برلين - العرب اليوم
مع بداية العقد الأخير من القرن التاسع عشر بلغ النزاع الاستعماري بين القوى الأوروبية حول القارة الإفريقية أشده، في غضون ذلك تسبب هذا الصراع التوسعي في كوارث بشرية عديدة، حيث سعت القوى الاستعمارية إلى الحفاظ على ممتلكاتها بالقارة الإفريقية مقابل أي ثمن بما في ذلك "الإبادات الجماعية".
منذ ثمانينات القرن التاسع عشر، عاشت المستعمرة الألمانية بجنوب غرب القارة الإفريقية (مناطق #ناميبيا حالياً) على وقع ثورات عديدة قادها شعب "الهيريرو"، حيث رفض هؤلاء التواجد الألماني في مناطقهم وسياسة انتزاع الأراضي منهم واستيلاء المستعمر الألماني عليها. وفي حدود شهر كانون الثاني/يناير سنة 1904 أقدمت مجموعة من مقاتلي شعب الهيريرو على مهاجمة عدد من الفلاحين الألمان وقد أسفرت هذه الحادثة عن مقتل ما لا يقل عن 100 ألماني، على إثر هذه الحادثة استشاط الامبراطور الألماني فيلهلم الثاني غضباً، فما كان منه إلا أن أرسل الجنرال فون تروتها برفقة حوالي 14 ألف جندي بعد أن أوكل إليه مهمة القضاء بشكل نهائي على تمرد شعب الهيريرو.
حال قدومه إلى #المستعمرة_الألمانية بجنوب غرب القارة الإفريقية توعد الجنرال الألماني فون تروتها شعبي الهيريرو و"ناما" بحرب شرسة، ولهذا السبب عمدت قوات الأخير إلى تسميم آبار المياه قبل أن تبدأ بمطاردة أعداد كبيرة من شعبي الهيريرو وناما الذين أجبروا على الهجرة عبر صحراء أوماهيكي متحملين حرارة الطقس والعطش.
تسببت هذه العملية العسكرية الألمانية في وفاة عشرات الآلاف من شعبي الهيريرو وناما عطشاً في #صحراء_أوماهيكي فضلاً عن ذلك لم يتردد الجنود الألمان في إعدام نسبة كبيرة من الأسرى الذين وقعوا في قبضتهم.
تزامناً مع كل ذلك أحدثت السلطات الاستعمارية الألمانية بجنوب غرب القارة الإفريقية مراكز اعتقال جماعية شبيهة بتلك التي أنشئت في أوروبا خلال فترة الحرب العالمية الثانية حيث تم تجميع الناجين من عملية الفرار الجماعي بداخلها. ركزت ألمانيا مراكز الاعتقال الجماعية عند ما يعرف بجزيرة "شارك" وهنالك أجبر ما تبقى من شعبي الهيريرو وناما على العمل في ظروف قاسية حيث تم تجويعهم ومورست ضدهم شتى أنواع التعذيب.
إضافة إلى كل هذا عمد الطبيب الألماني بوفينغر إلى إجراء تجارب على عدد كبير من المعتقلين داخل مراكز الاعتقال الجماعي بجزيرة شارك، حيث لم يتردد الأخير في تقديم جرعات قاتلة من الأفيون والزئبق للأسرى بهدف دراسة تأثير هذه المواد على جسم #الإنسان، لاحقاً ومن خلال ممارسة غريبة عمدت سلطات معسكر الاعتقال الألماني إلى قطع رؤوس الآلاف من شعب الهيريرو وجاء ذلك قبل أن يتم إرسال هذا الكم الهائل من الرؤوس نحو معاهد الطب الألمانية من أجل إثبات نظرية تفوق العرق الأبيض على العرق الأسود.
إلى يومنا الحاضر يقبع عدد كبير من عظام وجماجم شعب #الهيريرو في المتاحف الألمانية فضلاً عن ذلك لم تتوقف السلطات الناميبية والرواندية عن المطالبة باستعادة بقايا هذه الجثث من أجل دفنها بشكل نهائي ودائم في مواطنها.
وحسب الإحصائيات المعاصرة قدّر عدد أفراد شعب الهيريرو مطلع القرن الماضي بنحو 65 ألف نسمة لكن على إثر ثورة الهيريرو سنة 1904 والعملية العسكرية الألمانية تراجع العدد إلى أقل من 15 ألف نسمة، فضلاً عن ذلك وبناء على تقرير للأمم المتحدة صادر سنة 1985 اعتبرت عملية إبادة شعبي الهيريرو وناما من قبل الألمان أول إبادة جماعية عرفها القرن العشرين. في حدود سنة 2004 قدم السفير الألماني لدى ناميبيا اعتذاراً رسمياً عما حصل عقب ثورة الهيريرو سنة 1904
أرسل تعليقك