الدم المسيحي يسير في عروق المسلمين خلال شهر رمضان في بيت لحم
آخر تحديث GMT05:21:44
 العراق اليوم -

الدم المسيحي يسير في عروق المسلمين خلال شهر رمضان في بيت لحم

 العراق اليوم -

 العراق اليوم - الدم المسيحي يسير في عروق المسلمين خلال شهر رمضان في بيت لحم

رمضان في بيت لحم
بيت لحم ـ ناصر الأسعد

يحمل شهر رمضان معه مبادرات متميزة في حي بيت ساحور في مدينة بيت لحم الفلسطينية ,شبان فلسطينيون مسيحيون ومسلمون يحتفلون معًا بأجواء شهر رمضان، ويطلقون مبادرات نادرة تتحول إلى عنوان للتآزر والتضامن.

يجلس جريس وجورج في غرفة بإحدى المستسشفيات في مدينة بيت لحم وتتدلي منهما أوردة اصطناعية تنتهي عند وحدات الدماء، يتبرعان بدمائهما مع أصحابهما, مشهد أسبوعي خلال شهر رمضان بفضل مبادرة نظمها "الحراك الشبابي المسيحي" في حي بيت ساحور شرق المدينة. وأنقذت المبادرة مصابين ولا تزال تجمع مستودعاً للدماء للحالات الطارئة. 

وتكثر في رمضان حوادث السير في طرق الضفة الغربية وفي بعض الأحيان تكون هذه الحوادث دامية ما يحتاج المصاب فيها إلى وحدات من الدماء. ويقول جريس الأطرش عضو في الحراك الشبابي الساحوري المسؤول عن مبادرة التبرع بالدم في شهر رمضان "إن الصائم لا يستطيع التبرع بالدم، ومن هنا جاءت الفكرة، نحن 150 شابًا، كل أسبوع يذهب 20 إلى 30 شاب ويتبرعون بدمائهم لبنك الدم  في المستشفى".

وتفاعل سكان حي بيت ساحور مع المبادرة، فأخذ الدم المسيحي بالسريان في عروق المسلم. ولم تكن هذه المبادرة الوحيدة للحراك الشبابي الساحوري فهو يقوم بجمع التبرعات للمرضى من مختلف الديانات ثم يتم توزيعها عليهم حسب حالة وحاجة كل مريض. 

تكية مريم

لم تكن مبادرة التبرع بالدماء الوحيدة في مدينة بيت لحم ترحيبًا برمضان، فهناك "تكية ستنا مريم"، إذ تقدم وجبات غذائية ساخنة وطرود غذائية لآلاف الأسر المحتاجة من مختلف الديانات في محافظة بيت لحم. 

تقول ساجدة علان إحدى المتطوعات في التكية" ثلاثة من أعضاء اللجنة التي شكلت التكية مسيحيون، أكثر المتطوعين من الكشافة من مختلف الطوائف، يقومون بسكب الطعام وتغليفه وتسليمه للعائلات المستفيدة".

وجمعت المبادرة شبانا مسلمين ومسيحيين كمتطوعين ومستفيدين، تضيف ساجدة في حديث مع DW عربية"كمسلمة رأيت مفهوم التعايش جليًا في تقديم أعمال الخير من الطرفين في التكية".

و يقول يوسف شاهين في الخمسينات من العمر وهو مسيحي متطوع في التكية"لا يوجد لدينا مسلم ومسيحي، في عيد الميلاد المسلمون يوزعون الحلويات علينا، وفي عيدهم نزورهم ونهنئهم، أفراحنا وأحزاننا واحدة".

فانوس سوق "الشعب"

ونُصب فانوس ضخم في وسط الساحة التي تتوسط سوق "الشعب" في حي بيت ساحور شرق بيت لحم، يجذب أنظار المارة والمتسوقين ,العبارات المكتوبة على جوانبه تتضمن تهنئة للمسلمين بقدوم شهر رمضان، تسرق التساؤلات، على الرغم من أن المكان يُذكِّر أكثر بالمناسبات المسيحية كعيد ميلاد المسيح ورأس السنة. فهنا تجمهر السكان قبل نحو خمسة أشهر يرددون بصوت عالٍ الأعداد تنازليًا من رقم 10 حتى الرقم 0، إيذانًا بالعام الجديد، الذي ملأت سماء أولى لحظاته الألعاب النارية.

وجاء فانوس رمضان في منطقة يطغى عليها الطابع المسيحي، فغالبية السكان من المسيحيين، الطريق المار بالساحة حيث نُصب الفانوس يوصل إلى رام الله ونابلس والمناطق الشمالية من الضفة الغربية, كما أنه من المناطق التي يحلو لسكان المنطقة التجمع فيها بعد الإفطار. 

و تتداخل مسامرات رمضان الجميلة مع مناقشة الأوضاع الصعبة التي يجتازها الفلسطينيون بخاصة في غزة إثر الأحداث الدامية التي سقط فيها عشرات القتلى.

ترحيب مسيحي

يبدو الطفل جورج متفاجئًا وهو يلاحظ أن مكان شجرة الميلاد التي مازال يتذكر أنوارها وألوانها أصبح يتوسطها مجسم ضخم، ويسأل جورج والدته عن الأمر، فتجيبه أنه فانوس شهر رمضان الذي يصومه المسلمون كل عام، فمثلما لدينا صيام وأعياد كذلك للمسلمين. ويقف جورج ليتأمل الفانوس.

