أكّد المرشح السابق لرئاسة الوزراء العراقية، إبراهيم بحر العلوم أن الشروط التي وضعها امام القوى السياسية لقبول المنصب لم تتوافق مع رؤيتها لاجتياز المنعطف الحاد الذي يمر به العراق، مشيرًا الى اولويات جديدة قد استجدت منذ أن عرض عليه الترشيح للمنصب في الاول من كانون الاول الماضي، مشيرًا الى أن هذه الاولويات تتمثل ببذل الجهود لتعظيم موارد الدولة لادارة الازمة من خلال الحضور الميداني للقيادة وحسن الادارة وأكد بحر العلوم الذي سبق أن تولى وزارة النفط وشغل عضوية البرلمان لاكثر من دورة، محاولة بعض الاطراف ربط السلاح المنفلت بالحشد الشعبي او فصائل المقاومة دون غيرها فيما تنتشر الجريمة في عموم العراق . ورأى بحر العلوم في حوار مع (الزمان) أن العقدة في تمرير تكليف عدنان الزرفي لاتكمن في اسم الزرفي او بديله مصطفى الكاظمي، انما في الاشكالية السياسية والدستورية التي ترتبت على الاختيار من خارج الغالبية البرلمانية الاكثر عددًا .
وبشأن التطورات على جبهة النفط، قال أن (التحولات كبيرة في هذا القطاع وان اوبك تجد نفسها في مهب الريح والولايات المتحدة الامريكية تربعت على صدارة الدول المنتجة للنفط) . ودعا بحر العلوم، العراق الى التحرك لردم هذه الهوة بوصفه المنتج الثاني في المنظمة . وفيما يلي نص الحوار :
{ سمعنا بتكليفكم لرئاسة الوزراء من بعض الكتل الشيعية.. ما صحة ذلك؟
– نعم، طرح عليّ الترشح لرئاسة الوزراء بتاريخ 1-12-2019 كما هو ( معلن في بياننا الذي حمل رؤيتنا حول الترشيح في 23 كانون الأول 2019 ونشرته جريدة الزمان في حينه)، فكرت مليًّا بما يتعين عليّ فعله لأكون أمينًا وصادقًا مع نفسي وقادرًا على الإستجابة لمطالب ومشاعر العراقيين الأعزاء والمرحلة التي يمر بها وطننا الغالي، بعيدًا عن الأهواء النفسية او المصلحية التي قد يفرضها الموقع المتقدم في الدول. فاشترطت تخويلي تشكيل حكومة مستقلة عن تأثيرات القوى السياسية مع اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة التي يجب اعتمادها في المواقع التنفيذية كافة بعيدا ً عن المحاصصة والمصالح الفئوية الضيقة وتضم فيها كفاءات شبابية لغرض تأهيلهم لقيادة المرحلة القادمة.
واخبرت القوى السياسية ضرورة الإيفاء بالتعهدات أمام الشعب العراقي على صعيد تنفيذ البرنامج الحكومي الذي يواجه ثلاثة تحديات رئيسة تتمثل بالصراع الدولي – الاقليمي، وصراع هيمنة الفساد مع معركة الاصلاح، وصراع هيمنة الدولة العميقة مع حكومة مستقلة تنحاز للاعتدال وعموم الشعب، وكذلك كشف نتائج اللجان التحقيقية ذات الصلة بالاعتداء على المتظاهرين وعناصر الأجهزة الأمنية ومن ثم تقديم الجناة الى ساحة القضاء ليأخذ كل ذي حق حقه وفق القانون. وكذلك حصر السلاح بيد الدولة وهنا اجد أن هذا المبدأ يعني في مضامينه هو ضبط السلاح داخليا بمعنى انهاء مظاهر الابتزاز والاختطاف والأتاوات وغيره من اعمال غير منضبطة وكشف ملفات الفساد بصورة شفافة وعادلة الى جانب تحكيم السيادة العراقية وحماية القرار العراقي، وان تنال الحكومة المؤقتة عدم ممانعة الكتل السياسية الأساسية وثقة الشعب للوصول الى حكومة وطنية جامعة تحظى بالشرعية.
إن عدم توافق بعض القوى السياسية التي فاتحتني بالترشيح على الرؤية آنفة الذكر لاجتياز المنعطف الحاد الذي يمر به العراق جعلني انأى بنفسي عن القبول بالترشح لرئاسة الحكومة المؤقتة.
هذه الشروط كانت تتناسب مع الظروف التي يمر بها العراق في تلك المرحلة، ولكل مرحلة إشتراطاتها بطبيعة الحال.
