القاهرة - سهام أحمد
اجتمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء كندا جاستن ترودو على هامش قمة مجموعة السبع، أخيراً. وبينما ناقش الجانبان قضايا التجارة الثنائية، لم يجر التطرق، على ما يبدو، إلى الشجار الأخير بينهما بشأن منتجات الألبان.
وبغض النظر عن ذلك، كانت أوضاع اتفاقية منطقة التجارة الحرة لأميركا الشمالية الـ"نافتا"، تلوح في الأفق بالنسبة للبلدين، حيث المسألة أكبر بكثير من مجرد الألبان أو الخشب في الميزان. وقد أخطرت إدارة ترامب الكونغرس رسمياً في 18 مايو/أيار أنها ستبدأ مفاوضات مع كندا والمكسيك لتحديث اتفاقية النافتا، مما أطلق العد التنازلي للجولة الرسمية الأولى من المفاوضات خلال 90 يوماً. وتتوقع الإدارة أن تُعقد أولى تلك المباحثات ما بعد 16 أغسطس/آب.
ويراقب قادة الزراعة في الولايات المتحدة عن كثب الجهود الرامية إلى تغيير اتفاقية النافتا التي تأسست منذ 23 عاماً، والتي يزعم بعضهم أنها غير عادلة بالنسبة لمنتجي الألبان الأميركيين ومزارعي المحاصيل الطازجة، فيما لا يوافقهم الرأي آخرون مشيرين إلى أن منافع الاتفاقية تشمل زيادة إجمالية لهذه التجارة، ورفع الطلب على منتجات اللحوم والذرة والعنب ومشتقاته في كاليفورنيا.
وكان ترودو قد صرح على هامش اجتماع مجموعة السبع: أنه تحدث مع ترامب بشأن مجموعة واسعة من القضايا، مدرجاً قائمة تشمل الخشب اللين والطيران والصلب، لكنه لم يذكر تجارة الألبان. وفي بيان من مكتب ترودو، أكد الزعيمان مجدداً التزامهما بأعمق الشراكة الاقتصادية في العالم، وقالا إن التجارة بينهما تعمل على دعم الوظائف على جانبي الحدود وعلى نمو الطبقة الوسطى، وأن قيمة التجارة بين البلدين في عام 2016 كانت تقدر بحوالي 882 مليار دولار.
وفي الخلفية، هناك مخاوف بشأن ما إذا كانت أميركا الشمالية ستبقى معقلاً للتجارة الحرة أم لا. فقد أصدر مجلس منتجي اللحوم ورقة بيضاء بشأن منافع "النافتا"، وأشار إلى أن المكسيك هي ثاني أكبر سوق تصديري للحوم الأميركية، وأن كندا هي رابع أكبر سوق لأميركا منها. وأفادت الورقة: "أن تعطيل الصادرات الزراعية الأميركية للمكسيك وكندا ستكون له عواقب مدمرة على مزارعينا والعديد من الصناعات التصنيعية والنقل الأميركية وعلى العمال الذين يعتمدون على تلك الصادرات".
بيد أن ترامب بقي ثابتاً في انتقاده للنافتا، وقال في أبريل: «الواقع هو أن النافتا، سواء من جانب المكسيك أو كندا، تشكل كارثة على البلاد»، لكن كندا والمكسيك شكلتا أول وثاني أكبر سوق خارجي للسلع الأميركية في عام 2016.
الصادرات إلى كندا وصلت إلى حوالي 266 مليار دولار في عام 2016، والى المكسيك 231 مليار دولار. ويقول كريستوفر ثورنبرغ، الشريك المؤسس لـ "بيكون ايكونوميكس" في لوس انجليس: "تعد كندا الشريك الأكبر إلى حد بعيد، ونحن فعلاً نستورد من المكسيك أكثر مما نصدر".
في غضون ذلك، كانت المكسيك، وهي مصدر غضب ترامب المتكرر، تتعرض أيضا لبعض الانتقادات. فقد دعا مفوض الزراعة في فلوريدا ادم بوتمان إدارة ترامب في إبريل إلى التحقيق بالممارسات التجارية غير العادلة للمكسيك في ما يتعلق بالمحاصيل المتخصصة. وقال: البيئة التجارية الحالية في ظل النافتا ليست مجالاً عادلاً ومتكافئاً للمنتجين في فلوريدا. وبغض النظر عن عيوبها، فإن معظم الجماعات الزراعية الرئيسية في أميركا تدعم تحديث النافتا، ولا ترغب في التخلص منها.
وتشكل صادرات الذرة ومنتجاتها أكثر بقليل من 30% من مداخيل المزارعين الأميركيين، ووفقا لهيئة منتجي الذرة الوطنية، تعد المكسيك سوق التصدير الأول للذرة، فيما كندا هي أيضا سوقاً رئيسية للذرة كما الإيثانول. وقد أشار بعض المشرعين في المكسيك إلى ضرورة تحول البلاد نحو شراء الذرة من الأرجنتين، في خطوة تشكل ضربة للمزارعين الأميركيين في ولايات حزام الذرة، حيث كان لترامب تأييد كبير خلال الانتخابات. بالطبع، وتنظر المكسيك في خفض اعتمادها على جارتها الشمالية، على الرغم من القرب الجغرافي للولايات المتحدة وسهولة النفاذ إليها عبر سكك الحديد والشاحنات والموانئ.
ويقول رامون باز، المستشار الاستراتيجي لمنتجي الأفوكادو وهيئة معلبي التصدير في المكسيك: استراتيجيتنا الأولى هي في مواصلة الشحن إلى السوق الأميركي، واستراتيجيتنا الثانية هي في التنويع، ونحن نعمل على هذا أيضا. وكان باز قد أمضى أسبوعا في الصين، وقال انها السوق الأكثر جاذبية من وجهة نظر مستقبلية.
أرسل تعليقك