بغداد - العراق اليوم
أمر رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، الخميس ، بإلغاء ذكر ”مذهب“ المتطوعين إلى القوات المسلحة، وذلك عقب نشر وثيقة تظهر ذلك، وأثارت جدلاً واسعاً، ووجه برفع الشارات الحزبية والطائفية من المحررات الرسمية وبشكل خاص في عمليات القبول بالكليات العسكرية والأمنية.. ما هي دلالات تلك الخطوة ومدى نجاحها في تحقيق التآلف المجتمعي؟ويرى مراقبون أن تلك الخطوة لا تتعدى كونها تصريح إعلامي لا يقدم ولا يؤخر، وجاءت لرفع الحرج عن رئيس الحكومة، وتلك الخطوة إن لم تكن مبنية على أسس فليس لها قيمة، في حين يرى آخرون أنها خطو جيدة يمكن البناء عليها، تهدف لترسيخ المواطنة وتأسيس جيل أمني وعسكري ليس له انتماء سوى العراق.
المحاصصة والطائفية
قال المحلل السياسي العراقي عبد القادر النايل، إن توجيهات الكاظمي بمنع الشارات والعلامات الدينية والطائفية من جميع الوثائق والمكاتبات الرسمية الحكومية هى إقرار فعلي بأن العملية السياسية مبنية على المحاصصة الطائفية والحزبية التي يجري تنفيذ قانون التوازن الحزبي والطائفي الذي أقره مجلس الحكم الآن وسلطة الاحتلال الأمريكي بإدارة بول بريمر وهو السبب الرئيسي في تراجع العراق.
وأضاف، هذا القانون الحالي يعتمد على ترشيح الأحزاب باسم المكون والمذهب الذي يراعي مصالحها ومكتسباتها على حساب الشعب العراقي وكفاءاته، مما جعل العراق يعيش في نظام اللادولة، وتعززت فيه حكم أجنحة مسلحة لديها مليشيات وواجهات سياسية، تزامنا مع إقصاء وتهميش لكل أبناء العراق.
رفض توجيهات الكاظمي
وأشار النايل إلى أن ثورة تشرين وجميع القوى الوطنية العراقية تصر على رفض هذا القانون وطريقة تشكيل الدولة بهذا الاطار الطائفي وفق المحاصصة الحزبية، ونؤكد أن توجيهات الكاظمي في رفع الإشارة المذهبية لا يعني شيئا وليس إنجازا، لأن أصل العمل والقبول والتعيين داخل مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية يجري وفق قانون التوازن والنسب الطائفية الذي تحدده الأحزاب السياسية الحاكمة الرئيسية، وجاء رفعها بسبب الغضب الشعبي بعد افتضاح أمرها، لذلك قرار الكاظمي فقط لتجنب الإحراج الإعلامي والسياسي فقط، وهذا يؤكد هشاشة النظام السياسي في العراق، وبالتالي فإن تلك الخطوة مجرد تصريح إعلامي لن يقدم أو يؤخر في إطار تعزيز الهوية الوطنية، وهو لا يمتلك مشروع لذلك، لأنه كان مفترض على الكاظمي إيقاف القبولات وفتح تحقيق وتوزيع مقاعد الكلية العسكرية على محافظات العراق، لأن الدستور الحالي في المادة 9 يؤكد على أن يشارك الشعب العراقي في بناء القوات العسكرية والأمنية دون إقصاء أو تهميش.
تصريحات إعلامية
وتابع، لكن للأسف الكاظمي مع صلاحياته الواسعة كونه رئيس مجلس الوزراء، اكتفى فقط بالإشارة إلى رفع حقل المذهب والدين داخل الإستمارة، مع بقاء الإجراءات ذاتها، وهذا يعد رضوخ لإرادة الأحزاب وقراراتها التي أثبتت فشلها في بناء الدولة العراقية، وعدم مراجعتها لخطوات الفشل الذي كان سببه مخرجات قرارات مجلس الحكم عام 2003، وهذا يجري أيضا على التعيينات المدنية، حيث أن كل حزب يمثل مذهب له حصة تعيينات دون الاعتماد على قانون موظفي الدولة العراقية، والسماح للكفاءة والتنافس وفق معايير عادلة يكون من خلاله المتقدم العراقي قد حصل على الوظيفة وفق الاستحقاق لا وفق الحزب واسم المذهب.