انتخابات مبكرة
{ ما طبيعة البرنامج الذي تقترحونه في حال حصل هذا التكليف؟
– الظروف والتطورات تسارعت كما تعلمون ولو عدنا الى وقت ترشيحي وظروفه فان مهمة الحكومة كانت تنحصر في اجراء انتخابات مبكرة واستجابة مطاليب المتظاهرين، واعادة الثقة بين الشعب والقوى السياسية والخروج من عنق الزجاجة الى مرحلة اخرى اكثر استقرارًا، ولاسيما احداث عملية التوازن بين اطراف الصراع الخارجي وتحديدًا الصرع الإيراني الأمريكي. هذه التحديات لا تزال قائمة الآن بالإضافة الى تحدي وباء كورونا وانهيار أسعار النفط مما يجعل الأولويات مختلفة نسبيًا.
لكن التحدي الأكبر الذي أراه حاليًا هو غياب القيادة الفعلية في متابعة حياة المواطنين وشؤونهم وهذا يتطلب جهدًا كبيرًا من رئيس الوزراء القادم لإعادة حضور الحكومة في حياة المواطن اليومية وإشعاره بدورها الريادي في إدارة شؤون البلد، والتخلي بدون رجعة عن مفهوم الغياب الطوعي.
{ ماهي الاولويات التي تضعونها لتجاوز معضلات تدهور الاقتصاد وتفشي كورونا؟
– من الأولويات الراهنة هي بذل الجهود على تعظيم موارد الدولة لادارة الازمة من خلال الحضور الميداني للقيادة وحسن الإدارة للازمة وتوفير اليات إغاثة الشرائح الفقيرة وتسخير إمكانيات الدولة لتطبيق حازم لحماية المواطنين من تفشي الوباء. وعلينا التذكير بان قيادة البلاد في مثل هذه الظروف الاستثنائية مطالبة باتخاذ قرارات استراتيجية غير تقليدية وخاصة في المجال الاقتصادي لإنقاذ البلد من محنته الراهنة.
{ هل يمكن السيطرة على السلاح المنفلت. وهل يمكن أن يهدد عصب الاقتصاد اذا ترك دون معالجة؟
– ما المقصود بالسلاح المنفلت؟ اعتقد انكم تقصدون الجريمة بكل انواعها، نعم يمكن السيطرة عليه، القوة للقانون والشرعية للسلطة والجريمة مرفوضة من الجميع، هناك من يحاول ربط السلاح بالحشد او فصائل المقاومة دون غيرها وهذه فيها نوع من التسطيح للازمة، فالجريمة منتشرة في عموم العراق والسلاح كذلك. ما يتعلق بسلاح الحشد فيجب أن يكون ضمن اطار الدولة، باعتبارها مؤسسة حكومية وما يحدث من انفلات لدى بعض افرادها هذا لا يقع ضمن مشروعها الاستراتيجي وليس هدفها وغايتها بل قامت بطرد العديد منها ومحاسبة من يسيء استخدامه. والسلاح موجود لدى العشائر ايضا وقد استخدم هذا السلاح في وقت ما لحفظ هيبة الدولة واستقرارها وامنها. الحديث اذن عن سلاح الجريمة وهو سلاح مرفوض ويمكن التضييق عليه ومراقبته. وهنا لا اشرعن بقاء السلاح خارج الدولة وتمدده ولكن اعتقد بوجود امكانية التضييق عليه وجعله تحت اشراف الدولة .
مرحلة انتقالية
{ ما الذي تقدمه من نصائح إلى رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي في هذاالوقت؟
– أتصور افضل نصيحة يمكن أن تقدم الى أي رئيس وزراء للمرحلة الانتقالية، أن يكون من الشعب وان يعمل للشعب، كما ادعوه بدراسة خطب المرجعية الدينية والاخذ بإرشاداتها والتأسيس عليها لرسم خارطة طريق، وأود أن اهمس في اذنيه أن يكون واقعيا وان يركز جهوده نحو تحقيق هدف الحكومة بتوفير الأجواء لاجراء الانتخابات المبكرة الحرة والنزيهة. و التركيز على مشروعين الى ثلاثة تمس عصب حياة المواطن وخدماته دون التشتت في كثرة المشاريع من اجل أن يترك بصمة واضحة، وان يحسن اختيار مسؤولي مكتبه ومستشاريه، وان يكون ناجحا في اختيار وزرائه.
