مظاهرة تجمع جماعة مجاهدي خلق

بدأت هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية "أوفكوم"، التحقيق في وجود شبكة تلفزيونية متصلة بالمملكة العربية السعودية، وتتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، بعد أن أذاعت حواراً مع المتحدث باسم جماعة انفصالية متطرفة، أشادت بالهجوم المتطرف الذي وقع الشهر الماضي في مدينة الأهواز الإيرانية، والذي أسفر عن مقتل 24 شخصاً على الأقل بينهم أطفال. ويبرز التحقيق الذي تجريه هيئة تنظيم الاتصالات، التأثير المتنامي للمحطات المرتبطة بالسعودية والتي تعمل من لندن، وقد أصبحت على نحو متزايد ساحة معركة إعلامية رئيسية للحروب بالوكالة في الشرق الأوسط.

مقابلة مع زعيم الجماعة الانفصالية الأهوازية

وكانت محطة تلفزيون "إيران إنترناشونال"، ومقرها في "تشيسويك"، غرب لندن، أول مؤسسة إعلامية تبثُّ باللغة الفارسية أجرت مقابلة مع يعقوب هور التستاري، المتحدث باسم "حركة النضال العربي لتحرير الأهواز"، بعد هجوم 22 سبتمبر/ أيلول.

وقال التستاري إن "المقاومة الوطنية في الأهواز، وهي جماعة مرتبطة بحركة النضال، قد نفذت الهجوم، وأشادت بعمليات القتل التي أدانها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في وقت لاحق، ووصفها بأنها "هجوم متطرف شنيع وجبان"، والذي قال إنه طاول أهدافاً عسكرية شرعية.

وأضاف" "نفذت المقاومة الوطنية في الأهواز اليوم هجمات على أهداف مشروعة، وهي الحرس الثوري، وأعضاء في الجيش الإسلامي"، وتعليقا على مقتل مدنيين في الهجوم، قال "ما تم استهدافه هو منصة المشاهدة للعرض العسكري حيث كان المسؤولون يقفون. لم يكن الناس العاديون على هذا المنبر".

وفي وقت لاحق، أعلن تنظيم "داعش" المتطرف مسؤوليته عن الهجوم، وقد أكدت "أوفكوم" أنها تحقق في المقابلة، وقال متحدث باسم الشركة "إننا نقيم هذا البرنامج الإخباري كأولوية في مواجهة قواعد البث الخاصة بنا"، ولكن لم تفتح تحقيقا رسميا. ومن جانبه، قال السفير الإيراني في المملكة المتحدة حميد بايدنيجاد، على تويتر، إن السفارة قد تقدمت بشكوى بهذا الخصوص.

محطات تلفزيونية بتمويل سعودي

وتعد "إيران إنترناشونال" واحدة من عدد متزايد من محطات التلفزيون في لندن مرتبطة بأوضاع الشرق الأوسط، والتي تحاول التأثير على الجماهير على بعد آلاف الأميال، وقد أثيرت أسئلة حول تمويل الشبكة وارتباطاتها بالمملكة العربية السعودية، العدو اللدود لطهران.

ولكن روب بيون، القائمة بأعمال رئيس القناة، أشارت إلى أن إطلاق النار في الأهواز "جريمة متطرفة"، وقالت: "نحن و"بي بي سي" باللغة الفارسية، و"راديو فاردا" قابلنا نفس الشخص خلال ذلك اليوم، وقد سبق أن قلنا أن الأمر قد تم إجراؤه لأننا أردنا معرفة خلفية الهجوم، فلا يوجد حظر على إجراء مقابلة مع ذلك الشخص." ولفتت الى أن الشبكة ستلتزم بقرار "أوفكوم"، لكنها لا تعتقد أن المقابلة مع ذلك الشخص قد خرقت القواعد، لأنه قال إن المتحدث لم يحرض على العنف.

تدفع مرتبات مجزية مقارنة في القنوات الأخرى

وتم إطلاق "إيران إنترناشونال" في مايو/ أيار 2017 قبل وقت قصير من إجراء الانتخابات الرئاسية في إيران، وهناك شبكتان أخريان باللغة الفارسية، وهما "بي بي سي فارسي"، و"مونتو تي في"، ومقرهما لندن. وتدفع إيران إنترناشونال مرتبات سخية، حيث قال أحد الموظفين إن الراتب هو ضعف المبلغ الذي يقدمه المنافسون، ويعمل موظفوها البالغ عددهم 100 موظف في غرفة أخبار واستوديو حديثين.

وتحتفظ شركة إيران إنترناشونال بترخيص من قبل الشركة الأم، وهي شركة تدعى Global Media Circulating، وفقا لأوفكوم، كما أن أحد مديري القناة شخص يدعى عادل عبدالكريم، هو أيضا مساهم، ومواطن سعودي لديه تاريخ في العمل مع شخصيات الإعلام السعودي مثل عبد الرحمن الراشد، المدير العام السابق للشركة العربية السعودية، ورئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط سابقا.

وقال مصدر عمل مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إن "أموال إيران إنترناشونال أتت من المحكمة الملكية السعودية التي تقدر بنحو 250 مليون دولار". وأضاف المصدر أن "المال يأتي من السعودية، إنه من الديوان الملكي"، متسائلا عما إذا كان المستثمرون الخاصون سيخاطرون بهذا المبلغ من المال مع مثل هذه الفرصة الضئيلة للعودة.

ولم تجيب بينون عن أسئلة حول تمويل القناة، وقالت إن عمليات التحرير والعمليات الفنية اليومية لشركة إيران إنترناشيونال تتم إدارتها من قبل DMA Media Ltd، وهي شركة أخبار بريطانية مملوكة لمساهمين بريطانيين من القطاع الخاص.

لندن مجمَّع للقنوات السعودية

هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها إيران إنترناشونال لانتقادات شديدة، حيث غطت في وقت سابق مظاهرة تجمع جماعة مجاهدي خلق، وهي منظمة تتبنى تغيير النظام في إيران، ولها صلات بالمملكة العربية السعودية. وأدى الجدل حول تغطية المظاهرة إلى توقف القناة عن تعاونها مع مهدي جامي، الصحافي المحترم الذي تحدث عن استياء داخلي حول القرار، وقد غادر صحافي واحد على الأقل الشبكة بعد تغطية هجوم الأهواز.

وتتواجه المملكة العربية السعودية وإيران، في صراعات بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك في سوريا واليمن، ولدى إيران تليفزيونها الخاص باللغة العربية، "قناة العالم"، التي تبث نسختها الخاصة من الأحداث. ويزعج إيران أن تصبح لندن مركزا للقنوات المنفية التي تعتبرها مضرة بالدولة، ويُنظر إلى تلفزيون مانتو على أنه قريب من السعوديين، ويركز على نطاق واسع على إيران ما قبل الثورة، ويصوِّر ذلك العصر على أنه فاتن.