موقان في الجزائر أقدم مكتبة في أفريقيا
آخر تحديث GMT05:21:44
 العراق اليوم -

عادت بثوب جديد لتكون أشبه بمركز ثقافي

"موقان" في الجزائر أقدم مكتبة في أفريقيا

 العراق اليوم -

 العراق اليوم - "موقان" في الجزائر أقدم مكتبة في أفريقيا

مكتبات
الجزائر - العراق اليوم

يُصّرُ العاملون في مكتبة موقان على أنّها الأقدم في أفريقيا، وليس فقط في المغرب العربي، ولا تقارن بمكتبة الإسكندرية التي شُيدت في القرن الثالث قبل الميلاد، وتوافقهم الرأي مُسيرة مكتبة موقان، السيدة سهيلة لونيسي، وتدلّل على ذلك بأن مكتبة الإسكندرية التي تأسست قبل الميلاد انتهت قبل الميلاد، وكانت تعرف باسم مكتبة الإسكندرية الملَكية أو المكتبة العظمى، أكبر مكتبات عصرها، هذا صحيح - تقول السيدة لونسي - لكنّها احترقت وانتهت حياتها عام 48 قبل الميلاد، وأعيد بناؤها عام 2002 باسم مكتبة الإسكندرية الجديدة على أنقاض مكتبة الإسكندرية القديمة، فتعد مكتبة حديثة مقارنة بمكتبة موقان، التي أسسها المعمر الفرنسي ألكساندر موقان عام 1909. وسبق له أن أسّس مطبعة موقان عام 1857، والمكتبة شيّدها لابنته التي كانت شغوفة بالمطالعة، وتسلمتها ابنتها، حفيدته شونتال لوفافر، آخر مديرة فرنسية للمكتبة، وتوفيت في أكتوبر (تشرين الأول) 2015.

وكانت المكتبة قد تعرضت للسرقة عام 2008، ولم تستطع صاحبتها شونتال لوفافر تحمل الخسائر، فأغلقتها. وبعد وفاتها عيّنت الحكومة الجزائرية السيدة سهيلة لونيسي مسيرة لشركة موقان، بحكم قضائي بالغرفة التجارية بمحكمة البليدة عام 2015. وذلك للحفاظ على الإرث الثقافي، وإبقاء العاملين بالشركة، وعددهم 35 عاملاً يعيشون من دخلهم من مطبعة موقان.

وقالت السيدة لونيسي، لـ«الشرق الأوسط»، كان التحدي كبيراً لإعادة المكتبة للحياة مجدداً، «فعندما دخلتها كانت الأتربة تغطي كراتين الكتب ورفوف المكتبة، كانت تشبه مخزناً مهجوراً منذ أمد طويل». وبمعية 35 عاملاً بالمطبعة تمكنت السيدة لونيسي من رفع التحدي بنفض الغبار عن أقدم مكتبة في المغرب العربي - وفي أفريقيا حسب العاملين فيها - وافتُتحت في يناير (كانون الثاني) 2019، الذكرى 110 لتأسيسها. حضر حفل الافتتاح السفير الفرنسي لدى الجزائر ومثقفون جزائريون ورواد المكتبة من سكان البليدة، وما زالت المطبعة والمكتبة ملكية لعائلة موقان حتى اليوم.

عادت مكتبة موقان بثوب جديد للحياة، فلم تعد فقط لبيع الكتب، شأن المكتبات الأخرى، بل أصبحت أشبه بمركز ثقافي، بعدما حدّدت السيدة لونيسي أياماً لأنشطة ثقافية، السبت «منتدى موقان الثقافي» تستضيف فيه مثقفين لتقديم كتب لهم طبعتها مطبعة موقان، لتعريف القراء بالمنتج الثقافي الجديد، كما تستضيف شعراء وأدباء ومفكرين لإلقاء محاضرات وأمسيات شعرية وسرد قصصي. وخصّصت بعد ظهر الثلاثاء لأنشطة الأطفال، لأنه عطلة لتلاميذ الابتدائي، تلك الساعات من الواحدة إلى الخامسة مساءً يمارس الأطفال أنشطة مختلفة، مثل تعليم اللغات، والأشغال اليدوية، والرسم، إلى جانب قص حكايات، تحكيها الحكواتية السيدة زهرة، التي قالت: «حالياً أنا معلمة متقاعدة، أحب الأطفال كثيراً، لذا تطوعت في مكتبة موقان، أحكي للأطفال الحكايات الشعبية، وأقرأ لهم قصص الأطفال، أعمارهم دون التاسعة، يُحضرهم أولياؤهم بعد الظهر، ويأخذونهم قبل الخامسة، تلك الحكايات والقصص تغرس قيماً أخلاقياً واجتماعية في نفوس الأطفال»

وأوضحت السيدة لونيسي أنّ كل تكاليف الأنشطة الثقافية للكبار والصغار تتحملها مكتبة موقان، والمعلمات والمربيات متطوعات، يُقدّمن عملاً خيريّاً برضا خاطر. وقالت باعتزاز: «كان المؤسس لهذا الصرح الثقافي السيد ألكساندر موقان، وقدم جريدة (التل) النصف شهرية مجاناً للبليديين، عندما كان يلصق أوراق الجريدة على زجاج نوافذ وباب المكتبة ليقرؤوها من دون شرائها، فنحن اليوم نقدم مجاناً تعليماً للطفل، لأنه قارئ المستقبل ومثقفه، لذا نركز نشاطنا على الطفل». وأوضحت: «بدأت ورشات الأطفال في أبريل (نيسان) 2019. ندعوا الأولياء لإحضار أولادهم لمكتبة موقان، ونحن نرعاهم ثقافياً، ومتوسط حضور الأطفال 15 طفلاً، يتغير بعضهم كل ثلاثاء، وبعضهم يواظب على الحضور، وقد تكونت لهم علاقة دافئة مع مكتبة موقان».

تقع مكتبة موقان وسط مدينة البليدة (50 كيلومتراً جنوب الجزائر العاصمة)، تحتل ناصية شارعين، مقابل «ساحة التوت» الاسم القديم للساحة إبان الاستعمار الفرنسي، وأصبحت «ساحة أول نوفمبر» بعد الاستقلال.

عائلة موقان من «المعمرين الفرنسيين» بالجزائر، حاولت مساعدة السكان ثقافياً لمن يقرأ منهم حينذاك، فأصدر ألكساندر موقان جريدة نصف شهرية بعنوان «التل» عام 1864. كان يلصق صفحاتها على زجاج المكتبة الخارجي ليتمكن المارة من قراءة الأخبار والمقالات، واستمرت بالصدور حتى عام 1964، إلى أن أمرت السلطات الجزائرية بتوقيف الجريدة، وأغلقت بالذكرى المئوية لتأسيسها، وقام ألبير بولانجي ابن ألكساندر موقان بجمع أعداد جريدة التل خلال قرن في مجلدات، وقدمها هدية إلى مركز البحوث، لتكون وثيقة تاريخية في متناول المؤرخين، فقد أرخت لأحداث عاشتها الجزائر إبان الاستعمار الفرنسي (1830 - 1962)، لذا تكتسي تلك المجلدات أهمية تاريخية.

عندما اندلعت الثورة الجزائرية عام 1954 كانت عائلة موقان من أصدقاء الثورة، ولم تغادر الجزائر بعد الاستقلال، حتى في سنوات عشرية الإرهاب في تسعينات القرن الماضي بقيت عائلة موقان في البليدة تمارس عملها في إدارة مطبعة ومكتبة موقان.

ألكساندر موقان مؤسس المطبعة والجريدة والمكتبة بقي على رأس عمله 59 عاماً وتوفي 1916. وتسلم ابنه إدارة المطبعة، وابنته إدارة المكتبة، التي ورّثتها لابنتها لوفافر.

الزائر لمؤسسة موقان يلاحظ أن المكتبة تتكئ على جدار المطبعة في مبنى فرنسي قديم، أمامه قناطر، تسقف رصيف المكتبة، وتطل على ساحة التوت الشهيرة، التي يرتادها البليديون في أيام الصحو، واعتادوا على زيارة مكتبة موقان بحثاً عن الكتب الجديدة، كما قالت السيدة زبيدة، وهي أستاذة في جامعة البليدة: «نرّوح عن أنفسنا بساحة التوت، وبجوارنا مكتبة موقان، نشتري الإصدارات الجديدة، سواء للكبار أو للأطفال».

والمطبعة التي كانت تطبع دفاتر مالية ومحاسبة وفواتير ووثائق عند تأسيسها 1857. أصبحت اليوم تطبع إلى جانب ذلك الكتب، وبكل اللغات، أكثرها بالعربية والفرنسية والإنجليزية والصينية والإسبانية. تطبع سنوياً ما لا يقل عن 50 عنواناً، ولكل عنوان 1000 نسخة، تأخذ مكتبة موقان حصة منها لتبيعها، وقالت لونسي: «إن منتدى موقان يُعرف القراء على الكتب الجديدة، وننشر ملخصات من تقديم الكتب على موقع مكتبة موقان ووسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام) و(فيسبوك) و(تويتر) لتعريف القارئ على الجديد، وهو ما نقوم به أيضاً لزوار المكتبة، فنعرض لهم الإصدارات الجديدة، وننصح الزائر بالكتب التي يبحث عنها».

وتبقى مكتبة موقان برفقة المطبعة شاهداً على عصر عزّ فيه الكتاب، وكانت شمعة تنير الظلام.

قد يهمك أيضا:

حفلتان لخالد سليم وفرقة ابن عربي بمكتبة الإسكندرية

افتتاح معرض مهن الدول الفرنكوفونية في مكتبة الإسكندرية

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موقان في الجزائر أقدم مكتبة في أفريقيا موقان في الجزائر أقدم مكتبة في أفريقيا



أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 05:04 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

مصر ترد بقوة على إسرائيل بشأن الحدود مع غزة

GMT 08:03 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

منزل مايكل كورس لا يقلّ عن تصاميمه أناقة وفخامة

GMT 12:51 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة رسم الأيلاينر على العين لإطلالة جذّابة للتوربون

GMT 05:35 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

ريشة يؤكّد أن كرة اليد في الزمالك "مدرسة الروح الحلوة

GMT 04:52 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفعيل برنامج الضمان الاجتماعي الشمولي لخدمة أهالي جدة

GMT 15:09 2016 الثلاثاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بوسي شلبي في صورة نادرة مع محمود عبد العزيز وزوجته الأولى

GMT 06:42 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

طفلة بعمر 18 شهرًا تثير ضجة بسبب جسمها الضخم

GMT 14:40 2017 الثلاثاء ,29 آب / أغسطس

محمد رمضان ظاهرة أم فنان مستمر

GMT 07:26 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

التقاط صور للموج في لبنان يتسبب في زحمة سير

GMT 09:39 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

GMT 20:08 2019 الأربعاء ,22 أيار / مايو

جبران أطلق حملة تصحيح المخالفات في الضاحية

GMT 07:24 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

استكشف مميزات النسخة المُعدّلة من "سوزوكي Vitara"
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq