عناصر من الجيش السوري الحر
دمشق ـ جورج الشامي
أعلنت دمشق رفضها قرار مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بتمديد مهمة لجنة التحقيق التابعة للهيئة الدولية بشأن الوضع في سورية سنة إضافية، فيما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون أن مقاتلين معارضين سيطروا على مقر قيادة لواء للدفاع الجوي في محافظة درعا، جنوب سورية، بعد معارك استمرت
أكثر من أسبوعين، في حين شهد تشييع جنازة الشيخ البوطي إجراءات أمنية مكثفة في العاصمة السورية دمشق.
وأوضح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين السورية، في تصريح نشرته وكالة الأنباء الرسمية "سانا"، أن "سورية ترفض هذا القرار جملة وتفصيلاً"، مرجعًا ذلك إلى "تجاهل القرار للدور اللاأخلاقي الذي تمارسه الدول الداعمة للإرهاب في سورية، التي ترعى تمويل وتدريب وتسليح وإرسال الإرهابيين والمرتزقة"، مؤكدًا أن "مثل هذه القرارات المنحازة وغير الموضوعية وغير المتوازنة تكرس سياسة إزدواجية المعايير، التي تمارسها بعض الدول التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان، بينما تغض الطرف في الوقت نفسه عن سجل حقوق الإنسان المشين في الدول الراعية لهذا القرار"، وأكد المصدر الرفض السوري لـ"الانتقائية التي تم اعتمادها في صياغة القرار"، معتبرًا أنه "يشكل جزءًا من تغطية سياسية للجرائم التي ترتكبها المجموعات الإرهابية المسلحة، من خلال تقديم قرارات أحادية الجانب، ومسيسة، تسعى إلى تحميل الحكومة السورية المسؤولية عن الأحداث الجارية، على أساس مغالطات ومزاعم كاذبة".
وأضاف المصدر أن "هذه القرارات تتجاهل جرائم المجموعات الإرهابية المسلحة، التي قدمت الحكومة السورية العشرات من الأدلة عليها إلى مفوضية حقوق الإنسان".
وتمت الموافقة بـ41 صوتًا، ومعارضة صوت واحد، وامتناع خمسة عن التصويت، الخميس، على قرار مقدم من الأردن، والكويت، والمغرب، وقطر، والسعودية، وتونس، والإمارات العربية يمدد مهمة اللجنة، ويطلب منها تقديم تقرير دوري خطي بشأن الوضع في سورية.
وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان السبت، قائلاً "سَيطر مقاتلون من جبهة النصرة ولواء اليرموك وكتائب أخرى على قيادة اللواء 38 دفاع جوي، الواقع قرب بلدة صيدا على طريق دمشق/عَمان في محافظة درعا، وذلك بعد اشتباكات عنيفة استمرت 16 يومًا"، مشيرًا إلى أن "الهجوم أسفر عن مقتل سبعة مقاتلين معارضين، وإصابة أخرين بجروح، وثمانية عناصر من القوات النظامية، بينهم ضابط، كما تم تحرير عشرات الأسرى من داخل مقر قيادة اللواء".
وأظهر شريط فيديو بثه المرصد على موقع "يوتيوب" جثة العميد محمود درويش، حسب ما يقول صوت مسجل الشريط، وهي جثة رجل في لباس عسكري، غارق في دمائه لدرجة لا يمكن تَبين ملامح وجهه.
كما بَث ناشطون شريطًا آخر على موقع "يوتيوب"، يُظهر تحرير المعتقلين في اللواء 38 في درعا، حيث أظهر الفديو شُبانًا، معظمهم مُلتحي، يرتدون قمصان قطنية، يَنَحَنونَ على الأرض ويقبلونها، ثم يقبلون المقاتلين، الذين يقولون لهم "الحمد لله على السلامة".
وألتقطت الصور داخل مبنى مظلم وسط ضجيج أصوات، وسمع صوت أحدهم يَطلب من المقاتلين والمصورين الخروج، ليرتاح المعتقلين قليلاً.
وفي السياق نفسه، ذكرت الهيئة العامة للثورة أن "مقاتلين معارضين تمكنوا أيضًا من تحرير حاجز العَلان في بلدة سَحم في الجولان، واغتنام ما فيه من آليات وعَتاد".
