زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر
بغداد ـ جعفر النصراوي
أكد موافقته على المطالب التي وصفها بـ"المشروعة"، التي يرفعها متظاهرو الأنبار، في حين استثنى من ذلك المطالبات بإلغاء القانون رقم 4 إرهاب، المعروف بقانون المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث سابقًا)، بينما طالب رئيس الوزراء العراقي بتحمل مسؤولياته وعدم التملص منها
محذرًا من ما أسماه "الربيع العراقي"، فيما قامت قوة من مكافحة الشغب التابعة لقوات الأمن العراقية باحتجاز المصلين في جامع أبي حنيفة النعمان، في منطقة الأعظمية شمال العاصمة بغداد، ومنعتهم من الخروج للتظاهر ضد الحكومة، بعد أدائهم صلاة الجمعة في الجامع.
وقال الصدر في مؤتمر صحافي عقده في كنيسة النجاة في منطقة الكرادة، وسط العاصمة بغداد "إننا إذ نقف الأن في كنيسة النجاة، نهنئ إخواننا المسيحيين لمناسبة أعياد الميلاد، وكذلك لنؤكد أننا والمسيحيين إخوان وشركاء في هذا البلد، ومن واجبنا أن نتكاتف لنحقق الأمن والأمان فيه، فإننا نقف مع مطالب الإخوة المتظاهرين في الأنبار، لأنها مشروعة جميعها، بإستثناء المطلب الخاص بإلغاء قانون المسائلة والعدالة"، مشيرًا إلى أن وفدًا من التيار الصدري سيتوجه إلى محافظة الأنبار، لزيارة المتظاهرين، وموجهًا الاتهام إلى رئيس الوزراء نوري المالكي بالتخلي عن المسؤولية، وإلقائها على عاتق وزرائه، داعيًا إياه إلى الاستجابة لمطالب المتظاهرين، محذرًا من عواقب سياسية مجلس الوزراء العراقي، قائلاً "ربيع العراق مقبل، إذا أبقى المالكي على سياسته".
إلى ذلك، قال إمام وخطيب جامع أبي حنيفة النعمان عالم الدين عبد الستار عبد الجبار لـ "العرب اليوم": إن "قوة من مكافحة الشغب منعت المصلين من الخروج من جامع أبو حنيفة النعمان، بعد صلاة الجمعة، واحتجزتهم داخل الجامع لمنعهم من التظاهر في الشارع".
وعد عبد الجبار "هذه الإجراءات مخالفة للدستور والقانون"، مؤكدًا أن "من واجب القوات الأمنية حماية حدود الوطن، وليس حصار أبو حنفية النعمان".
وشهدت منطقة الأعظمية شمال العاصمة بغداد إجراءات أمنية مشددة، منذ صباح الجمعة، إذ انتشرت قوات من الشرطة والجيش على مداخل المنطقة، وفرضت إجراءات مشددة على الدخول إليه، كما انتشرت قوات مكافحة الشغب بالقرب من جامع أبو حنيفة النعمان.
وأفاد مصدر أمني بأن قوات الشرطة احتجزت عددًا من المواطنين في نقاط التفتيش المنتشرة في منطقة الأعظمية، لمنعهم من الوصول إلى جامع أبي حنيفه النعمان، ومنعتهم من الوصول إلى الجامع دون ذكر مزيد من التفاصيل
وتشهد البلاد منذ الـ21 من كانون الأول/ ديسمبر 2012، تظاهرات على خلفية اعتقال عناصر من حماية وزير المالية القيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي، انطلقت شرارتها من محافظة الأنبار، لتمتد إلى محافظات صلاح الدين ونينوى وكركوك، تنديدًا باعتقال حماية العيساوي وسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي، والمطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين والمعتقلات، وإلغاء قوانين المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب، وتطبيق قانون العفو العام، وإسقاط حكومة المالكي.
وكانت القائمة العراقية دعت، في الـ23 من كانون الأول/ ديسمبر 2012، أهالي نينوى وصلاح الدين والأنبار إلى الاعتصام حتى تحقيق مطالبهم في نظام ديمقراطي "يكفل حقوق الجميع"، وفي حين اتهمت رئيس الحكومة نوري المالكي بـ"افتعال" قضية حماية العيساوي "للتغطية على فشله"، بررت عدم حضورها جلسة البرلمان، الجمعة، بـ"انشغالها بدرس الأزمة الحالية".
وطالب رجل الدين البارز، عبد الكريم السعدي، متظاهري الأنبار، في الـ30 من كانون الأول/ ديسمبر 2012، بـ"الابتعاد عن الكلمات النابية"، ودعا المرجعيات الدينية إلى "نصح السياسيين"، واصفًا المتظاهرين بالسائرين على درب الحسين، عادًا من يصفهم بالطائفيين "بالمخطئ".
وهدد مجلس عشائر محافظة ديالى، في الأول من كانون الثاني/ يناير 2013، بالخروج في اعتصامات واحتجاجات في حال لم تستجب الحكومة العراقية لمطالبهم خلال 72 ساعة، وهي المطالب ذاتها التي تقدم بها المتظاهرون في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى.
ويرى محللون سياسيون أن استمرار التظاهرات في البلاد، التي اتهمت من بعض الكتل السياسية بالطائفية، يولد مخاوف من عودة البلاد إلى سنوات العنف الطائفي، خلال الأعوام 2005، 2006، 2007، في حال عدم تدارك الأزمة، خاصة بعد أن تحولت التظاهرات إلى اعتصامات مفتوحة رفعت خلالها أعلام النظام السابق، وصورًا لرئيسه صدام حسين، ورئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، في محافظات غالبية سكانها من المكون السني.
من جانبهم، جدد متظاهرو الأنبار، الجمعة، مطالبتهم بإطلاق سراح المعتقلات من السجون، وإلغاء المادة 4 إرهاب، وإلغاء التهميش في مؤسسات الدولة، وفي استجابة منهم لدعوة جوامع الفلوجة إلى صلاة موحدة، أطلقت عليها "جمعة الصمود"، على الطريق الدولي الرابط بين الفلوجة والأنبار، شارك الآلاف من أهالي المحافظة، رافعين شعارات منددة بالحكومة، وبعمل اللجنة التي شكلها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من مجموعة علماء الدين، للنظر في قضايا المعتقلين، مرددين شعارات مختلفة منها "لا نخاف عصا المالكي ولا جزرة خالد الملا".
وتشهد محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين منذ 25 كانون الأول/ ديسمبر الماضي تظاهرات حاشدة، شارك فيها علماء دين وشيوخ عشائر ومسؤولين محليين، أبرزهم محافظ نينوى أثيل النجيفي، ووزير المالية رافع العيساوي، للمطالبة بإطلاق سراح السجينات والمعتقلين الأبرياء، وتغيير مسار الحكومة، ومقاضاة منتهكي أعراض السجينات.
وفي سياق متصل حذر مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي من وجود مجموعات "إرهابية" تخطط لاستهداف المتظاهرين في الأنبار، فيما أكد أن القوات المسلحة ستقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين حماية المتظاهرين.
وقال المكتب في بيانه، الصادر الجمعة، والذي تلقى "العرب اليوم" نسخة منه، "إن الأجهزة الأمنية لديها معلومات موثوقة المصادر عن وجود مجموعات إرهابية مسلحة تنتمي إلى القاعدة والبعث، الذين يتربصون ببلادنا، تخطط للدخول إلى ساحة تظاهرة الفلوجة والأنبار، بغرض القيام بأعمال إرهابية مسلحة ضد المتظاهرين، هدفها إثارة الفوضى وسحب القوات المسلحة للاصطدام معها، وخلط وتعقيد الموقف واستغلال الأوضاع".
كما دعا المكتب من وصفهم بـ"المتظاهرين السلميين"، إلى أخذ الحيطة والحذر، واتخاذ ما يلزم لمنع تسلل هؤلاء إلى ساحة التظاهرة.
من جانبه، هدد رئيس الحكومة نوري المالكي، في لقاء متلفز مع فضائية العراقية شبه الرسمية، في 1 كانون الثاني/ يناير 2013، باستخدام القوة لفض المظاهرات التي وصفها بـ"المخالفة للدستور"، حيث أشار إلى أن من يقف وراء استمرارها "أجندات ترمي إلى زعزعة الدولة"، وأكد أن الطريق الدولي الذي اتخذه المتظاهرون ساحة للتظاهر بعد غلقه "سيفتح بالقوة".
يذكر أن رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي قد دعا في وقت سابق إلى عقد جلسة استثنائية للبرلمان، الأحد المقبل، لمناقشة الأزمة السياسية الراهنة، مطالبًا جميع أعضاء مجلس النواب بالحضور إلى الجلسة، كما أكد نائب رئيس الوزراء صالح المطلك على ضرورة الاستجابة لمطالب المتظاهرين، التي وصفها بـ"المشروعة"، داعيًا الكتل السياسية إلى العمل بجدية داخل البرلمان والحكومة من أجل تنفيذها.