انسحاب القوات الأميركية من العراق

تعتمد العمليات العسكرية المنفذة ضمن الحملة الموجهة ضد بقايا داعش في العراق على المساعدة المقدمة من الجهد الاستخباري الأميركي وطائرات التحالف وخططه، لذلك فإن هناك مخاوف من أن اي انسحابات متكررة في القوات الأميركية قد تمهد السبيل لعودة ثانية لتهديد التنظيم الإرهابي. 
وعلى الرغم من ان القوات العراقية قد أصبحت أكثر اعتمادا على نفسها في تنفيذ عمليات قتالية ضد داعش، فان البلاد تواجه اضطرابات متمثلة باحتجاجات مستمرة ضد الحكومة، وفساد عنيف وانقسامات سياسية قد وصلت الى المؤسسة الامنية. كل هذه الامور تعني بان الاسناد الاجنبي الخارجي ما يزال يشكل امرا حيويا .
وتعتزم الولايات المتحدة تقليص القوات الأميركية في العراق من 3000 الى 2500 جندي بحلول أواسط شهر كانون الثاني القادم، ما يحتمل ألا يؤثر مباشرة على الحملة الموجهة ضد بقايا داعش.
قامت القوات الأمنية بتمشيط ما يقارب 90 قرية حول وبمحاذاة محافظة نينوى ومقترباتها. مع ذلك فإنه حاليا هناك مؤشرات توحي بعودة محتملة لتنظيم داعش في وقت يستغل فيه التنظيم الفجوات الأمنية التي توسعت جراء سنة كاملة من الاحتجاجات وتفشي وباء كورونا.

ضغوط داخلية

وكانت القوات الاميركية قد عادت الى العراق عام 2014 بعد ثلاث سنوات من انسحابها عام 2011 وبطلب من الحكومة العراقية عندما اجتاح تنظيم داعش مساحات واسعة من العراق بضمنها مدينة الموصل ثاني اكبر مدن العراق.

وكان للاسناد الجوي للتحالف الدولي دورا مهما في دعم القوات العراقية في حربها ضد داعش بمشاركة قوات الحشد الشعبي ضمن حملة استمرت لثلاث سنوات انتهت بطرد المسلحين من البلد .

وازدادت الضغوط على الحكومة العراقية للمطالبة بانسحاب القوات الاميركية وذلك منذ الحاق الهزيمة بداعش عام 2017 وخصوصا بين الكتل الشيعية في البرلمان. ولكن كلا من الولايات المتحدة والحكومة العراقية كانتا على تفاهم واتفاق بوضع جدول زمني للانسحاب ولكن لم تكن هناك امكانية للاتفاق على أمور محددة .

سد الثغرات قبل الانسحاب

مسؤولون عسكريون عراقيون رفيعو المستوى في بغداد قالوا ان انسحاب 500 جندي اميركي سوف لن يكون له اي تأثير. ولكن مسؤولين محليين في مناطق تم تحريرها من تنظيم داعش، حيث جهود اعادة الاعمار فيها قد تلكأت ولم يتم استرجاع الخدمات فيها بشكل كامل، يخشون من ان فراغا أمنيا قد يحصل اذا ما غادر الاميركان .
محافظ نينوى نجم الجبوري ورئيس سابق لغرفة عمليات نينوى قال لمصادر إعلامية: "صحيح انه لدينا لان جيش أقوى وقوات امنية أقوى، ولكننا ما نزال بحاجة لتدريب واسناد بمعلومات استخبارية ."

واضاف الجبوري قائلا " الاميركان اذا تركونا الان فسيكون ذلك خطأ كبيرا."

مسؤولون رفيعو المستوى عراقيون ومن قوات التحالف قالوا ان القوات العراقية ستستمر على المدى المنظور باعتمادها على الإسناد الجوي للقوات الاميركية من استطلاع وجمع معلومات استخبارية .
ما تزال المؤسسة الامنية العراقية يشوبها الكثير من نفس نقاط الضعف التي مكنت من ظهور تنظيم داعش، والتي تتضمن سوء التنسيق ما بين الصنوف المختلفة مع تخللها فسادا كبيرا. التوترات زادت مع اكتساب فصائل مسلحة منضوية ضمن تشكيل الحشد الشعبي لمزيد من النفوذ .

وباء كورونا يعزز نشاط داعش

الخبير لدى مركز الشفافية الدولية للامن والدفاع في المملكة المتحدة الباحث أبو النصر، قال في تحليل اخير له ان "نقاط الضعف هذه ما تزال قائمة وتهدد باضعاف القوات المسلحة عندما تكون الحاجة ماسة اليها ." هناك أمر آخر، وهو ان الجيش قد خفض من وجوده في بعض المناطق بسبب وباء كورونا، وان القوات الاميركية قد انسحبت من بعض القواعد في شمالي البلاد بعد تعرضها لهجمات صاروخية من فصائل مسلحة .
داعش كان قد خسر آخر معقل له في البلاد عام 2017 ولكنه سرعان ما عاد لجذوره الارهابية عبر شن عمليات كر وفر ضد قوات عراقية عبر مناطق واسعة في شمالي البلاد.
قائد عسكري عراقي، قال دون ان يكشف عن اسمه، بان البلاد تشهد خمسة الى ستة هجمات أسبوعيا، مؤكدا بقوله "هذه الهجمات ليس الغرض منها مسك ارض والسيطرة، بل لتنفيذ هجوم ثم التراجع للاختباء".

 وقد يهمك أيضا

بومبيو يُعرب عن سعادة "واشنطن" لإجراء حماية السفارة الأميركية في العراق

العراق يتعهد بوضع حد للهجمات ضد البعثات الدبلوماسية وفرض سيادة القانون