وأظهر شريط فيديو، تم نشره على الإنترنت، عددًا كبيرًا من المقاتلين في الحاجز المذكور، إلى جانب دبابتين على الأقل وعربات عسكرية مع العلم السوري ممزقًا وملقى على الأرض، وجثث مغطاة ببطانيات من الصوف.
ويقول أحد المقاتلين في الشريط "جايينك يا بشار بعون الله" (في طريقنا إليك يا بشار بعون الله)، فيما يشير مصور الشريط إلى أن "العملية نُفذت على أيدي لواء شهداء اليرموك، وكتيبة المثنى بن حارثة، وجبهة النصرة".
وفي شأن فتح أبواب القمة العربية، التي تنعقد الثلاثاء المقبل في العاصمة القطرية الدوحة، أمام المعارضة السورية، أعلنت الدولة المضيفة قطر رسميًا مشاركة المعارضة السورية في القمة، دون تحديد ما إذا كانت المعارضة ستشغل مقعد سورية الشاغر في الجامعة العربية منذ تعليق عضويتها في تشرين الثاني/نوفمبر 2011.
وقال مسؤول في الجامعة العربية، لوكالة "فرانس برس"، أن "مسألة المقعد سيحسمها وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم التحضيري للقمة الأحد في الدوحة".
وقال المسؤول في "الائتلاف الوطني السوري" المعارض أحمد رمضان، لوكالة "فرانس برس"، "سنتمثل برئيس الحكومة الموقت غسان هيتو، ورئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب، ورئيس أركان الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس".
وأضاف رمضان "من المفترض أن يقوم الوفد السوري بإلقاء كلمة للمرة الأولى أمام القمة"، مشيرًا إلى أن "الائتلاف المعارض طلب من الأمين العام للجامعة العربية دعوته إلى القمة لتمثيل سوري".
ولا تزال الدول العربية منقسمة، فالعراق والجزائر أعربتا عن تحفظاتهما، فيما نأى لبنان بنفسه عن القرار الذي اتخذه مجلس الجامعة العربية في السادس من آذار/مارس في القاهرة، بشأن دعوة المعارضة لتشكيل هيئة تنفيذية، بغية الحصول على مقعد سورية في قمة الدوحة.
إلا أن "الائتلاف الوطني السوري" قام فقط باختيار رئيس للحكومة، ولم يُشكل حكومة، وقد لا يتمكن هيتو من تشكيل هذه الحكومة قبل القمة في الدوحة.
وأوضح رمضان أن "هيتو، الذي انتخب الاثنين، يتابع مشاوراته لتشكيل حكومته، وأمامه مهلة ثلاثة أسابيع لتشكيل حكومة، مؤلفة من تسعة إلى 12 عضوًا".
وأعتبر المسؤول في الجامعة العربية، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "انتخاب هيتو يشكل خطوة مهمة، إلا أنها ليست كافية"، وأضاف قائلاً "نحن ما زلنا ننتظر تشكيل الحكومة الموقتة، أو الهيئة التنفيذية".
وتَبقى الدول الأعضاء في الجامعة منقسمة بشأن الموقف من نظام الرئيس السوري بشار الأسد، حيث ما زالت تسعة دول في الجامعة تقيم علاقات دبلوماسية مع سورية، وهي لبنان والجزائر والسودان والأردن ومصر واليمن والعراق وسلطنة عُمان وفلسطين.
وفي تطور جديد يلتقي ناشطون معارضون من الطائفة "العلوية"، التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد، السبت، في القاهرة، لدعم بديل ديمقراطي لحكمه، ومحاولة للنأي بالطائفة عن الارتباط الكامل بمحاولات الحكومة لسحق الثورة، التي تشهدها سورية منذ عامين، وهو أول اجتماع للعلويين المؤيدين للثورة.
وقال منظمون أن "الاجتماع، الذي يستمر يومين في القاهرة، سَيُعدّ إعلانًا يلتزم بسورية موحدة، ويدعو التيار الرئيسي للمعارضة للتعاون بشأن منع الاقتتال الطائفي، حال سقوط الأسد، والاتفاق على إطار للعدالة الانتقالية".
