كوبيابو - أ.ف.ب
تشهد صحراء اتاكاما في شمال تشيلي، اكثر بقع الارض جفافا، ظاهرة فريدة تتمثل بانتشار الزهور الملونة على مساحات واسعة على هذه الارض القاحلة، في حالة تسعد الاخصائيين والسياح على السواء وتعود الى تيار "إيل نينيو" الساخن.
فعلى الكثبان الرملية الضخمة في صحراء اتاكاما، اجتاحت الاف الاجناس من الزهور الصفراء والحمراء والبيضاء والأرجوانية هذه الارض الواسعة التي تتسم عادة بطابعها الصحراوي الجاف.
وباتت هذه الارض الصحراوية القاحلة والشاحبة في تشيلي مغطاة بالاف من ازهار "نولانا بارادوكسا" الارجوانية والبيضاء او الـ"انيانوكاس" الصفراء.
وجاءت هذه النباتات لتكمل اللوحة الملونة التي رسمت معالمها انواع اخرى متأصلة في تشيلي بينها نبتة "بوماريا اوفاليي" الحمراء الملقبة بـ"مخالب الأسد" او نبتة "كالاندرينيا لونغيسكابا" المتعددة الالوان.
هذه اللوحة الطبيعية الفريدة تحصل مرة كل اربع او خمس سنوات لكنها بلغت هذا العام مستوى استثنائيا غير مسبوق منذ عقود طويلة.
ويوضح راوول سيسبيديس الاخصائي في المتاحف والاستاذ في جامعة اتاكاما لوكالة فرانس برس أن "هذا العام مميز نظرا الى ان الكميات الكبيرة من المياه التي هطلت سمحت بمراقبة ما يبدو أنه اكثر المشاهد روعة خلال السنوات الأربعين الى الخمسين الاخيرة".
وتمثل ظاهرة "ايل نينيو" المناخية حدثا ذا اهمية بالغة على صعيد الارصاد الجوية وتترجم بتعاقب فترات من الجفاف والفيضانات. وتسجل هذه الظاهرة بوتيرة مرة كل سنتين الى سبع سنوات.
وتؤكد المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للامم المتحدة وجود "اثر كبير" لهذه الظاهرة على المناخ العالمي يتجلى عبر ارتفاع درجات الحرارة في المحيط الهادئ ما ينتج تغييرات في الغلاف الجوي وتبدل في سرعة الرياح وفي انظمة المطر في اميركا اللاتينية.
واتسمت ظاهرة "ايل نينيو" هذه السنة بحدة كبيرة كما أن كميات الامطار التي هطلت كانت كافية لبصيلات النباتات وجذورها للانبات والبقاء في هذه البيئة القاحلة.
ويقول راوول سيسبيديس "فكرة الصحراء مرتبطة بالجفاف الكامل، لكن ثمة نظام بيئي خفي ينتظر توافر بعض الشروط - مثل المطر وارتفاع درجات الحرارة والرطوبة - ليتفاعل".
وبعد فصل اول من الظواهر المناخية خلال الشتاء سجلت فيه كميات امطار غزيرة هطلت في اذار/مارس - ما ادى الى فيضانات وتسبب بمقتل اكثر من 30 شخصا في المنطقة -، حصلت مرحلة ازهرار ثانية في مطلع الربيع الحالي في النصف الجنوبي من الكرة الارضية.
ويشير دانيال دياز المدير الاقليمي للهيئة الوطنية للسياحة في منطقة اتاكاما الى ان "الظاهرة الحالية خارجة بقوة عن المألوف، ومردها الى فيضانات اذار/مارس التي ادت الى موسم مميز لتفتح الازهار خلال الشتاء، وهو امر لم نره سابقا (...) من ثم شهدنا موسم تفتح ازهار ثانيا في الربيع".
ويضيف "موسمان لتفتح الازهار خلال سنة واحدة امر استثنائي في اكثر صحراء قاحلة في العالم. هي مناسبة استفدنا منها خلال الربيع مع زوار من العالم اجمع. كان ثمة الكثير من الترقب والاهتمام حيال هذه الظاهرة".
وقد ساهمت هذه الظاهرة الطبيعية في دعم السياحة المحلية اذ شهدت المنطقة ارتفاعا في عدد السياح الوافدين اليها بنسبة 40 %.
ويروي ادوارد زاناهاند وهو سائح بريطاني جاء للاستفادة من المشهد الرائع، لوكالة فرانس برس أن "هذا الامر غير اعتيادي البتة. جئنا لتناول طعام الفطور محاطين بالازهار".