الشابة المسيحية نداء أبو فرحة من بيت ساحور تتذكر عند رؤية الفانوس مشاركتها لزملائها وأصدقائها المسلمين الصيام وموائد الإفطار العام الماضي. ومنذ نصب الفانوس انتشرت صوره على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، عبر منشورات يتبادلها الفلسطينيون للتهنئة بقدوم رمضان الذي يشيع البهجة والألوان والأضواء في المدينة..بيد أن هذا العام يحمل معه للفلسطينيين ذكريات أليمة مع مرور سبعين عاما على "النكبة".

ونفذّت فكرة الفانوس مجموعة شبابية من بيت ساحور تطلق على نفسها "البلد بتِعَمر بشبابها"، وتهدف إلى خلق جو رمضاني في منطقة يقطنها 18في المائة من المسلمين، يقول خليل هندي منسق المجموعة في حديث لـDW العربية إن نحو 65 شاباً عملوا على تحضير ونصب الفانوس لإبراز المناسبة، مضيفًا" يتجمع قرب الفانوس كل ليلة من 80- 90 شخصًا على الأقل".

هدايا إفطار مسيحية للمسلمين

وينتظر كثير من المسيحيين شهر رمضان لمشاركة أصدقائهم المسلمين في شعائرهم. حيث آزر الأب ماريو حدشيتي ونادي الراعي الصالح المسلمين في أول يوم من رمضان سكان مدينة أريحا على طريقته الخاصة من خلال توزيع المياه والتمر على الصائمين المتأخرين عن موائدهم على الإشارات الضوئية وقت آذان المغرب.

وامتدت مبادرة ميشيل أيوب على مدار سنوات عدة ولا زال صداها يتردد على مسامع أهالي البلدة القديمة بعكا، فالفلسطيني الكاثوليكي تطوع للعمل كمسحراتي خلال شهر رمضان، إذ يصدح صوته فجراً منادياً "سبحان الحي القيوم، سبحان الدايم، إصحَ يا نايم، يا صايم وحد الدايم قوموا لسحوركم خلي رمضان يزوركم".

ويعمل ميشيل في مجال البناء، ويرى أن تطوعه واجب عليه، فهو يتعامل مع الناس في منطقته كبشر يعدهم إخوة له بعيداً عن الديانة التي ينتمون إليها.
 ويؤمن أن يسوع المسيح دعا للمحبة والسلام, "رمضان شهر الرحمة والمغفرة، شهر المحبة التي يجب أن تسود بين الجميع" كما يقول في حوار سابق مع DW عربية مضيفاً أنه لن يتردد في أن يكون سبباً في سعادة أي شخص.

ويرتدي أيوب خلال عمله كمسحراتي سروالًا عربيًا تقليديًا مع شِملة دمشقية تلف خصره مسدلًا على كتفيه كوفية معتمرًا  عمامة بيضاء.

ونشر المركز المسيحي للإعلام فيديو يُظهر ميشيل أثناء تجواله لإيقاظ المسلمين على إيقاع طبله المنتظم وصوته الجهوري. وردود فعل السكان على هذه المبادرة.

قصص محبة وتشارك

وقالت جوليا إيطالية الأصل متزوجة من شاب فلسطيني، في حوار مع DW عربية أنها حاولت مشاركة زوجها وعائلته شهر رمضان، فتدرجت بالصيام حتى باتت تشاركهم الآن الصيام وإعداد الطعام وتتناوله معهم بسعادة. مضيفة"أجواء رمضان مختلفة. البسطات تنتشر لبيع العصائر والقطايف والتمر. وفي صلاة التراويح يملأ صوت المؤذن المكان بأسره".

وأوضح يوسف فهو المسلم الوحيد وسط زملاء عمله المسيحيين، "أكون سعيدًا بالشعور باحترام زملائي لشعائري الدينية. فهم يفضلون عدم تناول الطعام والشراب داخل المكتب خلال رمضان"، مضيفا أن زملاءه يبادرون بتنظيم إفطارات جماعية ويشاركونه الصيام.

مثل هذا التعليق والصور كثير في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ينشر المستخدمون صورهم وهم يتشاركون مناسباتهم الاجتماعية المختلفة، ومن ضمن هذه الصور احتفال المسيحيين والمسلمين بشهر رمضان واجتماعهم أمام مائدة الإفطار.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدم المسيحي يسير في عروق المسلمين خلال شهر رمضان في بيت لحم الدم المسيحي يسير في عروق المسلمين خلال شهر رمضان في بيت لحم



أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:16 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 01:12 2014 الجمعة ,01 آب / أغسطس

نجاح مسلسل "دلع بنات" فاق توقعاتي

GMT 20:04 2018 الأحد ,16 أيلول / سبتمبر

لعبة PubG Mobile تحصل على تحديث جديد

GMT 08:06 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"ديور" تطرح مجموعتها الجديدة من حقائب الربيع

GMT 01:52 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

سعر الريال السعودي مقابل ريال عماني الأحد

GMT 11:04 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

خطوات بسيطة لتحضير مطبق الباذنجان باللحم المفروم

GMT 02:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

بياض جبال "الأوراس" يعتبر الوجهة المفضلة لعشاق التزلج

GMT 04:47 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

روندا روسي تظهر كنجم غلاف لعبة القتال المتنوع "إي اي سبورتس"

GMT 17:51 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل تطلق 6 صواريخ على مواقع عسكرية سورية جنوب دمشق

GMT 09:29 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"ناسا" ترسل مركبة غير مأهولة إلى كوكب المريخ في عام 2020

GMT 05:54 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تؤكد أن حيوان الشامبنزي يستخدم إيماءات للمسافات

GMT 04:54 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

فولفو "XC60" السيارة الأكثر أمانًا على كوكب الأرض

GMT 00:41 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

لنكاوي من أجمل جزر ماليزيا لقضاء شهر عسل لا ينسى
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq