المحتجون يحتشدون في شوارع بغداد مطالبين بمغادرة الحكومة

على مدى 11 أسبوعا والمحتجون يحتشدون في شوارع بغداد ومدن اخرى جنوبي العراق مطالبين بمغادرة الحكومة ووضع حد للفساد وإيقاف النفوذ الإيراني المبالغ فيه .

وعلى مدى 11 أسبوعا ايضا والحكومة متلكئة باستجابتها، عارضة بدلا من ذلك وعود إصلاح مبهمة مع معالجات وحشية من قبل قواتها الامنية ضد المحتجين. واستنادا للبعثة الخاصة للأمم المتحدة في العراق فان اكثر من 500 متظاهر لقي حتفه مع سقوط اكثر من 19,000 الف جريح، ولكن الرد العنيف لم يؤد سوى الى زيادة إصرار المحتجين .

اقرا ايضا

تحرُّك في الكونغرس الأميركي لتمرير قانون "منع زعزعة استقرار العراق"

رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، استقال وبقي الى اليوم بدور مسيّر اعمال، وما يزال البرلمان يحاول الخروج بمرشح ليحل محله .

الأزمة السياسية التي يواجهها العراق الآن هي أكثر خطورة من اي ازمة أخرى شهدها البلد منذ اسقاط نظام صدام حسين قبل 16 عاما، ويبدو ان قادة البلد من الضعف بحيث لا يستطيعون التعامل معها. لم يظهر حتى الآن اي إجماع على خطة لإصلاح الحكومة من اجل تلبية مطالب المحتجين .

 

شهد هذا الاسبوع موعدا دستوريا نهائيا لتسمية رئيس وزراء جديد وقد استنفد. حتى ان التوصل لمرشح مقبول لمنصب رئاسة الوزراء اصبح مهمة عسيرة التنفيذ .

ماريا فانتابي، مستشارة متخصصة في الشؤون العراقية والسورية لدى مجموعة الازمة الدولية، تقول لنيويورك تايمز “من الصعب جدا ايجاد شخص يحظى بمقبولية واسعة لدى الشارع والمحتجين، ويكون في الوقت نفسه مدعوما سياسيا وحزبيا ليخوض غمار العملية الانتقالية”، مشيرة الى انه “حتى لو نجحوا في ذلك فسيكون من الصعوبة جدا ان يبدأ بتنفيذ مطالب المحتجين الكاسحة”.

مهدي غسان، طالب جامعي يسكن مدينة العمارة مركز محافظة ميسان، جاء لبغداد للالتحاق بالتظاهرات، يقول: “هدفنا هو ليس استقالة عادل عبد المهدي، هذا لن يغير من الموضوع شيئا، لان شخصا آخر سيأتي محله وسيكون مثله. نحن نريد تغيير الحكومة بالكامل .”

كريم النوري، مسؤول في منظمة بدر يقول “ما تريده الأحزاب مرفوض من الشعب العراقي وما يريده الشعب العراقي ترفضه الأحزاب. ولهذا فان هناك خيارين: إما تغيير الشعب العراقي أو تغيير قسم من الطبقة السياسية وإجراء بعض التغييرات في العملية السياسية .”

ويبدو ان البرلمان أيضا غير مستعد لايجاد طريق يكبح فيه نفوذ إيران .

شخصيات ايرانية سياسية وعسكرية فاعلة بضمنهم شخصيات بارزة مثل قاسم سليماني زعيم فيلق القدس، كانوا منذ فترة وهم يزورون بغداد ويغادرونها في محاولة منهم لضمان ان يكون اي مرشح لمنصب رئاسة الوزراء ملبيا لاحتياجات ايران .

وقالت الباحثة فانتابي “ايجاد شخص ما مقبول للشارع العراقي وللأحزاب الشيعية ولإيران، يبدو أمرا لايمكن تطبيقه أبدا .”

ولهذا فبدلا من التباحث بمطالب المحتجين بشكل مباشر، يناقش أعضاء البرلمان ما يستطيعون فعله مثل تمرير قانون لتقليص رواتب الوزراء والدرجات الخاصة على سبيل المثال . قيس الخزعلي، زعيم احد الفصائل المسلحة في الحشد الشعبي وله كتلة برلمانية ضمن تحالف البناء، يقول “قمنا بتفعيل وتشريع القوانين وهذا من صلب مسؤوليتنا، والآن على الحكومة ان تقوم بالمصادقة عليها .”

عندما بدأت الاحتجاجات في الاول من تشرين الاول كان كثير ممن جاء للتظاهر في شوارع بغداد والمدن الجنوبية الأخرى يطالبون بتوفير فرص عمل وخدمات مثل توفير كهرباء ومياه نظيفة .

ولكن بعد ان فتحت الحكومة النار عليهم وقتلت أكثر من 100 خلال الخمسة أيام الأولى منها، فان عدد المتظاهرين بدأ بالازدياد إضعافا وبدأوا بإثارة مطالب بتغييرات بعيدة المنال .

تغيير نظام حكومي بأكمله يبدو غير ممكنا من الناحية السياسية، ولكن تركيز المحتجين على هذا التغيير يعكس احباطهم من فشل حكومي في توفير رفاه اقتصادي او ان يكافح فساد مستشر في البلد. هذه التظلمات وحدت جميع من نزل الى الشارع، من شباب وعمال وفقراء ومثقفين وأميين وزعماء عشائر وكذلك عمال تنظيف الشوارع .

قسم من أعضاء البرلمان أقروا بانهم يمرون بمرحلة صراع صعبة، وهي تتمثل بحصصهم من الحكومة القادمة. وقالوا ان النقاشات حول اختيار رئيس وزراء جديد لا تتمركز على الصفات المثالية ورغبات الشعب العراقي بقدر ما هي تتمركز على سبل احتفاظهم بالسلطة السياسية والمال .

النائب هيثم الجبوري، رئيس اللجنة المالية في البرلمان، يقول “هناك كثير من الانقسامات حول من سيأتي برئيس جديد للوزراء، وهذه تعد مشكلة لأن الأحزاب السياسية تعيد توزيع الوزارات فيما بينها، وتنظر لتعرف أي وزارة ستكون من حصتها .”

إيران مهتمة بشكل خاص لغرض الاحتفاظ بنفوذ لها في وزارات عراقية وبالتحديد وزارات تتعامل بالشؤون الأمنية والاقتصادية. ومع عقوبات أميركا الصارمة المفروضة على إيران تكون طهران بحاجة متزايدة الى العراق لغرض ان تتنفس اقتصاديا وتنعش أسواقها وكذلك تستفيد منه في مجال الأغراض العسكرية أيضا لحماية مصالحها في سوريا ولبنان .

الوضع ما يزال غير واضح فيما اذا سيؤدي هذا الصراع بين المحتجين والحكومة الى تغيير سياسي. السفير الأميركي السابق لدى العراق ريان كروكر قال عن المحتجين: “ما لم يظهر هناك قائد معين أو كادر من قياديين لديهم عزم فلن يكون هناك أي تطور، سيكون بالتأكيد فعل إسقاط الحكومة أمرا بعيد الاحتمال .”

وأضاف كروكر قائلا “رئيس الوزراء عادل عبد المهدي قد استقال وليس هناك احتمال لتسمية آخر بسرعة، وهذا سيبقي على الحكومة سالمة، بطريقة ملتوية لانه ليس هناك ما تخسره وستبقى الأمور على ما هي عليه مستقبلا .”

نيويورك تايمز: القوى السياسية تهمل الشارع وتحاول البحث عن رئيس وزراء يناسبها

قد يهمك ايضا

الإدارة الأميركية الجديدة لديها الرغبة الأكيدة في تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة