في وقت متأخر من مساء الاربعاء، طالب مقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، انصار الاخير بالانسحاب من قبر والده في النجف، رجل الدين محمد الصدر، بعد انباء عن اقتحام المكان. وجاءت تلك التطورات بعد تسريبات عن اختطاف والدة احد ضحايا الاحتجاجات في النجف، والتي اتهمت مؤيدين للصدر بالإساءة الى الاخير، وتجمع عدد من انصار "المختطفة" في محيط المرقد.
وبدأت القصة حينما انتشر فيديو لـ"أم مهند" أثناء زيارة قبر محمد صادق الصدر، وهو والد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وتبكيه شاكية عن سبب مقتل ابنها الذي كانت تحمل صورته بيدها: "أبنك يقول جرة أذن؟ هل تقبل بهذا؟...". وفي شباط الماضي، قتل 8 محتجين في اشتباكات بساحة الصدرين في مدينة النجف، عقب اجتياح افراد يدعون انتماءهم الى أنصار مقتدى الصدر عددا من الخيم المنصوبة هناك، بينهم الشاب مهند القيسي.
وكان مهند طالبا في قسم اللغات بجامعة الكوفة، وآخر ما كتبه في مواقع التواصل كان "دم الشهداء هو فقط ما يمثلنا"، مؤكدا في لقاء تلفزيوني معه أثناء مشاركته في التظاهرات أن مطلبه "تغيير النظام بصورة جذرية لأن النظام كلّه فاسد". وقال الصدر في حوار متلفز سابق إن "المتظاهرين انحرفوا عن الطريق الصحيح وكانوا بحاجة إلى جرّة أذن". وقرر الصدر في شباط الماضي، بعد اتهامات وجهت لانصاره المعروفين بـ"القبعات الزرق" بقتل محتجين حل المجموعة. وكتب الصدر في تغريدة نشرها على حسابه في تويتر حينها: "أعلن حل القبعات الزرق ولا أرضى بتواجد التيار بعنوانه في المظاهرات إلا إذا اندمج وصار منهم وبهم بدون التصريح بانتمائهم"، وذلك بعد أيام من مطالبة المرجعية الشيعية القوات الأمنية بحماية المتظاهرين.
إبني لا يحمل سلاحًا
وقالت السيدة التي كانت ترتدي ملابس حداد سوداء، من داخل خيمة "الشهيد مهند" في ساحة اعتصام النجف "ولدي مستقل، وليس لديه أي انتماء سياسي". وتحدت والدة مهند في تسجيل فيديو آخر "أي شخص يثبت لها أن ابنها كان يحمل سلاحا أو تجاوز بكلمة". وأضافت السيدة في الفيديو عند قبر محمد الصدر، الذي تعاطف معه الكثيرون "ابني وحيد، وكان يحمل ورقة كتب فيها أريد وطن"، وطالبت مقتدى الصدر "بإثبات أية جريمة متهم فيها مهند".
وتابعت "حينما تقول إن ما حدث كان جرة إذن، فهذه كبيرة على عوائل الشهداء"، مؤكدة "أريد دم ابني منك (يا مقتدى الصدر)، ولن أسكت وإن كنتم تريدون أن تقومون بجر أذني أيضا فقوموا بذلك".
وطالبت ام مهند، الصدر بتسليم قتلة ابنها وقتلة باقي المتظاهرين.
ويطالب محتجون منذ اشهر، بمحاسبة المسؤولين عن مقتل نحو 700 متظاهر واصابة 25 الف آخرين منذ تشرين الاول الماضي. وتعهد رئيس الحكومة الجديد مصطفى الكاظمي بمحاسبة قتلة المتظاهرين، وكلّف لجنة بإجراء تحقيق للوصول إلى الجناة، لكن ناشطين حذروا من "تدخل سياسي" قد يؤجل هذا الملف.
ووصل الهاشتاك الخاص بتأييد ام مهند، قبل يومين، الى اكثر من 60 الف تغريدة على (توتير)، فيما شنت جهات اخرى "حملة تشويه" ضد المرأة.
واتهمت والدة ضحية الاحتجاجات، بانها قد تسلمت أموال من قبل جهات مجهولة للاستمرار في استهداف "الصدر"، واخرى قالت بان ام مهند مدعومة من شخصية سياسية معروفة في النجف.
بالمقابل قال اسعد الناصري، وهو صدري منشق في ذي قار، ان "عصابات القتل وتسقيط الأعراض، لم يكتفوا بدماء الثوار الأبرياء". واضاف في تغريدة على (تويتر): "لاحقوا أعراض أمهات الشهداء اللواتي يشرفن كل السياسيين الفاسدين وقادتهم، وكل اللصوص والخونة الذين أفسدوا ودمروا البلد بأبشع الصور".
