رئيس المجلس التأسيسي التونسي (يسار) ورئيس الحكومة (وسط) ووزير الخارجية (يمين)
تونس ـ أزهار الجربوعي
أكدت مصادر تونسية مطلعة لـ"العرب اليوم"، الجمعة، أن حزب "التكتل" بزعامة رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، "اشترط تغيير وزيري الخارجية رفيق بن عبد السلام والعدل نور الدين البحيري"، كي يبقى في الائتلاف الحاكم "الترويكا"، ما دفع حركة "النهضة"، إلى "التلويح بإمكانية عزل
بن جعفر من موقعه، وفي حين أكد رئيس الحكومة حمادي الجبالي أنه "سوف يكشف العديد من الحقائق، بشأن فشله في إجراء التعديل الوزاري"، التزمت حركة "النهضة" بتحديد 22 كانون الثاني/ يناير الجاري موعدًا نهائيًا للإعلان عن التعديل الوزاري.
وصرح الناطق الرسمي باسم "التكتل" محمد بنور لـ"العرب اليوم"، أن "المكتب السياسي للحزب واصل انعقاده حتى ساعة متأخرة من مساء الخميس بدعوة من الأمين العام مصطفى بن جعفر، وقرر الإبقاء على أشغاله ومفاوضاته مفتوحة، مشددًا على أن جميع الاحتمالات واردة ومطروحة، بما في ذلك الانسحاب من الحكومة".
وأكد بنور، أن "انسحاب (التكتل) من الحكومة يبقى رهن تقدم المشاورات، وجدية حركة النهضة، بشأن التعديل الوزاري"، لافتًا إلى أنه "تم تزويد أعضاء الحزب في (الترويكا)، المشاركين في المشاورات بضروريات المرحلة، والتي يؤمن بها التكتل على غرار تشكيل حكومة مصلحة وطنية، وإحداث الوقع الإيجابي المطلوب لتحقيق شراكة فعلية".
وأشار بنور، إلى أن "قرار عقد اجتماع المكتب السياسي للحزب جاء بعد مشاورات داخلية واستجابة للمصلحة العليا للوطن"، مشددًا على أن "التكتل" يسعى من خلال التعديل الوزاري المرتقب إلى "طمأنة الرأي العام، وفتح صفحة جديدة في هذه المرحلة الحاسمة التي لم يعد يفصلها على الانتخابات التشريعية المقبلة سوى 5 شهور".
وفي سياق متصل، كشفت مصادر مطلعة لـ"العرب اليوم"، أن حزب "التكتل" ربط بقاءه في الائتلاف الحكومي بـ"ضرورة تغيير وزيري العدل نور الدين البحيري، والشؤون الخارجية رفيق عبد السلام، إلا أن الحزب الحاكم أبدى استماتة في التمسك بوزارات السيادة، التي طالب التكتل بتحييدها، إلى جانب الدعوة إلى فصل إدارة الجماعات المحلية والجوانب الإدارية عن وزارة الداخلية وتخصيص كتابة دولة تُعنى بها".
وتخشى حركة "النهضة" الإسلامية، أن يتخلى عنها شركاؤها في الـ"ترويكا" الحاكمة، خاصة بعد التحاق "التكتل" بحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، الذي هدد أمينه العام محمد عبو بالانسحاب من الحكومة إذا لم يتم فتح ملفات الفساد بصورة عاجلة، وإجراء تعديل وزاري حقيقي، إلى جانب المطالبة بإشراكه في القرارات الهامة.
وبرزت أولى ردود الأفعال تجاه قرار حزب "التكتل"، في تصريح صدر عن رئيس مجلس شورى "النهضة" فتحي العيادي، الذي اعتبر أن خروج حزب "التكتل" لن يربك الحركة، قائلاً:" منْ يريد الخروج من الحكومة يجب أن يفكر أيضًا في ترك المنصب الذي يتولاه"، في إشارة إلى رئاسة المجلس التأسيسي. ويشكل هذا التصريح تهديدًا مباشرًا بعزل الأمين العام لـ"التكتل" مصطفى بن جعفر عن رئاسة البرلمان التونسي، وسحب الثقة منه.
وقال العيادي، إن "فكرة الائتلاف السياسي قوية في الساحة السياسية التونسية، ومن غير السهل التنازل عنها"، مشيرًا إلى "اللجوء إلى خيار الحوار السياسي الموسع مع شركاء سياسيين آخرين، في صورة انسحاب التكتل"، فيما أكد أن "النهضة" متمسكة بوزارات السيادة ولن تتنازل عنها.
من جانبه، كشف رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي علمه المسبق بنية أعضاء "التكتل" الانسحاب من تشكيلة الحكومة، قائلاً:" إنه من الديمقراطية احترام آرائهم لكن حاليًا مازالت المشاورات جارية"، لافتًا إلى أن "التعديل الوزاري المرتقب منذ فترة طويلة مازال في طور النقاش"، وأنه سوف يقوم شخصيًا بـ"مصارحة الشعب التونسي بعدة حقائق بشأنه إن لم يتم التوصل إلى توافق نهائي".
ورغم ثبات الأعصاب الذي ظهر عليه قياديو حركة "النهضة"، إلا أن تهديد "التكتل" بالانسحاب من الحكومة أتى ثماره منذ الدقائق الأولى لهذا الإعلان، بعد أن التزمت حركة "النهضة" بتحديد 22 كانون الثاني/ يناير الجاري موعدًا نهائيًا للإعلان عن التعديل الوزاري.
وفي سياق متصل، أشار عضو المكتب السياسي لـ"التكتل" جلال بوزيد إلى "إمكانية تنازل الحزب عن بعض الحقائب الوزارية"، فيما أشارت تسريبات أولية من داخل "الترويكا" إلى "الاقتراب من سحب وزارات: السياحة، والتربية، وكتابة الدولة للداخلية من حزب التكتل، من أجل العمل والحريات، الذي يصر على تطعيم الحكومة بشخصيات وكفاءات وطنية مستقلة". وقد تكون هذه الخطوة نوعًا من العقاب المسلط على التكتل بعد إطلاقه تهديدات بالتخلي عن ائتلاف "الترويكا" الحاكم, رغم أن قادته رفضوا التعليق عن هذه التسريبات.
أرسل تعليقك