قراءة في ديوان الجميلة سوف تأتي للشاعر أسامة جاد
آخر تحديث GMT05:21:44
 العراق اليوم -

قراءة في ديوان "الجميلة سوف تأتي" للشاعر أسامة جاد

 العراق اليوم -

 العراق اليوم - قراءة في ديوان "الجميلة سوف تأتي" للشاعر أسامة جاد

تونس ـ فاطمة عياري

كمن يخشى أن يُتهمَ بالشعر، تردّد كثيرًا الشاعر والصحافي المصري أسامة جاد في نشر هذا الديوان، ديوانه الأول. هو، من يحمل "ضوءًا، أرسلته نجمة في مخاضها الكوني، وماتت"...يسير به في "مَدينة مظلمَة، تمضي الكائنات نائمةً في شوارِعِها وهي تَحلم بأنها لم تَمتْ" وكلما إشتدت عليه وطأة الضوء، يهرع إلى كهفه ليتحصن به، و الكلمات الخضراء التي نبتت للتوّ من أثر الوميض تدق جدران رأسه الصغيرة و هي تصرخ : دثرني، دثرني... كلماته لا تشبه كلماتنا التي، غالبًا، ما نسرِف في هذرها، إنها تنبت في فمه طواعيةً "كالأسنان اللبنيّة"، ولأنه يمتلكُ "حاسةً مدهشةً في الحقيقةِ لشمِ الكلماتِ، ووزنِ شعرِيتِها، من خلال شهقات تفاجِئه بلا تفسير واضح" فإنه غالبًا ما يتفوّق على القارئ، فيتركه في حيرةٍ من أمره وهو يحاول، أن يُضيف بعضًا من الماء إلى نصوصه المركّزة جدًا، تمامًا كاللبن كامل الدسم، لعله يستطيع وقتها، أن يظفر ببعض من تلك المعاني المكثفة في نصوصه، أو ليس هو القائل: التعلق حزن مختبئ واليأس فرح البدايات الجديدة أيها القارئ، كن حذرًا إذًا، واخلع نعليْك كلّما وقفت في عتبة أحد نصوصه، فقد لا تنجو، وقد تضطر للقفز عاليًا، وأنتَ تحاول الإمساك بذيل تلك "الـ كُنْ" الممتدة منذ الأزل "بين كَشفِ الكافِ ومكنونِ النون". ذلك أنّ عنوان كل نص، هو في حد ذاته مؤامرة واضحة المعالم لاستدراجك إلى "سراديب الطفولة المسكونة بالعناكِبِ والرعب وأميراتِ الأحلام"، أو إلى "مدائن النمل" أو "أثير الغابة" أو "إلى أرض بيضاءَ لا يعيش الظلُّ فيها"... تأمل جيدًا سيمائية كل واحد منها، وستهز برأسك موافقًا. أيها القارئ، ألازلتَ تحاولُ الإمساك بطرف "الجميلة" أم أنه تسرب من بين أصابعك مجدّدًا كالزئبق؟ أمسكت به؟ دقّق النظر إذًا في زخرفته، متانة الغُرزة و دقتها...جمال الحَرف، تدافع الجُمل و تنضيدها...تأمل هذا "الإيقاع البصري" الذي كثيرًا ما يتفوق على "الإيقاع السمعي" للنص ليبلغ ذروته في قطعة البروكار هذه: "عن تاريخ القبلة الأولى" أُ حِ بُّ كِ كَ بُّ حِ إ أُ حِ بُّ كْ كْ بُّ حِ إ      أُ حِ بُّ بُّ حِ إ        أُ حِ حِ إ           أُ إ                 أ أُ            حِ ح      بُّ بُّ كَ كِ كْ أحِبُّكْ أُحِ حِ أُ أُأ أُأُ أُ ولأنه هوَ، ولأنه مسكون بهاجس الوجود والوطن والنساء والعشق، ولأنه كنبيّ بلغ أشُدّهُ، فصار يتقن فن التنبُّؤ والوعظ، فإن "الجميلة سوف تأتي" ليس أقل من بهو للمرايا... يركض فيه الأطفال "بالمرايِلِ المدرَسية"، و تستريح على أطرافه الأشجار المنهكة "من مشْي طويل"، و تنشغل فيه الملائكة "بطلاء الأحلام"...و عند الغابة، حطّاب مختبئ بين الشجرات، يراقب "ذات الرداء الأحمر" وهي تطارد الذئب و تصرخ :"أحبُّكَ يا ذئبي"... وفي وسط هذا البهو، يقف أسامة جاد بكل أناقته ومن خلال إعتماده على اللغة المكثَّفة، المجاز، السرد المختزل...ليطلق جموح النصّوص/المرايا حتى تطارد تصوراته عن الموت و الضفة الأخرى و شكل الذاكرة و الذكريات و التجارب و تلك الكائنات الخضراء و الزمن و اللغة و الأحلام و العشق و الأنثى و النزوات العابرة و عن تاريخ القبلة الأولى و عن الثورة و الشهداء... كثيرة هي النصوص التي تترك فيكَ أثر بهجتها، الدهشةَ، رائحة الولادة البيضاء...وهي تجر حبلها السرّي بيدها...و كثيرة أيضًا هي النصوص التي تبعث فيك الفزع، تأمل فقط تواريخ بعض النصوص، ووميض الأسطورة في بعضها الٱخر... وستدرك ذلك.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في ديوان الجميلة سوف تأتي للشاعر أسامة جاد قراءة في ديوان الجميلة سوف تأتي للشاعر أسامة جاد



أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:16 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 01:12 2014 الجمعة ,01 آب / أغسطس

نجاح مسلسل "دلع بنات" فاق توقعاتي

GMT 20:04 2018 الأحد ,16 أيلول / سبتمبر

لعبة PubG Mobile تحصل على تحديث جديد

GMT 08:06 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"ديور" تطرح مجموعتها الجديدة من حقائب الربيع

GMT 01:52 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

سعر الريال السعودي مقابل ريال عماني الأحد

GMT 11:04 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

خطوات بسيطة لتحضير مطبق الباذنجان باللحم المفروم

GMT 02:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

بياض جبال "الأوراس" يعتبر الوجهة المفضلة لعشاق التزلج

GMT 04:47 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

روندا روسي تظهر كنجم غلاف لعبة القتال المتنوع "إي اي سبورتس"

GMT 17:51 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل تطلق 6 صواريخ على مواقع عسكرية سورية جنوب دمشق

GMT 09:29 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"ناسا" ترسل مركبة غير مأهولة إلى كوكب المريخ في عام 2020
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq