اتهم رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، جهات لم يسمها، بممارسة تخريب منظم و«مقصود» لاقتصاد البلاد، عن طريق المضاربة في العملات والذهب، ما أثر على سعر صرف الجنيه، واعترف بوجود خلافات وضعف في أداء الحكومة الانتقالية والتحالف الحاكم، ووعد بتجاوزها بالحوار والتوافق على برنامج حد أدنى يعالج قضايا البلاد.
وقال حمدوك، في مقابلة بمناسبة مرور عام على الحكومة الانتقالية، بثتها الإذاعة السودانية، أمس، إنه أتى للمنصب بإرادة شعبية، وإن هذه الإرادة التي تبقيه في منصبه، وأضاف: «لو طلب مني الشعب التنحي، سأسلم السلطة لمن يختاره الشعب على الرحب والسعة»، وأوضح أن أمام السودانيين فرصة تاريخية لإنجاز مشروع وطني يعقب التغيير المشهود الذي أحدثته الثورة الشعبية.
ووصف رئيس الوزراء، علاقات السودان الخارجية، بأنها شهدت تطوراً مضطرداً مع كل دول العالم والمنطقة، بسبب الجهود الحكومية لإنهاء القطيعة والعزلة التي فرضت على البلاد نتيجة لسياسات النظام المعزول، وتابع: «استطعنا تأسيس علاقات تمضي بصورة جيدة مع الأشقاء العرب»، مشيراً إلى استضافة المملكة العربية السعودية مؤتمر أصدقاء السودان الذي عقد هناك الأيام الماضية لبحث تطور عملية السلام في البلاد.
ولم يخف حمدوك، في المقابلة، وجود صعوبات وضعف في أداء الحكومة وداخل تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، الذي يقود الحكم، بقوله: «هنالك خلافات وتحديات تواجهنا، ونسعى لتجاوزها عبر الحوار، وبالتوافق على برنامج حد أدنى لمعالجة قضايا المرحلة الانتقالية».
وبث حمدوك رسالة موجهة لـ«لجان المقاومة» الذين أطلق عليهم «حراس الثورة»، بفتح أبواب الحكومة أمامهم، وقال: «لقاء الحكومة لا يحتاج إلى مظاهرات، فأبوابها مفتوحة للحوار مع كل قطاعات الشعب»، وتابع: «رسالتي لشباب المقاومة: نحن في مركب واحد، وإذا غرقنا سنغرق جميعاً»، وذلك في إشارة للمواكب الاحتجاجية الأخيرة التي شهدتها البلاد.
من جهة ثانية، وصف رئيس الوزراء الشراكة بين المدنيين والعسكريين في السلطة الانتقالية بالمهمة، وأنها ضرورية لتحصين الانتقال والمحافظة على وحدة البلاد، ومنعها من الانزلاق في آتون الحرب الأهلية.
ونوه حمدوك للمساعي المبذولة لتحقيق السلام، وقال: «حركات الكفاح المسلح ساهمت في التغيير الذي شهدته البلاد، ونحن على تواصل مباشر وغير منقطع مع كل قادة الفصائل المسلحة، بما فيها الحركات غير المنضوية في عملية التفاوض الحالية».
واتهم حمدوك النظام المعزول بالتسبب في الصراعات القبلية والتفلتات الأمنية في مناطق عديدة بالبلاد، خلال الفترة الماضية، وبإثارة النعرات القبلية والإثنية والجهوية، ووعد بحفظ الأمن وأرواح المواطنين، وتابع: «حفظ الأمن وأرواح المواطنين أمر مطلوب ولا بد منه، لكن علينا مخاطبة جذور هذه الصراعات»، وأضاف: «معالجة مثل هذه الظواهر، ووضع حد لها، يساهم بلا شك في السلام، ويحافظ على الاستقرار، وجبر الضرر، وتحقيق العدالة الانتقالية، ومعالجة المظالم التاريخية».
وتبرأ من دعاوى تتحدث عن رضوخ الحكومة لـ«روشتة البنك الدولي»، وقال: «البرنامج الاقتصادي للحكومة الانتقالية، وصفة سودانية خالصة تخاطب الإشكالات الاقتصادية في البلاد»، وعزا تراجع سعر صرف الجنيه السوداني، وتدني قيمته، إلى مضاربات في أسعار الدولار والذهب، إلى عمليات تخريب منظم ومقصود تقوم بها جهات، لم يسمها، لخلق الندرة.
وتابع: «تلك الجهات تشتري الذهب بفارق أكثر من 10 في المائة عن السعر العالمي»، ما أدى لانخفاض قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وفي الوقت ذاته نفى بشدة ما يتردد من إشاعات عن شراء الحكومة للدولار من السوق الموازية «السوداء»، وتابع: «هم الحكومة الأول والأخير معالجة معاناة المواطنين من غلاء المعيشة بسبب ارتفاع الأسعار».
وأوضح أن الحكومة الانتقالية استلمت خزينة فارغة من العملات الأجنبية عقب سقوط نظام البشير، وورثت اقتصاداً فيه تشوهات هيكلية، وديوناً خارجية تجاوزت 60 مليار دولار، ما يستوجب العمل مع المؤسسات الدولية لتخفيفها.
وحسب رئيس الوزراء، فإن الحكومة تدعم 8 سلع أساسية، بقيمة تبلغ نحو 2 مليار جنيه، تتضمن دقيق الخبز والدواء والكهرباء، وأنها بدأت الرفع التدريجي لدعم الوقود والمحروقات، مؤكداً على ما جاء في خطابه 21 أغسطس (آب) 2019 غداة توليه منصبه، باتباع سياسة اقتصادية لا تقوم على العطايا والهبات، بل على زيادة الإنتاج والإنتاجية، وربط القطاع الزراعي بالقطاع الصناعي، لخلق المزيد من فرص العمل للعمالة المدربة.
وأعلن أن «أبواب الحكومة» مفتوحة لجميع أبناء الشعب السوداني، مشيراً إلى استجابتها لمطالب الشارع بخطواتها في تعيين الولاة المدنيين والتعديلات الوزارية الأخيرة، بالإضافة إلى التغييرات التي أجريت في قوات الشرطة.
ونفى حمدوك علاقة حكومته بتأخر تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، وقال إن الجهاز التنفيذي لا علاقة له بذلك، وإن تشكيله من صميم تحالف «قوى الحرية والتغيير»، بيد أنه على استعداد للمساعدة في تسهيل التشكيل، في وقت أعلن فيه عن مشاورات بين حكومته والتحالف الحاكم لتعيين الوزراء مكان الوزراء المكلفين، وقال: «نحن في انتظار ترشيحات قوى التغيير».
ووصف حمدوك مشاركة المرأة في السلطة على مستوى الوزارات المركزية وحكام الولايات، بأنها غير مرضية، بيد أنه تعهد بإتاحة المشاركة الواسعة للنساء في حكومات الولايات، وذلك لدورهن المشهود في الثورة التي أطاحت حكومة الرئيس المعزول عمر البشير.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
البشير يؤكد أن علاقات السودان الخارجية في أحسن حالاتها
حمدوك يُعلن موقفه من المفاوضات حول ملء "سد النهضة" الإثيوبي
أرسل تعليقك