تحاصر منذ يومين قوات عسكرية بضعة منازل في قرية بمدينة الناصرية جنوب العراق، تشير المعلومات إلى أن عناصر من منظمة بدر بقيادة هادي العامري متورطون في عمليات اغتيال واختطاف ضد نشطاء في التظاهرات يختبئون فيها، وعلى رأس هؤلاء الناشط سجاد العراقي.
ومنذ انطلاق التظاهرات العراقية في أكتوبر 2019، لعبت الميليشيات أدوارا مفصلية في مساعي السيطرة على الأوضاع وتولت زمام القيادة من حكومة عادل عبدالمهدي الذي أجبره المحتجون على الاستقالة.
ومن بين أهم الأساليب التي اتبعتها الميليشيات العراقية التابعة لإيران للسيطرة على الأمن وتفكيك الاحتجاجات، الاغتيالات والاختطاف والتغييب القسري، التي طالت العشرات من النشطاء والصحافيين والمدونين والشبان.
وجرت في الناصرية عمليات كر وفر بين المحتجين والميليشيات منذ العام الماضي، وهي مستمرة حتى الساعة، آخرها ما حدث السبت.
وبدأت التطورات من قيام أشخاص بملاحقة اثنين من النشطاء المؤثرين في احتجاجات الناصرية، التي توصف بأنها الأشد وقعا على الأحزاب والميليشيات التابعة لإيران، بعد بغداد. وفتح المطاردون النار على الناشطين، وجرحوا أحدهما، واختطفوا الآخر واقتادوه إلى مكان مجهول.
وبدلا من أن يؤدي هذا الاعتداء الإجرامي إلى إخافة المتظاهرين ودفعهم نحو منازلهم، تدفقت الجموع على الشوارع الرئيسية في الناصرية وقطعت أبرز الطرق وحاصرت العديد من المقرات الحكومية، مطالبة بإطلاق سراح الناشط المختطف “سجاد العراقي”.
وعبّر المحتجون عن قلقهم الشديد على مصير سجاد، الذي أُغلق حسابه في فيسبوك بعد اختطافه بساعات. ولم تمر أكثر من 24 ساعة على اختطافه، حتى تداولت وسائل إعلام محلية وعربية أنباء عن تحرير سجاد العراقي، لكنها لم تكن دقيقة.
وتجمعت خيوط عديدة في قضية سجاد بشكل غير معهود في قضايا الاغتيال والخطف المتعلقة بالتظاهرات، إذ قالت مصادر استخبارية إن دلائل حاسمة تؤكد تورط قيادي في منظمة بدر بزعامة هادي العامري في هذه العملية.
وتدخلت بغداد عاجلا في التحقيقات، إذ كلف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة، “قوة من جهاز مكافحة الإرهاب للتوجه إلى محافظة ذي قار، (مركزها الناصرية) مسنودة بطيران الجيش للبحث عن المخطوف وتحريره وإنفاذ القانون بالخاطفين وتقديمهم للعدالة”.
ووجّه الكاظمي “قيادة العمليات المشتركة بإجراء فوري للبحث عن الناشط المدني سجاد العراقي”.
وقادت التحقيقات إلى الكشف عن أن شخصا يدعى “سهيل”، وهو قيادي في منظمة بدر، خطط ونفذ بمعية آخرين عملية اغتيال ضد ناشط واختطاف آخر في الناصرية.
وكشفت المصادر أن “مكتب الكاظمي نقل معلومات مؤكدة لهادي العامري زعيم منظمة بدر عن مشاركة عناصر تابعين له في ملف الاختطاف، فنفى صلته بهم”، مشيرة إلى أن “العامري تلقى استفسارات على المستوى السياسي أيضا، بسبب الضجة الكبيرة التي تسببت بها عملية اختطاف سجاد”.
وتقول المصادر إن “بدر تدفع نحو توريط قبيلة المتهم في مواجهة مع الأجهزة الأمنية، لتحويل الملف إلى نزاع عشائري”، على أمل التغطية على فضيحة تورط المنظمة في عمليات الاختطاف والاغتيالات الشائعة ضد النشطاء في جنوب العراق.
وتقول مصادر إن الأجهزة الأمنية حددت مكان احتجاز سجاد ومكان اختباء خاطفيه، مؤكدة أن الموقعين يخضعان لحصار أمني مشدد.
وربما اختارت منظمة بدر قرية ذات طابع عشائري شديد الالتزام لتكون مخبأها في هذه العملية، حتى تستفيد من الغطاء القبلي، وهو ما يحدث فعلا الآن. وقال ساسة تحدثوا مع زعيم منظمة بدر إن العامري نفى صلة المتورطين في عملية الاختطاف به، لكن شهادات تدحض هذا المزاعم.
وذكّرت عملية اختطاف سجاد العراقي بحالات الاختطاف والاغتيال التي شهدتها الناصرية ومدن أخرى ضد العشرات من النشطاء، فيما ربطها مراقبون بسجل منظمة البدر الحافل في ملف الاغتيالات، ولاسيما ضد طياري الجيش العراقي السابق، بسبب مشاركتهم المؤثرة في الحرب العراقية الإيرانية خلال ثمانينات القرن الماضي.
ويقول مراقبون إن هذه العملية قد تكون المدخل لفضح النشاط الإرهابي الذي مارسته الميليشيات العراقية التابعة لإيران ضد حركة الاحتجاج الشعبية التي تطالب بالإصلاح والقضاء على المفسدين، وقدمت نحو 700 قتيل وقرابة 20 ألف جريح، من دون أن تحقق كامل مطالبها، أو تتوقف، برغم مرور عام كامل عليها.
قد يهمك أيضًا
كمين يطيح قيادياً «داعشياً» قبيل تسلمه {منصباً} في بغداد
الحشد الشعبي يفكك عبوة ناسفة جنوب الموصل
أرسل تعليقك