الهوية الوطنية
وأوضح المحلل السياسي، بالتأكيد من يريد أن يعزز الهوية الوطنية على الهويات الفرعية، وتكون هذه الهويات فسيفساء جميلة تساهم بالتنافس الإيجابي في بناء العراق، لابد عليه من إلغاء قانون التقسيم الطائفي بقرار، وإيقاف كل الإجراءات التي تسهم في إضعاف الهوية الوطنية، وهذا ما فعله نوري سعيد رئيس الوزراء في العهد الملكي، حين كشف قبولات في الكلية العسكرية ليست على أساس مهني فقرر رفض المقبولين وقبول المرفوضين، أما تصريحات الكاظمي إذا لم ترافقها إجراءات فعلية بقوانين، وهي ضمن صلاحيته، لن تكون لها أي أثر في تعزيز الوطنية على الطائفية بإجراءات عادلة وشفافة.
خطوة جيدة
من جانبه قال الدكتور محيي الدين عبد الحميد رئيس مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية بالعراق، إن قرارات الكاظمي بشأن الشارات الحزبية والطائفية والتوصية برفها من المحررات الرسمية في الكليات العسكرية، هى خطة إيجابية ومهمة في الوقت الحاضر، وتأتي لتغيير المفاهيم العسكرية، وأيضا تغيير أساليب اختيار الضباط الأحداث في الكليات العسكرية والأمنية، واستمارة التقديم في تلك الكليات كانت قد تم إقرارها بعد العام 2003 ووضعت بها فقرة "المذهب" أو الطائفة.
وأضاف، بعد إقرار تلك الإستمارة كانت عملية توزيع الضباط والقادة تتم حسب المذهب والقبيلة التي ينتمي إليها القائد لاحتلال الموقع العسكري، وفي رأيي أن ما قام به الكاظمي هو خطوة أكثر من ايجابية ويجب الاستمرار عليها وتغيير النمط الحالي فيما يختص باختيار القيادات العسكرية وتعيينها والتأكيد على مبدأ الكفاءة العسكرية والانتماء للعقيدة العسكرية دون النظر إلى الانتماء العشائري او المذهبي، وهذا ما كان معمول به في السابق وأنتج قيادات وطنية لها باع طويل جدا في تأسيس أكاديميات محترمة للشرطة والجيش.
وأكد عبد الحميد على أن خطوة رئيس الوزراء سوف تقابلها كافة منظمات المجتمع المدني وأفراد المجتمع والمؤسسات العسكرية التي تتبنى المفهوم العلمي والأكاديمي في تطبيق المنظومة العسكرية بكافة صنوفها ومدارسها.
بيان الحكومة
وقال أحمد ملا طلال الناطق الرسمي باسم الكاظمي، في بيان: إن ”رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي يأمر برفع الإشارة إلى مذاهب المتقدمين ضمن استمارات القبول في الكلية العسكرية“، موضحًا أن الكاظمي وجه ”بعدم العمل بهذه الآلية مطلقا في مؤسسات الدولة لإي سبب كان، وأن تكون المواطنة والهوية العراقية هي المعيار، مع كامل الاحترام لجميع الهويات الفرعية“.
ويأتي ذلك عقب تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وثائق رسمية تضم أسماء وجبة من المتطوعين إلى الأجهزة الأمنية، حيث تضمنت الإشارة إلى "مذهب" المتطوع، (سني أو شيعي)، إضافة إلى معلومات أخرى.
وأشار الدستور العراقي إلى ضرورة أن يكون هناك توازن في المؤسسة العسكرية، ودوائر الدولة، بين المكونات الرئيسية الثلاث: (السنة والشيعة والأكراد)، حيث يعتبر تمثيل المذاهب والطوائف في المؤسسة العسكرية العراقية مثار خلافات، ومؤخرا، تحدث رئيس مجلس النواب عن غبن يتعرض له السنة والكرد في هذا الجانب، بينما توجد قيادة أجهزة أمنية بكاملها ذات صبغة واحدة.
وهناك عرف سياسي سارت عليه العملية السياسية في السنوات السابقة، فإن وزارتي الداخلية والدفاع توزعان بين القوى ”الشيعية“ والأخرى ”السنية“، وتعتبر وزارة الدفاع من حصة المكون السني، فيما عبر ناشطون ومدونون عن استيائهم وغضبهم إزاء ذلك، فيما طالبوا أن تكون المواطنة والهوية العراقية هي الأصل في تعاطي الأجهزة الرسمية مع المواطنين.
قد يهمك أيضًا
الكاظمي يؤكد ضرورة التنسيق التام بين حكومتي بغداد وأربيل
برلماني يطالب الكاظمي بتصفية الاجهزة الامنية من العناصر المُسيّسة