{ هل تراه سينجح في مهمته ؟
– العامل الأول في نجاح مهمة أي رئيس وزراء قادم هي دعم كافة الكتل السياسية له وتخليها عن الهيمنة على الحكومة وفسح المجال أمام تنفيذ برامجه بدون الإخلال بالتوازن الوطني. اما العامل الآخر المهم في نجاحه فهو أن يسعي لإبعاد العراق كساحة صراع بين الولايات المتحدة وإيران وأن يكون قادرًا على توفير المشاريع الوطنية التي تحظى بمشاركة وعمل جميع الأطراف الداخلية والخارجية. أن المسؤولية تتطلب نكران الذات وجهدًا واداءً استثنائيًا وفريق عمل منسجمًا مع رؤية واقعية، نتمنى له او لغيره النجاح ونعمل على دعم ومساعدة ومساندة كل مسؤول همه بناء الدولة وتوفير الاستقرار الاقتصادي والسياسي للعراق. وهذا ديدننا منذ 2003 وبشكل طوعي .
عرف سياسي
{ ما رأيكم بالانباء التي تتحدث عن تكليف بديل للزرفي هو مصطفى الكاظمي. هل يتحقق ذلك ام تراها مجرد تكهنات؟
– اعتقد أن العقدة ليست في اسم الاخ الزرفي او بديله انما هو اشكالية سياسية ودستورية، فالعرف السياسي ينص على أن منصب رئاسة الوزراء للمكون الشيعي باعتبار الغالبية البرلمانية الاكثر عددا وهذا العرف يستند الى مبدأ دستوري، وان تكليف الاخ الزرفي من قبل الرئيس صالح دون الرجوع الى هذه المعادلة ( معادلة الحكم) هي محل الخلاف، لذلك فان القوى الشيعية تعترض على مبدأ التكليف لا اسم المكلف ولو كان الحال بالمقلوب الزرفي بدلا عن الكاظمي لكان الحال نفسه.
وفي كل الأحوال أن ما تكشفه الخلافات تشير الى عمق الانسداد السياسي في البلد وكأنه عجز سياسي مستحكم، مما يؤشر في بعض جوانبه خلل في بنية النظام السياسي، وهذا يتطلب مشروع إصلاحي كبير.
{ ما اصعب ما تراه حاليا من تحولات وتطورات يمر بها العالم في قطاع النفط؟
– التحولات كبيرة في قطاع النفط، والاوبك تجد نفسها في مهب الريح، والولايات المتحدة تربعت على صدارة الدول المنتجة منذ فترة قصيرة وانها متجهة نحو الموجة الثالثة في زيادة الإنتاج النفطي غير التقليدي لتصل الى معدلات عالية، والصراع السعودي الروسي يتطلب إيجاد اليات اكثر قدرة للتحكم في الحصص والاسعار. نشهد اليوم افول الأوبك فلم تعد المنظمة قادرة على تحقيق أهدافها لوحدها، هناك ثلاثة متنافسين كبار في السوق النفطية، وان التطورات التي يمر بها القطاع يتطلب رؤية جديدة لاطار جديد قادر على تحقيق وضع متوازن للدول المنتجة والمستهلكة.
{ هل بوسع العراق عمل شئ لانقاذ سوق النفط من التراجع؟
– تحرك العراق مفيد، فهو المنتج الثاني في الأوبك وقادر أن يلعب دورا مع الكبار وتحديدًا مع السعودية والولايات المتحدة وروسيا، فقد كان له دور في تأسيس الأوبك، وفي قناعتي يمكن للعراق بلورة رؤية جديدة تتناسب والأوضاع التي يمر بها العالم ساعيًا الى حلحلة الامر، علينا التذكير بان ازمة عام 2016 وان لم تكن بحجم هذه الازمة لعبت قطر دورا في المباحثات بين السعودية وروسيا لانجاحها.
{ كيف بالامكان انهاء مشكلة استنزاف نفط اقليم كردستان ؟
– لاشك أن مسألة نفط اقليم كردستان وعدم التوصل الى حل دستوري بشأنها، مسألة مقلقة، كاشفة عن عجز سياسي آخر للقوى السياسية . أن اهم استراتيجية يجب اخذها بنظر الاعتبار هي اعتبار النفط سلعة استراتيجية، وبالتالي علينا العمل بوحدة استثمار الثروات الطبيعية العاكسة لسيادة البلد . لذلك فلا خيار لنا، كمدخل للتسوية بهذا الشأن، الا الالتزام بنافذة تسعيرية موحدة لبيع النفط الخام من المركز او الاقليم، لا يصح أن تكون نافذتان لبيع النفط العراقي، عند الاتفاق على هذا المبدأ يمكن المضي في تسوية باقي الخلافات وفي استثمار هذه الثروة .
قد يهمك ايضا
عماد الدليمي يؤكّد أن القوات الأمنية العراقية تواصل ملاحقة بقايا فلول داعش
توفيق علاوي يدعو الكاظمي لاختيار كابينته الحكومية وفقًا لمعايير النزاهة والكفاءة
أرسل تعليقك