تعرض شاشة التلفزيون لقاء رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون ونظيره الكوري الجنوبي مون غاي إن

لا تزال القمة الأميركية-الكورية الشمالية موضع تساؤل حيث صحة إلغائها وانعقادها، فوفقًا للعديد من المحللين ستُلغى، بينما يرى البعض الآخر أنها ستنعقد في موعدها المحدد في الشهر المقبل، في سنغافورة، وتتحرك كوريا الجنوبية على أمل أن تصلح الخلاف بين واشنطن وبيونغ يانغ، إذ التقى رئيس كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، نظيره الكوري الجنوبي، مون غاي إن، السبت، بعد يومين من إلغاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، القمة المقرر عقدها مع كيم.

مون يأمل في عودة المحادثات التاريخية
وأكّد مكتب رئيس كوريا الجنوبية على أن مون عبر إلى الشمال في القرية الحدودية بانمونغوم، إذ التقى كيم أول مرة في أبريل/ نيسان الماضي، وحينها ناقش الزعيمان القمة الأميركية-الكورية الشمالية، وأيضا تنفيذ البيان المشترك الصادر في نهاية اجتماعهما السابق.

وسلّط الاجتماع المفاجئ الضوء على جهود مون لإعادة المحادثات التاريخية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية إلى مسارها، وأظهر أن العلاقات بين الكوريتين أصبحت في وضع أفضل بكثير من تلك الموجودة بين واشنطن وبيونغ يانغ.

ترامب لم يؤكد إلغاء القمة
وأشار ترامب، الجمعة، إلى أن القمة يمكن أن تستمر في سنغافورة في 12 يونيو/ حزيران، إذا كانت الظروف مواتية، وفي السبت، قالت السكرتيرة الصحافية، سارة ساندرز، إن موظفي البيت الأبيض والمسؤولين في وزارة الخارجية ما زالوا يسافرون إلى سنغافورة لحضور اجتماع من أجل الاستعداد في حال انعقاد القمة.

وقال ترامب عبر "تويتر" في تغريدتين غاضبتين، إنه كان هناك خلاف طفيف داخل إداراته بشأن كوريا الشمالية، لكن الأمر لا يهم، كما نافش تقرير صحيفة "نيوييورك تايمز" الخاص بهذه الأزمة، مدعيًا أن مسؤولًا كبيرًا في البيت الأبيض استخدمته الصحيفة في التقرير، وهو غير موجود في الأساس.

ترامب غير واضح في تصرّفاته
وواجه ترامب انتقادت حادة بسبب عدم اتساقه كشريك في المحادثات عالية المخاطر، إذ قال مدير مشروع الدفاع في اتحاد العلماء الأميركيين، آدم ماونت "اجتماع مون مع كيم جريء لكنه خطير، كما أنه دليل واضح على مدى خطورة نوبات غضب ترامب"، مضيفًا "وعندما سمح لكيم جونغ أون بتقسيم المفاوضات إلى مسارات منفصلة مع ترامب ومون، دفعه لاكتساب قوة عليهما، فكان مون يجلس وجيدا على الطاولة اليوم، دون الوزن الكامل للولايات المتحدة".

ولفت ماونت "يقول ترامب إن الجميع يلعب الألعاب"، في إشار إلى رد ترامب حين سئل عن موقف كوريا الشمالية، الجمعة، موضحًا "مون جي إن لا يلعب لعبة، يجب عليه الحفاظ على شعبه بعيدًا عن الحرب، ولكن نزوات ترامب تهز مقر الحكومة الكورية الجنوبية".

العلاقات بين الكوريتين تتحسّن بشكل لافت
وأظهرت الصور التي نشرها مكتب الرئاسة في كوريا الجنوبية أن الزعيمين يحتضنان ويصافحان ويجريان محادثات حميمة مصحوبة بمعاون واحد لكل منهما، ومن المتوقع أن يعلن مون المزيد من التفاصيل الأحد، وفي قمتهما الأولى في أبريل/ نيسان، أعلن كيم ومون عن تطلعات شبه جزيرة كورية خالية من الأسلحة النووية ويسدودها السلام، والتي حاولت سيول الترويج لها لعقد القمة مع ترامب، لكن العلاقات تباطأت بعد أن ألغت كوريا الشمالية اجتماعًا رفيع المستوى اعتراضًا على التدريبات العسكرية لكوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة.

وفوجئت كوريا الجنوبية بإلغاء ترامب المفاجئ لقمة سنغافورة، بسبب العداء في تصريحات كوريا الشمالية الأخيرة، وقال مون إن قرار ترامب جعله في حيرة من أمره، وكان قرارًا مؤسفًا للغاية، وحث واشنطن وبيونغ يانغ على إقامة حوار مباشر وأقرب بين الزعماء.

سلوك ترامب يثير مخاوف التخلي عن سيول
وأثار سلوك ترامب المخاوف في كوريا الجنوبية في ما يتعلق بنوايا تنافسية على "دق إسفين" بين واشنطن وسول والرئيس الأميركي، والذي يفكر في تحالف تقليدي أقل من الرؤساء السابقين، وجاء قرار الانسحاب من القمة بعد أيام فقط من استضافة ترامب لمون في اجتماع في البيت الأبيض حيث شكك في قمة سنغافورة، ولم يقدم أي دعم للتقدم بين الكوريتين.

وفي رسالته إلى كيم لإلغاء القمة، اعترض ترامب على تصريح من كبير الدبلوماسيين في كوريا الشمالية، تشوي سون هوي، والذي أشار إلى أن نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، دُمية سياسية، وقائلا إن الأمر يرجع إلى الأميركيين، في ما إذا كانوا سيقابلوننا في غرفة اجتماعات أو مواجهتنا بالنووي.

وأصدرت بيونغ يانغ ردا غير واضح على غير النحو المعتاد، قائلة إنها لا تزال على استعداد للجلوس لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة في أي وقت وبأي شكل.

وفي هذا السياق، قال نائب وزير الخارجية، كيم كي جوان، في بيان نقله مسؤول كوري في كوريا الجنوبية "الاجتماع الأول لن يحل كل شيء، ولكن حل واحد في وقت واحد على مراحل سيجعل العلاقات تتحسن بدلًا من جعلها تزداد سوءًا".

ويرى المحللون أن بعد وصول كيم لكل هذه التجارب النووية والصاروخية في عام 2017، يشير إلى أنه حريص على تخفيف العقوبات، والحصول على شرعية دولية، ففي وقت سابق من هذا الشهر، أفرج كيم عن 3 مواطنين أميركيين كان احتجزهم بحجة التجسس، وخلال هذا الأسبوع، دعت بيونغ يانغ الصحافيين الدوليين لمراقبة تفكيكها للمواقع النووية، حيث أعلن النظام أنه لم يعد بحاجة إلى إجراء اختبارات.

وتوجد أيضًا شكوك بشأن ما إذا كان كيم سيوافق على التخلي عن أسلحته النووية، الأمر الذي يعتقد المحللون بأنه يعتبره الضمان الوحيد للبقاء القمة، لكن قالت كوريا الشمالية إنها لن تشارك إذا تعرضت لضغوط للتخلي عن ترسانتها النووية.​