حكومة العراق تلتزم الدبلوماسية

يتسبب الخلاف على تحديد هوية وآلية التعامل مع الجهات التي يعتقد بأنها "تتعمد" استهداف مواقع الحشد الشعبي في العراق في زيادة الانقسام داخل هيئة الحشد، حيث أن هذه هي المرة الثانية التي يحمل بها الحشد الشعبي إسرائيل المسؤولية عن هجوم تعرض له قيادي في أحد الفصائل الشيعية غربي الأنبار، بعد حادثة قاعدة بلد الأسبوع الماضي.

بالمقابل لم تؤكد الحكومة ورئيس الهيئة فالح الفياض حتى الآن فيما لو كانت الهجمات الأخيرة نفذت بطائرات مسيرة - كما يقول نائب رئيس الهيئة أبو مهدي المهندس- أو أن وراءها إسرائيل، حيث تسربت أمس أنباء عن عقد الرئاسات الثلاث اجتماعا مع 5 قيادات من الحشد، بغياب نائب رئيس الهيئة أبو مهدي المهندس. وبدأت قوى سياسية، حليفة لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بانتقاد الأخير لعدم الرد على تلك الاستهدافات. ويعتبر عبد المهدي، مرشح الحشد لرئاسة الوزراء، حيث معروف أن تشكيل الحكومة العام الماضي، جاء باتفاق بين تحالفي سائرون المدعوم من مقتدى الصدر، والبناء الذي تشكل فيه كتلة الفتح (أكبر تجمع سياسي يمثل الحشد) الثقل الأكبر. 

وما زال رئيس الوزراء وحكومته ومن ضمنهم رئيس هيئة الحشد- وفق بيانات رسمية- متفقين على سلوك الطرق الدبلوماسية واحترام اتفاقية الإطار الستراتيجي مع واشنطن في حل الأزمة الأخيرة.
وقال تحالف الفتح، أمس ردا على هجوم استهدف مسؤول الصواريخ في كتائب حزب الله –أحد فصائل الحشد- في جنوب القائم، إنه يحتفظ "بحق الرد على هذه الاستهدافات الصهيونية".
واعتبر التحالف الداعم لرئيس الوزراء في بيان له، ما حدث مؤخرا في الأنبار "انعطافة خطيرة في مجرى استهدافات الكيان الصهيوني للحشد الشعبي وكيانه وقياداته" و"إعلان حرب على العراق وشعبه". 
وطالب تحالف الفتح الحكومة والبرلمان بأن "تنفتح على جميع الخيارات الستراتيجية التي من شأنها حماية الأجهزة والمعدات والأسلحة التي تحفظ سيادة العراق وأمنه الوطني وكرامته واستقلاله". كما حمل التحالف الدولي "خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية الكاملة إزاء هذا العدوان"، ومطالبا باخراج تلك القوات.

تشييع ضحايا القائم
وشيعت قوات الحشد الشعبي صباح أمس الاثنين في بغداد، أحد مقاتليها الذي قضى الأحد في هجوم مجهول بمنطقة عكاشات غربي الأنبار.
وقال الحشد في بيان له إن "المئات" شاركوا في تشييع كاظم محسن الذي قتل الأحد "بضربة من طيران إسرائيلي مسير أثناء أداء الواجب في القائم غربي الأنبار". وأشار أيضاً إلى أن محسن، واسمه العسكري "أبو علي الدبي" كان "مسؤول الدعم اللوجستي للواء 45 بالحشد الشعبي".
و"اللواء 45 تابع لكتائب حزب الله"، الذي تصنفه الولايات المتحدة في لائحة "المنظمات الإرهابية الأجنبية".
وقال عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة الذي يطرح نفسه بوصفه معارضا، عن الهجوم الأخير: "نستغرب ونرفض رفضا شديدا التهاون الحكومي الواضح أمام الانتهاكات المتكررة لسيادة العراق". وأضاف في بيان له إنه "في الوقت الذي نعتبر فيه المبررات الحكومية إزاء مثل هذه الحوادث غير مقبولة مطلقا، فانه لا يمكن لنا أن نتساهل أمام المساس بهيبة الدولة وسيادتها وأرواح مواطنيها".
بالمقابل طالب تحالف النصر، الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الحكومة "بممارسة مسؤولياتها وفتح تحقيق رسمي حول هذه الاعتداءات، وإعلان نتائجها إلى الرأي العام".

بانتظار الرد
بدوره قال زاهر العبادي، عضو كتلة عطاء التابعة لرئيس هيئة الحشد فالح الفياض، لـ(المدى) إن "قرارات الحكومة ومجلس الأمن الوطني (وهو خلية أمنية حكومية مصغرة) لا تعني السكوت على ما يجري".
وأضاف العبادي: "إلى جانب التأكيد على المسالك الدبلوماسية فان الحكومة ستأخذ إجراءات رادعة في حال أثبتت التحقيقات وجود جهة متورطة بتلك الحوادث". وأكد عبد المهدي، نهاية الأسبوع الماضي، على تحصين الدفاعات الجوية والأرضية قرب المواقع العسكرية، واستمرار حظر الطيران العسكري إلا بموافقته.
وقالت هيئة الحشد في بيان رسمي مساء الأحد، إنه "ضمن سلسلة الاستهدافات الصهيونية للعراق عاودت غربان الشر الإسرائيلية استهداف الحشد الشعبي، وهذه المرة من خلال طائرتين مسيرتين في عمق الأراضي العراقية بمحافظة الأنبار".
وأوضح أن الطائرتين المسيرتين ضربتا "في عمق الأراضي العراقية بمحافظة الأنبار" على بعد نحو 15 كيلومتراً من الحدود العراقية السورية.
وأضاف أن "هذا الاعتداء السافر جاء مع وجود تغطية جوية من قبل الطيران الأميركي للمنطقة فضلا عن بالون كبير للمراقبة قرب مكان الحادث".

اختفاء منطاد الأمريكان
بالمقابل قال فرحان الدليمي، وهو عضو في مجلس محافظة الأنبار عشيرته تقطن منطقة القائم، في اتصال هاتفي مع (المدى) إن "المنطاد التابع إلى قوات التحالف قد أنزل من سماء الأنبار قبل 6 أشهر على أقل تقدير"، نافيا علمه بسبب اتخاذ ذلك الإجراء.
ويقع المنطاد قرب شركة الفوسفات في جنوب شرق القائم، والتي تبعد نحو 100 كم عن مكان الحادث، فيما قال إن مكان الحادث جرى في منطقة مهمات الحشد الشعبي القريبة من الحدود مع سوريا. ونشرت هيئة الحشد الشعبي، أمس، مقطع فيديو يظهر على أنه إحدى الطائرات المسيرة التي استهدفت قوات الحشد في محافظة الأنبار.
كما نشرت الهيئة أيضا صورا لما سببه القصف من أضرار على عجلات الحشد الشعبي، حيث ظهر احتراق وتحطم عجلتين حمل (صغيرة وأخرى كبيرة) بشكل كامل. ويعد الحادث الذي تعرضت له فصائل من الحشد الشعبي، هو الثالث من نوعه والثاني لكتائب حزب الله في الأنبار تحديدا.
وقال الفصيل (حزب الله) في حزيران العام الماضي لـ(المدى) إن جنوده تعرضوا إلى هجوم يعتقد أنه نفذ بطائرات إسرائيلية.
بالمقابل قال بيان صدر آنذاك عن هيئة الحشد، إن الهجوم الذي نفذ بواسطة "صاروخين مُسيّرين" وتسبب بمقتل وإصابة 34 مقاتلاً،" كانوا على ما يبدو في مهمة داخل الحدود السورية، بمسافة 700 كم عن منطقة تقع في شمال البو كمال".
لكن "حزب الله" أكد حينها بأن موقعه الذي تعرض للهجوم "معروف لدى الحكومة العراقية وتدار منه عمليات حماية الحدود"، كما قال إن الموقع "موجود منذ أكثر من عام".
وكان قد سبق هذا الحادث، هجوم تعرض له فصيل سيد الشهداء -الذي دمرت مخازنه قبل أسبوعين في معسكر الصقر بهجوم مجهول جنوب بغداد- في آب 2017 على الحدود السورية أيضا. وقال فصيل "سيد الشهداء" وقتذاك إن مقاتليه "تعرضوا لقصف شديد عند الحدود وفي الجهة المقابلة لعكاشات، الأمر الذّي أدى إِلى سقوط أعداد كبيرة منَ الشّهداء والجرحَى". وحملت الجيشَ الأمريكيّ حينها "عواقبَ هذَا العملِ"، وقال إنه "لَنْ يسكتَ عنهُ".
وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي، في ذلك الوقت، إن قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن "لا تملك صلاحيات تنفيذ ضربات دون موافقة الحكومة المركزية".

الاستعلام من عبد المهدي
إلى ذلك قال النائب عبد الخالق العزاوي وهو عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان لـ(المدى) إنه "إلى الآن عمليات القصف واستهداف مخازن الحشد أمر مبهم وغير معروف".
واشار النائب إلى أن اعتبار الفعل "مدبرا"- بحسب البيانات الحكومية- لا يعني الاعتراف بوجود قصف بالطائرات أو الصواريخ، "بل ربما يطلق هذا الوصف على حدوث خلل ما من داخل المكان الذي جرى فيه الحادث".
وبخصوص عمل لجنة الأمن في البرلمان، قال العزاوي إن لجنته "دعت إلى استضافة رئيس الوزراء لمعرفة حقيقة ما يجري وما هو دور قوات التحالف".

قد يهمك ايضا:

انتقادات واسعة لخطط بناء مستوطنات إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية

العملية الإسرائيلية في بيروت تـندرج في سياق خطة إقليمية موسّعة وضعتها تل أبيب