المتظاهرون البصريون


افاد ناشطون في حركة الاحتجاجات في محافظة البصرة، إن تراجع التظاهرات لا يعني موتها، مشيرين الى أن الخطر الذي شكّلته على الناشطين فيها دفعهم للجوء الى كردستان والعاصمة بغداد.

وتلقى قسمٌ من أعضاء التنسيقيات تهديدات على شكل رسائل في ظروف بداخلها رصاصة، أو على شكل رسائل على هواتفهم تهددهم بالموت، فيما أغدقت أموال على أطراف عدة لإقناعها بعدم المشاركة في التظاهرات، وتمّ تحريك بعض رجال الدين للتحذير من خطورة الاحتجاجات.

ويؤكد الناشطون أن فوز مرشحي فصائل مسلحة في الانتخابات التشريعية التي جرت في العراق العام الماضي (أيار 2018)، وتبوؤهم مناصب تشريعية وتنفيذية، زرعا الخوف في قلوب كثير من المتظاهرين خشية تعرضهم لقمع المليشيات.

هذا الأمر أكده قيادي بارز في الحراك الاحتجاجي بالبصرة، وأحد أعضاء لجنة تنسيقية تظاهرات "شط العرب"، طلب عدم الكشف عن هويته، مبيناً أن عدداً غير قليل من قادة ومؤيدي الاحتجاجات تعرض لضغوط وتهديدات من قبل مليشيات في المحافظة، دفعتهم للتوجه إلى بغداد وكردستان، وبالتالي فإن محركاً مهماً للتظاهرات قد توقف.

وأقر المصدر بتراجع أو انحسار موسم التظاهرات إلى أدنى حدٍّ له منذ سنوات في البصرة وبقية مدن الجنوب، على الرغم من استمرار الفساد، بل وتصاعده، وعدم حدوث أي تحسن في قطاعي الكهرباء والخدمات، موضحاً أن أسباباً عدة تقف وراء ذلك، يأتي في مقدمها فوز قادة وأعضاء بالجماعات المسلحة في انتخابات 2018، وحصول بعضهم على مناصب مهمة داخل البرلمان والحكومة.

ولفت القيادي في الحراك الاحتجاجي بالبصرة إلى أن هذا الأمر انعكس بشكل مباشر على واقع التظاهرات التي بدأت تتعرض لتضييق مباشر من قبل محافظ البصرة أسعد العيداني، ومجلس المحافظة وقوى مسلحة متنفذة، مشيراً إلى أن زعامات قبلية سحبت تأييدها للحركة الاحتجاجية التي كانت مقررة منذ شهرين من دون معرفة السبب.

من جهته، أوضح فاضل العكيلي، وهو أحد منسقي الاحتجاجات بين البصرة وبقية مدن الجنوب، أن التظاهرات التي نظمها أنصار "تيار الحكمة" في شهر تموز الماضي أثرّت بشكل سلبي على حركة الشارع في مدن جنوب العراق، مبيناً أن كُثراً من المحتجين قرروا الانسحاب خشية تسييس التظاهرات.

وأعرب العكيلي عن "أسفه" لـ"التجربة المريرة في هذا المجال، حين دخل التيار الصدري على خط تظاهرات الإصلاح عام 2015، وتمكن من توظيفها وتحويلها إلى مكاسب سياسية نتجت منها كتلة برلمانية كبيرة ومناصب حكومية مهمة أبعدته عن مطالب ساحات التظاهر".

ورأى العكيلي أن "كُثراً من المتظاهرين يشعرون بالإحباط بسبب تسييس التظاهرات، كما أن فئة منهم باتت تخشى انتقام الجماعات المسلحة، لا سيما بعد تعرض عشرات المتظاهرين للاعتقال العام الماضي ومقتل واختفاء آخرين"، موضحاً في الوقت ذاته أن صمت المحتجين لا يعني أبداً رضاهم بالواقع الحالي الذي وصفه بالمزري، لأن هذا الوضع "يمكن أن يتفاقم من جديد، ويمكن للأمور أن تخرج عن السيطرة في أي لحظة".

وتعرض المتظاهرون في جنوب العراق، وخصوصاً في البصرة، لتهديدات مباشرة من قبل محافظها وقائد شرطتها ومسؤولين آخرين.

وقال محافظ البصرة أسعد العيداني في وقت سابق إنه لن يسمح للمحتجين بالتظاهر من دون إجازة، مبيناً أنه سيتصدى لما قال إنها عمليات تخريب ترافق التظاهرات، متهماً بعض المشاركين فيها بالسعي لتخريب مؤسسات الدولة.

كما هدد قائد شرطة البصرة رشيد فليح المتظاهرين الذين لا يمتثلون لأوامر القوات الأمنية، قائلاً إنه سيضع المحتجين الذين يتجاوزون على مؤسسات الدولة "تحت أقدامه".

وعلى الرغم من الضغوط التي تمارسها منظمات محلية ودولية، إلا أن السلطات في مدن جنوب العراق لا تزال تحتجز عشرات المتظاهرين.

وقالت عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق فاتن الحلفي، إن عدد المحتجين المعتقلين في البصرة وحدها بلغ 96 متظاهراً حتى نهاية تموز الماضي، مشيرة إلى إحالة 11 متظاهراً قاصراً إلى شرطة الأحداث.

والسبت الماضي، بدأت الأجهزة الأمنية في محافظة البصرة بتنفيذ خطة أمنية واسعة وعمليات تفتيش واعتقال لضبط أمن المحافظة، ما اعتبره ناشطون خطة تنفذ تحت مسمّى "حفظ الأمن"، لكنها تأتي تخوفاً من عودة التظاهرات الشعبية في المحافظة، ومحاولةً لإنهاء أي فرصة لعودتها، محذرين من اعتقال ناشطيها.

قد يهمك ايضا:

مكتب عادل عبد المهدي يفاوض الكتل لقبول مرشحيه لـ 6 درجات خاصة في العراق

نائب يوجه رسالة لـ "عادل عبد المهدي" بخصوص "متآمرين" داخل المؤسسات العسكرية