فجّرت زيادة جديدة في أسعار الكهرباء في تركيا للمرة الثانية على التوالي في غضون 3 أشهر غضباً واسعاً في أوساط المواطنين، بعد أن أصبحت أسعار الطاقة والوقود صداعاً مزمناً يؤرق غالبية الشعب.
وأعلنت هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية، رفع أسعار الكهرباء بنسبة 14.90 في المائة اعتباراً من الثلاثاء للمرة الثانية في 3 أشهر بعد رفع للأسعار بالنسبة ذاتها في يوليو/ تموز الماضي. وبعد الزيادة الجديدة سيدفع المشتركون اعتباراً من الأول أكتوبر/ تشرين الأول الحالي 71.22 ليرة تركية (نحو 14 دولاراً) مقابل الـ100 كيلوواط/ساعة. وقالت الهيئة، في بيان، إن أهم عامل لرفع الأسعار كان بسبب تغيير شركة توزيع الكهرباء العامة لأسعار بيع الجملة؛ إذ زاد سعر وحدة الكهرباء 35 قرشاً.
وفور إعلان الزيادة الجديدة ضجت مواقع التواصل في تركيا بانتقادات واسعة وحادة من جانب المواطنين للحكومة. واتسمت التعليقات بالغضب الشديد من القرار الذي تسبب في مزيد من الأعباء على الأسر التركية.
كان تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ذكر أن أسعار الكهرباء في تركيا ازدادت بواقع 307 في المائة منذ عام 2003، وهو العام الذي تولت فيه حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان السلطة في تركيا. وفرضت الحكومة التركية مطلع أغسطس/ آب الماضي زيادة جديدة في أسعار الغاز الطبيعي للمرة الرابعة خلال أقل من عام بنسبة 15 في المائة للمنازل، و14 في المائة للأغراض الصناعية.
وسخر المواطنون من الحكومة بسبب رفع الأسعار في اليوم التالي مباشرة لإعلان وزير الخزانة والمالية برات البيراق، أول من أمس، خريطة طريق جديدة لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي متوسط الأجل الذي أعلن في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، ويغطي حتى نهاية عام 2022. وانتقد خبراء اقتصاديون خريطة الطريق الجديدة لتنفيذ البرنامج الاقتصادي، واعتبروها «استهزاء بالشعب»، لافتين إلى أن الأهداف الثلاثة أعلنها البيراق «غير واقعية».
كان البيراق أعلن أول من أمس ما سماه «ملامح خريطة الطريق الجديدة للبرنامج الاقتصادي» متوسط الأجل المستهدف تحقيقه حتى عام 2022، تحت شعار «التغيير قد بدأ»، والتي شهدت تخفيضاً للأهداف التي أعلنتها الحكومة في البرنامج ذاته الذي كان البيراق أطلقه في 19 سبتمبر 2018. وقال البيراق، إن خطته تستهدف نسبة 12 في المائة لمعدل التضخم السنوي بنهاية العام الحالي، بدلاً عن 15.1 في المائة حالياً، مشيراً إلى أن أهداف التضخم للسنوات الثلاث المقبلة، ستكون 12 و8.5 و6 و4.9 في المائة للأعوام 2019 إلى 2022 على التوالي.
وبالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، ذكر البيراق أن الخطة تستهدف نسبة نمو 0.5 في المائة في العام الحالي، ونسبة 5 في المائة في كل من الأعوام الثلاثة التالية. أما البطالة، فتخطط الحكومة التركية لخفضها لتصل بنهاية العام الحالي إلى 12.9 في المائة، ثم إلى 11.8 و10.6 و9.8 في المائة في الأعوام الثلاثة المقبلة على التوالي. وقفز معدل البطالة في تركيا إلى 13 في المائة خلال يونيو (حزيران) الماضي، بزيادة 2.8 في المائة مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي، مدفوعاً بأثر أزمة الليرة على النشاط الاقتصادي في البلاد. ويعدّ هذا المعدل الأعلى منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في 2002. كانت تركيا كشفت عن توقعات متشائمة في برنامجها الاقتصادي متوسط الأجل الذي أعلن في 19 سبتمبر 2018، وتضمن خفض توقعات النمو وزيادة توقعات البطالة والتضخم. وتوقعت الحكومة عند إعلان البرنامج، الذي جاء على خلفية أزمة حادة لليرة التركية فقدت خلالها 42 في المائة من قيمتها، أن يتجاوز معدل البطالة في البلاد 12 في المائة في العام الحالي، ورفع البيراق أمس هذه التوقعات إلى 12.9 في المائة.
وعلق الخبير الاقتصادي التركي، أوغور جورسيس، على خطة البيراق الجديدة، قائلاً عبر «تويتر»: «تزداد قناعتي بمرور الوقت بهذا العالم الاقتصادي الكاذب الذي قدمه الوزير البيراق يهدف لإقناع والد زوجته (الرئيس إردوغان) وليس لإقناعنا نحن». وأضاف: «هذا ما أسميه استهزاء، الهدف الرسمي للنمو هو 5 في المائة حتى عام 2022، لكن ما تم تقديمه كهدف للتضخم هو 12 في المائة لعام 2019، و8.5 و6 و4.9 في المائة للأعوام الثلاثة التالية».
من جانبه، قال محافظ البنك المركزي الأسبق دورموش يلماظ: «يبدو أن توقعات عجز الميزانية في أعوام 2020 - 2022، بنسبة 2.9 و2.5 و1.5 في المائة، مستندة إلى تحصيلات الضرائب التي ستؤمّنها توقعات بنسبة نمو 5 في المائة للأعوام الثلاثة، في حين أن العجز الجاري المتوقع للأعوام ذاتها لا يتناسب مع النمو».
وقال الخبير الاقتصادي مصطفى سونماز: «يصرح الصهر (البيراق صهر الرئيس إردوغان) بأن عجز الميزانية سيرفع من الدخل القومي حتى 3 في المائة. هذا يعني أن الزيادات والضرائب ومزادات بيع الممتلكات العامة مستمرة على أشدها». وأضاف: «أكبر ترهات الصهر هي إغلاق عام 2019 على نمو بنسبة 0.5 في المائة والنمو بنسبة 5 في المائة في الأعوام اللاحقة. تعالوا وانظروا أن نسبة البطالة مستمرة عند 12 في المائة على الرغم من النمو بنسبة 5 في المائة... لا يوجد أي اتساق داخلي في أهداف الصهر».
في شأن آخر، وقّعت تركيا والأردن في أنقرة أمس اتفاقية إطارية لإنشاء مجالس مشتركة بين البلدين بهدف تطوير العلاقات في مجالات السياحة والتجارة والزراعة. وتزيل الاتفاقية، العقبات المختلفة التي تواجه حركة التبادل التجاري بين البلدين، بعد أن ألغى الأردن من جانب واحد اتفاقية التجارة الحرة الموقعة مع تركيا والتي كانت تركز بشكل أساسي على السلع، ولم تحقق مكاسب اقتصادية للأردن. وأوقف مجلس الوزراء الأردني في مارس (آذار) 2018 العمل باتفاقية التجارة الحرة مع تركيا دعماً للقطاع الصناعي والزراعي والإنتاجي الأردني.
وكان البلدان وقّعا اتفاقية شراكة لإقامة منطقة تجارة حرة في 2009، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في مارس 2011، وفي الفترة حتى 2017 ارتفعت واردات الأردن من تركيا بنسبة 23 في المائة، في حين ارتفعت الصادرات الأردنية إلى تركيا 3 في المائة فقط.
قد يهمك ايضا
الصين تعلن «توقعات قاتمة» رغم التحسن الصناعي الطفيف
أرسل تعليقك