بغداد - العراق اليوم
شهدت محافظتا النجف وذي قار، امس الاول الأربعاء، الكشف عن 3 حالات "انتحار" لرجال شنقًا وحرقًا.
وأعلنت مديرية الدفاع المدني في النجف، انتحار أحد المواطنين، شنقًا في منطقة حي العسكري. وقال الناطق الإعلامي باسم المديرية علي تويج في بيان، إن "أحد المواطنين انتحر شنقًا في منزله في حي العسكري شمالي المحافظة، عبر تعليق نفسه بحبل". وأضاف، أن "فرق الإنقاذ تباشر بإنزاله وتسليمه للجهات المختصة"، موضحًا أن "المواطن يبلغ من العمر 45 عامًا". كما بين، أن "القوات الأمنية وصلت إلى مكان الحادث بعد إبلاغ الجيران، وأن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الرجل شنق نفسه قبل 5 أيام". من جانبه، قال ضابط في شرطة محافظة ذي قار إن "رجلًا في العقد الخامس من العمر، أقدم على إضرام النار في نفسه شمالي محافظة ذي قار، ما أدى إلى وفاته بالحال". وقال الضابط الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، 27 أيار/مايو، إن "مركز شرطة الفتاحية في قضاء الشطرة تلقى بلاغًا باندلاع حريق في أحد المنازل ضمن حي العسكري، وعند وصول قوة من الشرطة عثرت على رجل قد فارق الحياة إثر حروق بالغة".
وبين، أن "التحقيقات الأولية تشير إلى أن الرجل أضرم النار في جسده، إثر أزمة نفسية يعاني منها منذ وفاة زوجته قبل عامين"، فيما أوضح أن ذات المنطقة شهدت "حالة انتحار" لرجل آخر حيث تواصل فرق الشرطة التحقيق في الحادثتين. وتؤكد تقارير ان فترة الحجر المنزلي بسبب جائحة كورونا شهدت العديد من حالات الانتحار فضلا عن حالات العنف المنزلي التي ازدادت بنسبة 50% في بعض الاماكن حسبما اوردته وكالة فرانس برس وعلى لسان مدير الشرطة المجتمعية العميد غالب العطية .. كانت البداية مع حكاية ملاك الزبيدي من محافظة النجف التي اشعلت النار في جسدها بسبب ماتعرضت له من عنف من قبل زوجها واهله والتي تحولت الى قضية رأي عام ودفعت المنظمات النسائية والمختصين الى المطالبة بالاسراع في اقرار قانون العنف الاسري، ثم توالت بعدها حالات انتحار متنوعة ما بين فتاة بعمر 17 عاما شنقت نفسها في محافظة ذي قار باستخدام وشاحها واخرى في حي العامل في بغداد وبنفس الطريقة، فضلا عن عدة محاولات للانتحار غرقا تم انقاذ بعض المقدمين عليها بينما توفي البعض الآخر، كما اشيع عن انتحار رجل في السليمانية بعد قتل زوجته بسبب الفقر في ظل الحجر الصحي وانتحار شاب في محافظة المثنى، وانتحار آخر في اربيل بعد قتل ابنته وزوجها من دون معرفة الاسباب، عدا الحالات التي لم يعلن عنها لأسباب اجتماعية .. وترى الاعلامية الدكتورة راوية هاشم تعليقا على انتحار الشابة ملاك الزبيدي والاخريات ان على المرأة ان تفكر بتعقل قبل الاقدام على قرار كالانتحار، لأنها ستظل مذنبة في حق نفسها وفي نظر المجتمع، كما ان من حق المعنفة ان ترفع قضية على زوجها وتطلب الطلاق فلا أحد بمنأى من المشاكل على اختلافها وقد عانت امهاتنا وجداتنا من متاعب لاحصر لها ولم يقدمن على الانتحار بل واصلن الحياة بصبر وحكمة .. في الوقت الذي ترى فيه الاعلامية ايمان حميد ان للانسان طاقة لما يتحمله من الألم والتعنيف، ومن تصل الى حد احراق او شنق نفسها فلا بد انها على حافة الانهيار العصبي والاسباب كثيرة فقد يكون الزوج او الاخ او الاب سكيرا او يتعاطى المهدئات ويتعامل مع المرأة بطريقة الضرب المبرح، مشيرة الى ان ما حدث هو اشبه بصرخة نسوية للمطالبة بالاسراع باقرار قانون مناهضة العنف الاسري .. من جهتها، تؤكد المحامية طيبة التميمي ان مشروع قانون العنف الاسري مطروح على طاولة مجلس النواب منذ ايلول عام 2019 ولم ينظر به حتى هذه اللحظة على الرغم من انه سيعيد التوازن للاسرة العراقية ويحافظ على النسيج المجتمعي من التفكك . وتؤيد الناشطة ذكرى سرسم ان القانون لا يخص المرأة وحدها بل جميع افراد الاسرة متمنية ان تحظى هذه القوانين بأولوية لدى السلطة التشريعية في العراق حفاظا على كيان الاسرة والمجتمع العراقي من ظواهر العنف الاسري وبالتالي الانتحار في بعض الحالات .. من الجدير بالذكر ان وزارة الداخلية اعلنت خلال فترة الحظر الصحي عن خطها الساخن (39) لاستقبال الشكاوى كافة للتقليل من حالات العنف الاسري والتعامل مع القضايا الاسرية بمهنية عالية .. واذا كان العنف الاسري والتقاليد القبلية والحرمان هو مايقف وراء انتحار النساء في العراق، فما هو السبب في تزايد المنتحرين من الرجال ايضا؟! ترى الناشطة وفاء العزاوي ان الحجر المنزلي الذي فرضته ازمة فايروس كورونا ادى الى تزايد حالات الانتحار لتزايد الضغط النفسي والعوز والاحساس باليأس خاصة وان الحكومة لم تعمل على حل مشكلة توقف العديد من اصحاب الاعمال الحرة عن العمل بسبب الحظر ما انعكس سلبا على حياة الاسر العراقية ..
