يظل السحر أحد الهواجس في المنطقة العربية والأفريقية بشكل خاص، والعالم بشكل عام، خاصة في ظل الترجيح بأن ذلك يعود إلى القبائلية.
وتحدَّث باحثون ومدنيون إلى وكالة "سبوتنيك" الروسية، عن الطقوس الخاصة بالسحر، وكذلك عن بعض الوقائع الحقيقية، التي شاهدوها وعايشوها في بلدانهم، غير أنهم شددوا على أن الطقوس الحالية هي متوارثة من فترة ما قبل الأديان السماوية، وأن الأمر لا يقتصر على دولة دون غيرها، أو طبقة دون أخرى، حيث يعتقد به الساسة والبسطاء والمشاهير.
ويقول الشاعر والباحث في التراث الشعبي مسعود شومان، "إن الكثير من الممارسات والطقوس الخاصة بالسحر متوارثة منذ القدم، وأن بعضها توارث حتى الآن والبعض منها تلاشى.
وذكر شومان لـ" سبوتنيك"، الخميس، أن الشعائر الحالية، أو ما يطلق عليها الطقوس وهي عملية إعداد البخور والأدوات المستخدمة والقصاصات، والمعادن وما يطلق عليها "التعاويذ" تعود إلى ما قبل الأديان، حيث كان السحر ضمن المعتقدات أو الدين لدى القبائل، خاصة في المنطقة الأفريقية، وهو الأمر الذي توارثته الأجيال حتى يومنا هذا.
أنواع السحر
ويؤكد شومان أن السحر ينقسم إلى قسمين، الأول منهما وهو "جلب المنفعة"، وكان يستخدم قديما لنزول المطر أو الحصول على المنافع، وفي العصر الحالي يستخدم فيما يعرف برد الزوجة أو رد الزوج، أو الزواج، أو فك بعض العقد، ويشتهر به المغاربة حتى أن بعض السحرة يقولون إنهم مغاربة، وإن لم يكونوا كذلك.
السحر الأسود
ويعد السحر الأسود من أشد أنواع السحر ضررا خاصة أنه يعتمد على الإيذاء، حيث يوضح شومان، أن هذا النوع يستخدم فيه الجن، وعادة ما يكون أشد أنواع الجن شرا، كما يتم وضع السحر وما يعرف بـ"الأطر" في القبر أو في البحر أو في أي مكان يصعب الوصول إليه، وكان يستخدم قديما بذات الشكل مع اختلاف بعض التفاصيل حول دفن "الأطر"، وهو "أي شيء من ملابس أو أشياء المسحور أو صورته أو التعويذة المعدة للسحر".
أفريقيا
ويؤكد شومان أن المنطقة الأفريقية من أكثر المناطق، التي تحافظ على الطقوس في الوقت الراهن، خاصة في ظل وجود نظام القبيلة الممتد، وأن القبائل تحافظ على ذلك الموروث، وتستخدمه ضد القبائل الأخرى، فيما تقيم ما يرعف بـ "الزار" لفك السحر، الذي يقع على أحد أفرادها.
"الزار"
ويقول شومان إن طقوس "الزار" الحالية متوارثة أيضا، والزار عبارة عن حلقة تجرى فيها بعض الرقصات، والدق على الدفوف وترديد بعض الكلمات مع إشعال البخور وإضاءة محددة بالأوان بعينها وأنها تتعلق بإخراج السحر، خاصة السحر الأسود، حيث يعتقد من يقوم بها بذلك، وتختلف الجلسة حسب نوع السحر والجان من حيث الملابس وأنواع البخور والرقصة.
ويوضح أن إحدى الطرق الأخرى للتصدي للسحر هي الاستعانة بسحرة أخرين وأنهم يدلون على مكان "الأطر" أو السحر، وفي حال عدم الحصول على "الأطر" لفكه، يقوم بالتصدي للسحر ببعض الأعمال الأخرى منها تقديم الذبائح، أو الأحجبة، التي تستخدم لوقف العمل أو التحصن ضد العين الحاسدة، أو ضد لسعة العقارب أو الثعابين في المناطق الصحراوية، وكذلك ورش المياه في المنازل، وغيرها من تلك العادات.
لوقف تزويج الفتيات
وتقول هدى فضل، من مصر، "إن السحر يستخدم بشكل كبير في قرى مصر، أو ما يطلق عليه "العمل"، وعادة ما يستخدم ضد الفتيات لعدم تزويجهن، حيث تقوم إحدى السيدات، التي تسعى للشر على سبيل المثال بأخذ "أطر"، وهي قطعة قماش من الفتاة، وتذهب بها إلى الساحر وتعطيه الكثير من المال لمنع أي عريس من الزواج بتلك الفتاة كمكيدة في الفتاة أو أهلها نتيجة أي خلاف، ويقوم الساحر بذلك، وفي بعض الحالات يطلب منها رش المياه المسحورة في أي مكان حتى تخطوا الفتاة فوقها، وفي بعض الأحيان يضع السحر في زجاجة ويرمى في بعض البرك المائية مثقل بحجر حتى لا يطفو للسطح، أو يدفن في الصحراء.