ليلة الأربعاء
ظل الامر خلال اليومين الماضين محصورًا في سجال على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى ليلة الاربعاء، حيث تدفق العشرات من انصار الزعيم الصدري، الى محيط مقبرة والده محمد الصدر في النجف. وقال احمد مكي، ناشط في النجف لـ(المدى): "وصلت معلومات عن ان ام مهند قد اختطفت في تلك الليلة، وساد الاعتقاد بانها موجودة قرب مقبرة الصدر". في تلك الاثناء نشرت تغريدة على حساب (توتير) منسوبة الى وزير الداخلية عثمان الغانمي، الذي كان حينها موجودًا في النجف، ضمن زيارة مكوكية لعدة محافظات بعد ايام من تسلمه المنصب قال فيها: "وجهنا قائد شرطة النجف والاستخبارات وجميع الاجهزة الامنية بالكشف والتحري عن الاماكن القريبة من مرقد السيد محمد الصدر للكشف عن اماكن مشبوهة تستعمل للخطف". واضاف الغانمي في تغريدته المزعومة ان تلك الاجراءات تأتي "بعد ورود معلومات من جهاز المخابرات" حول الحادثة. ووزير الداخلية مكلف من قبل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، قبل ايام، برئاسة لجنة خاصة لتقصي الحقائق عن "السجون السرية" التي يعتقد ناشطون وجهات حقوقية انها تضم نحو 60 متظاهرا من احتجاجات تشرين ما زلوا في عداد المفقودين.
بالمقابل قال احمد مكي، ان "الاوضاع في النجف ارتبكت بعد ذلك بسبب انباء عن دخول اشخاص من خارج المدينة الى حرق مقبرة السيد الصدر" في "سيناريو" مشابه لما جرى في مقبرة الحكيم نهاية تشرين الثاني الماضي، واتهمت فيه جهات شيعية "متطرفة".
وقال بيان لشرطة النجف، لم يتسن لـ(المدى) التأكد من صحته، ان المعتدين على قبر الصدر "جاءوا من خارج المدينة لزيارة مقبرة وادي السلام"، على الرغم من وجود اجراءات مشددة في النجف تمنع دخول الاشخاص بسبب تفشي وباء كورونا. مصدر رسمي من اعلام مكتب الشهيد الصدر، قال بحسب ما نقلته بعض وسائل الاعلام، عن حصول محاولات لاقتحام مرقد المرجع محمد الصدر ونجليه من بعض العناصر الخارجة عن القانون . لكن المكتب قال في بيان مقتضب، ان "ما حدث مساء (الاربعاء) في النجف الاشرف مشاجرة بسيطة مع الاجهزة الامنية في القاطع الامني عند مدخل حي الرحمة من قبل مجموعة من الشباب حاولوا كسر حظر التجوال والدخول الى مقبرة وادي السلام". واضاف "حيث تم اعتقال بعضهم من قبل القوات الأمنية، وما يشاع من معلومات حول نية دخول مرقد الشهيد الصدر ونجليه غير صحيحة". بالمقابل وصف صالح محمد العراقي المقرب من الصدر، بان ماجرى هو "فتنة". وقال في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: "اخمدت الفتنة.. وارجو ان لا تعود، والا فاننا لن نسكت". واضاف: "قد اوعز سماحته ان يفرج عنهم ولم يسمح باقامة دعاوى ضدهم، كما واوعز بان يتموا مراسيم زيارتهم للمرقد الشريف بانسيابية وادب، ويوفر لهم اجواء الرجوع الى محافظاتهم". إلى ذلك اعتبر النائب عن تحالف سائرون صباح الطلوبي العكيلي، أن ما حصل امس من اعتداء على مرقد السيد الشهيد الصدر في النجف لايدخل في خانة الصدفة، داعياً الى التعامل بجدية عالية مع الموضوع.
وقال العكيلي انه "لا يخفى على احد ان ما حدث ليلة الاربعاء من اعتداء اثم ولعين على ضريح ولي هز عروش الظلمة والطواغيت واثبت للعالم ان الصوت الواحد اذا علا وصدح بالحق فانه سيقلب الطاولة على كل ظالم وطاغية ومجرم وسارق وانه ما زال مصدر قلق لهم حتى بعد استشهاده"، مبينا "اننا نقول يا سادة الامن والامان في بلدي (ان الصدر خط احمر) عند جميع الشرفاء".
قد يهمك ايضا
تحالف "الوطن اولاً" يدعو وزارة الداخلية إلى الاستعانة بأبناء المحافظات المحررة في الملفات الأمنية
العراق يعلن أنّ مرحلة احتواء وانحسار فيروس "كورونا" بدأ في البلاد
أرسل تعليقك