من الجدير بالذكر ان مفوضية حقوق الانسان قد وثقت في العام الماضي 725 حالة ومحاولة انتحار في جميع المحافظات العراقية، وتوزعت حالات ومحاولات الانتحار بين الذكور والاناث على التوالي: 346،379، كما مثلت الفئة العمرية (19-27) عاما النسبة الاكبر بين حالات ومحاولات الانتحار، تلتها الفئة (33-40)، وقد تم توثيق هذه الارقام بالتعاون بين المفوضية ووزارة الداخلية ووزارة الصحة ومجلس القضاء.
القضاء من جانبه ابدى رأيه في هذه الحوادث حيث قاضي محكمة جنايات الكرخ حيدر جليل البيراوي ذكر أن "حالات الانتحار الواردة اغلبها بسبب العوز المادي الذي تفاقم في الفترة الأخيرة بسبب الظروف الاقتصادية والأمنية وكذلك بسبب التركيب المجتمعي الهش". ويلفت إلى أن "الاسباب التي تدفع النساء في الغالب إلى الانتحار هي التضييق الأسري والعنف الذي تتعرض له النساء سواء من الزوج أو الأب أو الأخ، فالاعتداء بالضرب والاضطهاد يؤدي إلى الانتحار أو يعتبر من عوامله ولكلا الطرفين نساء او رجال".
ويضيف قاضي محكمة جنايات الكرخ أن "التضييق من قبل الزوج أو الأهل على الفتيات من أهم عوامل الانتحار المرصودة حاليا وكذلك بعض الأعراف الاجتماعية أو حرمان الفتيات من التعليم أو التواصل المجتمعي وكذلك مع دخول مواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) او متابعة برامج تلفزيونية وكثير من الأسباب الحياتية كانت واردة في الحالات المعروضة أمام قضاة المحاكم". ويلفت قاضي محكمة الجنايات إلى أن "الأحداث وعمرهم الصغير هم عرضه سهلة إلى التحريض او تنفيذ حالات الانتحار خاصة الفتيات القاصرات ممن يتم تزويجهن بأشخاص غير أكفاء لهن بالعمر، أو غير مناسبين اجتماعيا فتكون هذه الزيجة من الأسباب المؤدية إلى الانتحار ناهيك عن التغرير بهن وابتزازهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومساومتهن لاستخدام التكنولوجيا بشكل غير صحيح ما أدى إلى وقوعهن فريسة الابتزاز ما يشكل الانتحار ردة فعل في هذه القضايا وهو على هذا الصعيد أحدث الأسباب".
ويتفق معه بالقول القاضي صهيب أديب مرجان قاضي محكمة تحقيق الكرخ، مضيفا أن "العديد من الشكاوى ترد إلى محاكم التحقيق تظهر فيها التحقيقات أن جريمة الانتحار تمت بتحريض او تكون جريمة قتل عمد لكن التحقيقات تبين نوعيتها وبطبيعة السياق القانوني تحال إلى المحاكم المختصة لاسيما محاكم الجنايات". من جانبه ، يرى الخبير القانوني فيصل ريكان ان اساليب العنف في التربية والتأديب والعقاب الجسدي قد تؤدي الى نتائج معكوسة وتكون نتائجها مخالفة لما اريد لها ان تحقق من اهداف، فاذا استخدمت ضد التلميذ فان الدراسات اثبتت ان العقاب الجسدي المستخدم ضد التلاميذ يؤدي الى تدني مستوياتهم الدراسية واذا استخدمت ضد الزوجات والبنات زاد العنف من تمردهن على الاب وقد يؤدي في حالات كثيرة الى الانتحار، ويناشد ريكان الاسر العراقية بمراجعة اساليب التربية مع مطالبة الحكومة بتشريع قوانين تحمي حقوق الانسان وخصوصا المرأة والطفل.. ويؤكد طبيب من قسم الطوارئ رفض ذكر اسمه ان المستشفى الذي يعمل فيه استقبل عدة محاولات انتحار خلال فترة الحجر المنزلي تنوعت اسبابها ما بين العنف الاسري والبطالة والفقر، مشيرا الى ضرورة معالجة هذه الظاهرة عبر تشريع قوانين تكفل حماية الاسرة من العنف وتضمن العيش الكريم للمواطن.
قد يهمك ايضا
تحالف "الوطن اولاً" يدعو وزارة الداخلية إلى الاستعانة بأبناء المحافظات المحررة في الملفات الأمنية
العراق يعلن أنّ مرحلة احتواء وانحسار فيروس "كورونا" بدأ في البلاد
أرسل تعليقك