي إسرائيل السيادة في جميع أنحاء القدس، بما في ذلك البلدة القديمة، مع «تمثيل فلسطيني رمزي» فقط في القدس.
وبحسب التسريبات عن الخطة فإنه لا دور للفلسطينيين في السيطرة على الحدود، بل ستبقى السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة في غور الأردن، وتحتفظ إسرائيل بالسيادة في جميع «الأراضي المفتوحة» في «المنطقة C» في الضفة الغربية، إضافة إلى قبول جميع المطالب الأمنية الإسرائيلية، وإجراء بعض التبادلات المحدودة للأراضي التي يتم فيها تبادل السيادة الإسرائيلية الموسعة في الضفة مقابل الحصول على تعويض إقليمي بسيط في النقب، واستيعاب طفيف محتمل للاجئين الفلسطينيين في إسرائيل، بينما ليست هناك تعويضات محددة للاجئين، بحسب التسريبات ذاتها.
وإذا قبلت إسرائيل الصفقة ورفضها الفلسطينيون، فإن إسرائيل ستحصل على دعم الولايات المتحدة للبدء في ضم المستوطنات من جانب واحد.
وجاء في التسريبات عن الخطة أنه سيتم منح الفلسطينيين دولة خلال 5 سنوات، ولكن فقط إذا تم تجريد غزة من السلاح، وتخلت حركة «حماس» عن أسلحتها، واعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة يهودية عاصمتها القدس.
لكن الفلسطينيين والإسرائيليين بدأوا الاستعداد لتداعيات محتملة صعبة على الأرض. وقال مسؤول المكتب الإعلامي في حركة «فتح» منير الجاغوب: «إنها مرحلة استعمارية جديدة تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل إلى فرضها».
وأكد عضو المجلس الثوري لحركة «فتح»، أسامه القواسمي، أن أي خطة «تتعارض مع حقوق شعبنا الفلسطيني، والتي كفلتها الشرعية الدولية، مصيرها الفشل، وستسقط كسابقاتها من المشروعات المشبوهة». وتابع بأن «حقوقنا واضحة لا لبس فيها، وتتمثل بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، والمعترف بها في الأمم المتحدة بعاصمتها القدس، وتطبيق القرارات الأممية ذات الصلة بقضيتنا».
وتعهدت حركة «حماس»، من جهتها، بمواجهة الصفقة، وقالت إن أي «مشروع ينتقص من حقوقنا الكاملة بأرضنا ومقدساتنا لن يمر، وكل محاولات تمرير هذه الصفقة سيتحطم على صخرة مقاومة شعبنا وصموده».
قد يهمك أيضا :
بَدء مباحثات السلام في جنوب السودان برئاسة محمد حمدان بعد تمديد إعلان جوبا
حميدتي يلتقي رئيسة لجنة الأمم المتحدة للعقوبات
أرسل تعليقك