مصطفى الكاظمي رئيس حكومة العراق

رغم عدم عقد الجلسة الطارئة التي دعا رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي الكتل السياسية إليها بشأن الانتخابات المبكرة التي دعا إليها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فإن الحراك مستمر على مستوى الحوارات الثنائية بين القادة.وخلال اليومين الماضيين، بحث رئيس الجمهورية برهم صالح وكل من رئيس الوزراء الحالي والأسبق حيدر العبادي ملف الانتخابات. ومع أن البيانات الصادرة عن مثل هذه اللقاءات لم تخرج عن كل مرة لجهة التأكيد على تأمين مستلزمات إجراء الانتخابات في أجواء آمنة؛ بما في ذلك حصر السلاح بيد الدولة، بيد أن عدم إعلان البرلمان عن استئناف جلساته يثير مزيداً من الشكوك بشأن إمكانية إجراء الانتخابات في مواعيدها المفترضة خلال العام المقبل.

وأمام البرلمان العراقي قانون انتخابات جديد لا تزال عقدة الدوائر المتعددة فيه تشكل أحد أبرز محاور الخلاف بين الكتل السياسية. ففي الوقت الذي تطالب فيه قوى الاحتجاج الجماهيري بأن يتم استكمال تشريع ملاحق القانون على أساس الدوائر المتعددة التي تضمن إمكانية وصول قوى جديدة إلى البرلمان، فإن القوى السياسية التقليدية لا تزال تضع مزيداً من العراقيل بوجه القانون، مطالبة بأن تكون المحافظة الواحدة دائرتين انتخابيتين لا دوائر متعددة لكي تضمن بقاءها في المشهد السياسي.
أما الأكراد؛ فإنهم يرون أن إجراء الانتخابات في المناطق المتنازع عليها لن يضمن تمثيلاً عادلاً لهم لأن التداخل في بعض الأقضية المختلطة يمكن أن يؤدي إلى صعود القوى الطائفية في تلك الأقضية ويقصي الكرد منها.
وحول القانون المقترح التصويت عليه بعد استئناف جلسات البرلمان، يقول عضو البرلمان العراقي عن «تحالف عراقيون» حسين عرب لـ«الشرق الأوسط» إن «إقرار القانون أو استكماله سيكون بالتصويت على 3 مقترحات؛ أيهما يحصل على تصويت المجلس يتم التعامل معه». وأضاف عرب أن «المقترحات الثلاثة هي: أولاً لكل مقعد نيابي دائرة انتخابية واحدة. وثانياً لكل قضاء دائرة انتخابية. وثالثاً لكل 4 مقاعد نيابية دائرة انتخابية واحدة». وبشأن ما إذا كان ذلك سوف يهيئ الظروف لإجراء الانتخابات، يقول عرب إن «من المتوقع أن تكون الانتخابات مبكرة إذا تم استكمال القانون، وبدأت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العمل الفني لإجرائها وبالموعد الذي تم تحديده العام المقبل».
لكن عضو البرلمان السابق والسياسي المستقل حيدر الملا يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «من الصعوبة بمكان إجراء الانتخابات في موعدها الذي حدده رئيس الوزراء في 6 يونيو (حزيران) 2021». وحدد الملا 4 شروط لإجراء الانتخابات المقبلة؛ هي: «أولاً إقرار القانون بالصيغة التي تم الاتفاق عليها طبقاً للإرادة الجماهيرية؛ وهي الدوائر المتعددة. وثانياً تهيئة الأجواء أمام المفوضية العليا لإجراء الانتخابات على كل الصعد. وثالثاً العمل على منع تسلق البلطجية والسراق والمزورين. ورابعاً معالجة أسباب حالة الرفض المجتمعي بشأن المشاركة في الانتخابات».
إلى ذلك، لوح مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات، حسين الهنداوي، بالعودة إلى قانون الانتخابات السابق في حال عدم إقرار مجلس النواب قانون الانتخابات الجديد. وقال الهنداوي في تصريح متلفز إن «ما يشغلنا الآن هو أن البرلمان لم يكمل جداول الدوائر الانتخابية التي تبين حدودها رغم مرور نحو 7 أشهر على التصويت عليه، كما لم يقم إلى الآن بإرسال القانون الجديد إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه تمهيداً لنشره في الجريدة الرسمية كي يصبح نافذاً رسمياً»، مؤكداً أنه «وفق الحال هذه؛ لا يمكن إجراء الانتخابات من دون القانون، ما يعني العودة إلى اعتماد القانون السابق المطعون بعدالته وفشله في ضمان إجراء انتخابات حرة وعادلة ونزيهة». وأوضح الهنداوي أن «مجلس النواب هو السلطة الحصرية المسؤولة عن تشريع القوانين؛ ومنها القوانين الانتخابية»، مبيناً أنه «من اللازم أن يستند قانون الانتخابات إلى مبادئ الدستور التي تؤكد على العدالة والمساواة والديمقراطية وحرية التصويت والإقرار الثابت بأن الشعب مصدر السلطات حصراً؛ لا أن يستند إلى مبدأ المحاصصة وتفضيل المصالح الذاتية والفئوية الضيقة على مصالح الشعب والوطن ومستقبلهما». ولفت الهنداوي إلى أن «يوم 6 يونيو من العام المقبل الذي حدده رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، يعد موعداً مناسباً جداً لإجراء الانتخابات النيابية المبكرة المقبلة. ولذا ينبغي العمل المثابر من الآن لتهيئة المقتضيات اللازمة لذلك».
وبين الهنداوي أن «شروط ضمان نزاهة العملية الانتخابية كثيرة؛ في مقدمتها تطوير أساليب المراقبة الحديثة، ومن بينها أيضاً أهمية تعديل قانون المفوضية بما يحقق شفافية عالية في عملها، وكذلك تعديل وتفعيل قانون الأحزاب، لا سيما في مجال حظر السلاح المنفلت، ومعاقبة الاستخدام غير القانوني للمال السياسي والمال الأجنبي، وكل أساليب الترهيب والتهديد وشراء الأصوات والذمم في العملية الانتخابية»، مبيناً أن «الانتخابات المقبلة إما تكون حرة وعادلة ونزيهة وعلى أساس المعايير الدولية بحضور قوي للأمم المتحدة، وإما فلا معنى لها».