وتضيف في حديثها إلى "سبوتنيك"، أن أثر السحر يظهر خلال تردد الشباب على منزل الفتاة للخطبة، حيث يذهبون دون عودة، كما يمكن أن يستخدم السحر للتفرقة بين الزوج وزوجته بنفس الطريقة، وحينها تقرر الزوجة ترك المنزل دون عودة، أو أن تنتابها حالات من الصرع والمرض وعدم تناول الطعام بحيث تطلب دائما الخروج من المنزل.
وتؤكد أن العديد من الحالات بجوارهم أوقع السحر مفعوله، وتم طلاق بعض الفتيات، فيما توقف زواج بعض الفتيات لسنوات، حتى ذهب الأهل إلى ساحر آخر، أو إلى عالم دين وأوقف مفعول السحر.
وتوضح أنه عادة ما يحصل السحرة على الكثير من الأموال، سواء من القائم بالعمل أو المسحور، الذي يذهب لساحر آخر ليفك العمل، وأن هناك بعض علماء الدين يقومون بالأمر دون مقابل مادي.
فيما يضيف سيد علي، من محافظة الشرقية بمصر، أن بعض رجال السياسة والمشاهير، يترددون على منازل السحرة في الشرقية، بين الحين والآخر.
ويؤكد في تصريحاته إلى "سبوتنيك"، اليوم، أن بعض أنواع السحر تؤدي ببعض الأشخاص إلى الهلاك وذلك من خلال ترك العمل والمنزل والابتعاد عن كل الاشياء السوية.
ويؤكد أن النسبة الأغلب من السحر يتم دفنها في المقابر، أو في البحر، وأن أحد القصص التي حضرها تتعلق بوضع السحر داخل أحد المقابر، ما أطر أهل المسحور إلى فتح القبر وإخراج السحر منه.
السحر في الجزائر
وتقول نبهات الزين، الكاتبة والناشطة المدنية، من الجزائر، أن السحر عادة ما يتم في الخفاء، وتضيف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، اليوم، أن الوطن العربي متورط بكل شرائحه في هذا الأمر، لاسيما طبقة المشاهير والسياسيين، وأنه لا خلاف في ذلك عن الجزائر، التي تعد من أولى الدول العربية في استخدام السحر بعد أفريقيا.
وتتابع "الشائع وسط الطبقة السياسية من أكبر رأس إلى أصغرها هو ممارسة السحر والشعوذة، وما دعم هذا الاعتقاد هو تدعيم الزوايا والاهتمام بالمشايخ (السحرة) لغرض نيل الرضا.
الزئبق الأحمر
وتؤكد أن الصحراء الجزائرية هي بيت القصيد والمنبع الأول للسحر، وفي المقدمة "منطقة أدرار"، حيث يتواجد "مشايخها"، من يقومون بالسحر، في كل أنحاء الوطن، ويقصدها من كل الجهات من يسعون إلى كسب رضاء رئيس العمل، أو الزوج، أو جلب الحبيب، وإيقاع الضرر على شخص بعينه مقابل أموال كثيرة.
وتوضح أن هناك من يروجون لإبعاد السحر بالسحر، وهو ما يسمى بـ(القليع) عن طريق مواد معدنية كالنحاس والألومنيوم، ويستعملون في ذلك وسائل كالفأس والسلاسل، والخل الأبيض والقطع المعدنية وغيرها، كما يستعمل في السحر أيضا مادة الزئبق الأحمر باهظ الثمن، ويقتصر ذلك الطبقة الثرية.
وعن التأثير تقول الزين، أن تأثيرات السحر متفاوتة، بداية من السيطرة على عقل الشخص أو توجيهه، وأنه رغم محاولات إبعاد الاعتقاد إلا أن الصورة الناتجة لهذا العمل تجعل الشخص يفكر فيما إذا كان للسحر تأثيره أم هو اعتقاد شعبي فقط.
السحر القاتل
وتؤكد أنها رأت حادثة منذ أيام، حيث وجد امرأة عند باب بيتها ورقة نقدية فأخذتها، وما أن فتحتها حتى وجدت مرسوم عليها جداول وأعمال شعوذة، مما جعلها تشعر بتغيرات على جسدها، وبعد أيام وهي تنظف أمام المنزل وجدت رأس "ديك رومي"، "وهو نوع من الطيور يسمى بهذا الاسم في الدول العربية"، ما دفع السيدة لإزاحته بقدمها، إلا أنها بعدما فعلت ذلك ظلت تصرخ وتأبى الرجوع إلى بيتها، ورفضت الحديث مع أبنائها وأهلها، وامتنعت عن تناول الطعام والشراب، وحين عرضت على الأطباء لم يجدوا تفسيرا علميا لما يحدث لها، وظلت حتى جف "رأس الديك" وتبع ذلك وفاة السيدة مباشرة بعدما ظلت لفترة دون تناول طعام أو شراب، وتؤكد أنها حضرت العزاء بنفسها.
قصة أخرى رواها لها والدها، وتتعلق بأن صديقه كان يجلس ذات يوم في فصل الصيف أمام بيت عائلته، وإذا به يشاهد قطة فمها مخاط بخيط أسود، فلفت انتباهه الأمر واستغرب كيف يغلق فم كائن حي، وكيف له أن يأكل ويشرب، فهم وأمسك القطة وفتح فمها بقطع الخيط، وإذا به يجد داخل فمها صورة شقيقته التي تلازم الفراش منذ فترة، ولم يجدي معها أي دواء لعجز الأطباء عن التشخيص، فذهب مسرعا لبيت شقيقته ودق الباب، وإذا بأخته تفتح له الباب وكأن ليس بها شيء.
السحر عبر الهاتف
وتشير إلى أن كثرة أعمال السحر أثرت بشكل سلبي على العلاقات الاجتماعية، وجعلت الجميع يخشى تناول الطعام خارج منزله، أو يعير أشياءه أو أن يعطي الملابس القديمة للفقراء، ويحترس من كل شيء حتى الهدايا الثمينة، حيث يمكن التخلص منها لمجرد الشك، بل تطور إلى أبعد من ذلك، حيث أن عملية الربط وعقد العقد أصبحت تفعل بمجرد الطلب في الهاتف والرد المباشر، مما جعل الناس عند رفع السماعة لا تتكلم أولا مخافة السحر.
ومن المغرب يقول أستاذ علم الاجتماع عبد الرحيم العطري، إن السحر يعود إلى بدء التاريخ، خاصة أن السحرة قدموا تفسيرا لبعض الأشياء التي كان يعجز عنها العامة.
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، أنه لا يمكن الحديث عن دولة تميل إلى السحر دون الأخرى، وأن جميع الحضارات يحضر فيها السحر بشكل قوي.
ويكشف أن الأمر ينقسم إلى السحر الأسود والسحر الأبيض، والاعتقاد بالعين الشريرة، والقوى غير المرئية، وأن ضعف الإنسان دائما ما يجعله بحاجة إلى معرفة المجهول، أو صنع ما لا يقدر عليه من خلال السحر الأسود.
فيما يقوم السحرة بالسحر الأبيض في إطار تزويج الشباب والفتيات والبحث عن العمل وغيرها من الأمور، وأنها جميعها ترتبط بالهشاشة النفسية، وحالات العوز.
وأوضح أن الطقوس المستخدمة الأن بشأن القرابين والتمائم والأحجبة (الحجاب هو ورقة على شكل مثلث يكتب داخلها لغة غير مفهومة)، كلها متوارثة أسس لها السحرة عبر التاريخ، الذين كانوا يذهبون إلى الغرائب، وصنع تقاليد خاصة بهم للتأكيد على قدرتهم وتفردهم، وإنتاج المعنى، حيث يطلب بعض الطقوس لتقوم العمليات على الطقوس، وانتاج نوع من الهالة النفسية والإيحاءات التي السحرة في تهيئة المناخ لأعمالهم.
وشدد على أنه لا يمكن وصف المغرب دون غيره بأنه موطن السحر، وأن الأمر يمتد حتى للدول الأوروبية، وأن الكثير من الساسة والحكام في العالم يعتقدون بالسحر ويستخدمونه، كما يستخدمون كل الأشياء.
تحضير الجان
التحضير الذاتي للجن في المكان، وذلك من خلال استخدام طلاسم وتعاويذ كالمنتشرة في كتب السحر المعروضة في الأسواق، ويردد الشخص ويرسم طلاسم تجلب الجان في المكان.
وشهدت العديد من قرى مصر حرائق غير مبررة وتجددت أكثر من مرة، حيث وصفها الأهالي بأن الجن والسحرة من يقفون خلفها، وشهدت بعض القرى بمحافظة سوهاج في أوقات سابقة بعض الحرائق، التي التهمت عشرات المنازل وقتلت عشرات الماشية، كما تكرر ذلك في محافظة الجيزة ببعض القرى التابعة لها، ولجأ الأهالي لما يعرف بـ"المعالجون"، لصرف الجان عن تلك المناطق.
قد يهمك ايضا :
ريهام سعيد تشعل رواد التواصل الاجتماعي بعد حلقة الجن في "صبايا"
يد مصر تُطيح بالنرويج وتتأهل إلى نصف نهائي مونديال الشباب
أرسل تعليقك