وستَحضر المؤتمر نحو 150 شخصية علوية، تضم نشطاء وزعماء دينيين، اُضطر معظمهم للفرار من سورية لتأييدهم للثورة، ومن بين العلويين البارزين الموجودين في السجن حاليًا، المدافع عن حرية الرأي مازن درويش، والذي عمل على توثيق ضحايا قمع الأنتفاضة، وعبد العزيز الخير، وهو سياسي وسطي يؤيد الانتقال السلمي للحكم الديمقراطي.
وقال المحامي الذي يساعد في تنظيم المؤتمر عصام إبراهيم "إن الثورة أعطت العلويين فرصة لإثبات أن الطائفة العلوية ليست جامدة، وأنها تطمح مثل باقي السكان للعيش في ضوء نظام ديمقراطي تعددي".
وذكر إبراهيم، الذي سُجن والده لسنوات أثناء حكم حافظ الأسد، أن "الوثيقة التي ستصدر عن المؤتمر ستؤكد التزام العلويين بالوحدة الوطنية والتعايش بين الطوائف".
وفي الوقت الذي تتخذ فيه الحرب منحى طائفي على نحو متزايد، فإن فصل مصير الطائفة العلوية عن مصير الأسد قد يكون أمرًا حاسمًا لبقاء هذه الطائفة الشيعية، التي تضم نحو 10% من سكان سورية.
وأفاد دبلوماسي غربي بأن "الاجتماع يُعقد متأخرًا عامين تقريبًا، ولكنه سيساعد على إبعاد الطائفة عن الرئيس الأسد، والحيلولة دون وقوع حمام دم طائفي على نطاق واسع لدى رحيل الأسد، سيكون العلويون الخاسر الأكبر فيه".
وإلى جانب النزاع السوري الذي أسفر عن مقتل أكثر من سبعين ألف شخص في سنتين وأكثر من مليون لاجئ وأربعة ملايين نازح، من المتوقع أن تبحث القمة أيضًا عملية السلام في الشرق الأوسط المتعثرة منذ سنتين.
وقال الأمين العام المساعد للشؤون الفلسطينية في الجامعة العربية محمد صبيح، لوكالة "فرانس برس"، أن "المشاركين سيدرسون خطة عمل عربية على المستوى الدولي لأنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، كما ستتابع القمة النقاش بشأن مشروع إعادة هيكلة الجامعة العربية، لهدف تنشيط هذه المنظمة، التي اُسست في 1945، وتعاني من الانقسامات الداخلية، وعجز دولها الأعضاء عن الارتقاء لمستوى الدول المتقدمة، على الرغم من الثروات الكبيرة في العالم العربي".
هذا، وقد شيّع جمع غفير من السوريين، السبت، جثمان الشيخ محمد سعيد البوطي، من جامع بني أمية الكبير في العاصمة السورية دمشق، وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث أغلقت قوات النظام الطرق المؤدية إلى "المسجد الأموي" كافة، وأغلقت المحلات التجارية في سوق الحميدية.
وحسب وكالة الأنباء الرسمية السورية "سانا"، وصل جثمان الدكتور البوطي، في وقت سابق إلى مسجد بني أمية، برفقة السيد وزير الأوقاف الدكتور محمد عبد الستار ممثلاً للرئيس بشار الأسد.
ولقى الشيخ البوطي حتفه، إثر تفجير انتحاري استهدف مسجد "الإيمان" في دمشق، أول أمس الخميس، كما سقط أيضًا عشرات الأشخاص الذين تصادف تواجدهم في المسجد، بينهم حفيد البوطي.
من جانبه، نفى الجيش "الحر"، في وقت سابق، مسؤوليته عن التفجير الذي أودى بحياة البوطي، مؤكدًا إدانته لعملية التفجير، وذلك على لسان المتحدث الرسمي باسم الجيش "الحر"، لؤي المقداد.
كذلك نفت "جبهة النصرة" (إحدى الفصائل المسلحة التي تقاتل ضد الأسد)، مسؤوليتها عن استهداف البوطي، ونشرت ذلك في بيان ينفي تورطها، بينما ذهبت تحليلات أقطاب المعارضة السورية إلى احتمال ضلوع النظام السوري في تصفية الشيخ البوطي، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
يذكر أن الشيخ البوطيقد ولد عام 1929، وله العديد من المؤلفات الإسلامية، ولكنه في الفترة الأخيرة أثار علامات استفهام عدة، لسبب تصريحاته المؤيدة لبشار الأسد، منذ اندلاع الثورة السورية في الخامس عشر من آذار/مارس 2011.