عضو مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين

توفي عضو مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين، يوم أمس، عن عمر يناهز 81 عاما؛ لكن لا يزال تتذكره العديد من البلدان حول العالم، بخاصة في الشرق الأوسط، إذ في عام 2010، تحدث ماكين عن إيران خلال جلسة لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، وأصدر قائمة بالتهديدات التي وجهتها الولايات المتحدة ضد النظام الإيراني، وأشار إلى أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء حتى الآن ضدها، وقال جورج شولتز، وزير خارجية الولايات المتحدة المفضل، ذات مرة أن مدرب الحفر البحري أخبره "لا توجه بندقية إلى شخص ما لم تكن مستعدا لسحب الزناد، لم نقم بتفعيل مشغل واحد حتى الآن، وقد حان الوقت للقيام بذلك".

ماكين في عيون نشطاء سورية

ويتذكر الشرق الأوسط، ماكين وفقًا لما ذكره موقع "ميدل ايست" على أنه مؤيد مبدئي لحلفاء الولايات المتحدة، وتأييد الشعوب للتحرر من الدكتاتورية والاستمتاع بحقوق الإنسان، وعلى الرغم من أن المنتقدين يشيرون إلى تصريحات مثل تلك المذكورة سابقا، ومزاحته حول "القنبلة، القنبلة، القنبلة، إيران" في مسيرة انتخابية في عام 2007 ليرسم ماكين كداعية للحرب، ورؤيته بين العديد من أنصار المتمردين السوريين والأكراد، فهو أحد المؤيدين الذين وقفوا إلى جانب أولئك الذين يسعون إلى المزيد من الحقوق بينما يعارضون الدكتاتوريات.

وكتب أحد النشطاء السوريين يدعى ياسر بيطار، على موقع فيسبوك "في عام 2012 عندما بدأنا في الدفاع عن سورية في صحيفة "ذا هيل"، أتذكر أن أعضاء الكونغرس كانوا دائما يرسلون طاقمهم الصغير للاجتماع معنا، كان الاستثناء هو السيناتور ماكين، أقسم لكم، كان يبكي  أثناء حديثه عن النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب من قبل قوات الأسد، والمجازر التي اعتقدنا أنه لا أحد يعرف عنها تقريبا".

وأضاف "في عام 2016، عندما قصف نظام بشار الأسد المتمردين في حلب، قال ماكين "إن اسم حلب سيردد عبر التاريخ كدليل على فشلنا الأخلاقي والعار الأبدي".

وفي كل منعطف ودوران للصراع السوري منذ ثورات الربيع العربي عام 2011، كان ماكين هناك، قال في صحيفة "وول ستريت جورنال" في عام 2016 "أوقفوا الأسد الآن"، وفي العام التالي، أعرب عن غضبه من تصريحات وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، التي أشارت إلى أن الأسد قد يبقى في السلطة، احتج ماكين نيابة عن السوريين الذين يتم ذبحهم بواسطة قنابل الأسد البرميلية، وطائرات بوتين، ووكلاء إيران المتطرفين، وفي أبريل/ نيسان 2018، حذر السناتور من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب شجع الأسد بتصريحات تشير إلى أن الولايات المتحدة قد تنسحب من الصراع السوري.

ماكين في عيون الأكراد

ويتذكر الأكراد ماكين كمؤيد لقضيتهم في الشرق الأوسط، وقد ذكره بيان سامي الرحمن، ممثل حكومة إقليم كردستان العراق في الولايات المتحدة، بأنه "زائر متكرر" للمنطقة الكردية، قائلا "لقد ألهمت مبادئ قيادته الإعجاب والاحترام".

وكتب ماكين مقالا في صحيفة "نيويورك تايمز" في أكتوبر / تشرين الأول 2017، عندما استخدمت الحكومة المركزية العراقية الدبابات التي زودت بها الولايات المتحدة للتغلب على المواقع الكردية بالقرب من كركوك، يدعو إلى أن الاشتباكات "مقلقة للغاية، تساءل ماكين عن سبب تورط الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في مهاجمة حلفاء الولايات المتحدة في العراق، بينما نظرت واشنطن إليها ولم تفعل شيئا، مما أعطى موافقتها لبغداد.

وأضاف "إذا لم تستطع بغداد أن تضمن للشعب الكردي في العراق الأمن والحرية والفرص التي يرغبون فيها، وإذا اضطرت الولايات المتحدة إلى الاختيار بين الميليشيات المدعومة من إيران وشركائنا الكرديين منذ زمن طويل، فإنني أختار الأكراد".

انتقد تركيا رغم كونها حليف

ولم ينحاز ماكين إلى حلفاء الولايات المتحدة مثل تركيا، إذ في مايو / أيار 2017، سُئل على قناة "فوكس نيوز" عن الأمن التركي الذي ضرب وركل المتظاهرين السلميين في واشنطن خلال زيارة الرئيس التركي، وقال "ألقوا بالسفير التركي في الجحيم خارج واشنطن، هؤلاء شعبه وأشخاص أردوغان الذين تم إرسالهم إلى هناك، هذه ليست أميركا، ولا يسمح بذلك في الولايات المتحدة الأميركية".

ناصر الشعب الليبي ضد القذافي

وفي ليبيا، كان ماكين أعلى مسؤول أميركي يزور المتمردين في بنغازي في أبريل / نيسان 2011 بعد أن ثار الشعب ضد نظام معمر القذافي، بعد يوم واحد من بدء الطائرات الأميركية بدون طيار بمطاردة جيش القذافي، تحدث ماكين إلى الناس في بنغازي، المكان الذي كان يواجه مجزرة قبل شهر من إسقاط النظام الليبي، وقال إن عطشهم للحرية كان "مثالا قويا ومليئا بالأمل" مضيفا "يمكن أن تكون ليبيا حرة"، وفي مقابلة مع امرأة قال لها "إن الشعب الأميركي يدعمك بشدة ونعرف أنه من الضروري المساعدة بقدر ما نستطيع".

إرث ماكين باق في الشرق الأوسط

كما تلقى ماكين تعازيه من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، حيث قال خالد بن سلمان سفير المملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة "إن ماكين كان "بطلا أميركيا كرَّس حياته لخدمة بلاده وتعزيز السلام والأمن العالميين"، كما أشار أشرف غني رئيس أفغانستان، إلى دعم ماكين لإعادة بناء بلاده.

وسيكون لإرث السناتور الأميركي الذي كان قاسيا على إيران داعما للتمرد في سورية والأكراد في المنطقة تأثيرات دائمة، اكتسبت عاطفة الولايات المتحدة في أماكن تعرقلت فيها سياسة واشنطن خلال العقود الأخيرة، وكان ماكين ثابتا دائما في دعم الحلفاء الذين قاتلوا وماتوا إلى جانب الأميركيين، مثل الأكراد في العراق، لقد كان يكره الدكتاتوريين مثل الأسد، ولم ير مكانا لبحثه عنهم، وكان مستعدا دائما للانضمام إلى القتال، وكمحارب قديم في فيتنام، أدرك أن رؤية المسؤولين الأميركيين بطريقة الأذى كانت بمثابة تعزيز أخلاقي لأولئك في أماكن مثل بنغازي.