بغداد ـ نهال قباني
بات تنظيم "حراس الدين"، الذي ظهر إلى الوجود العام الماضي في شمال غربي سورية، على أنقاض جماعات محسوبة على تنظيم "القاعدة"، يشكل معضلة أمنية في العراق، بعد أن شكل خطراً داهماً في سورية. ويخشى خبراء ومختصون في الجماعات الأصولية أن يكون هذا التنظيم الجديد وريثاً لتنظيم "القاعدة"، بعد أن جذب إلى صفوفه في العراق العناصر الأجنبية من بقايا "جبهة النصرة" و"تحرير الشام" من سورية، المحسوبتين على "القاعدة"، بالإضافة إلى تشكيلات عسكرية عدة، أبرزها "جند الملاحم، و"جيش الساحل"، و"جيش البادية"، و"سرايا الساحل"، و"سرية كابل"، و"جند الشريعة".
وأكد هؤلاء الخبراء، أنه رغم أن عدد أعضاء التنظيم لا يزال قليلاً، فإنه يشكل خطراً على الاستقرار في سورية والعراق، بسبب اعتماده على أسلوب حرب العصابات.
وأعلن عن تأسيس "حراس الدين" بشكل رسمي، مع إصدار بيانه الأول، في فبراير/شباط الماضي، وحمل عنوان "أنقذوا فسطاط المسلمين"، ودعا فيه - على حد زعمه - إلى "نصرة غوطة دمشق الشرقية"، وتوعد بشن عمليات عسكرية ضد قوات "الجيش السوري".
وقد زعم التنظيم الجديد، عبر حسابه على "تليغرام"، أنه "تنظيم إسلامي من رحم الثورة السورية، يسعى للعدل بين المسلمين". ورغم عدم الإشارة إلى ارتباطه بتنظيم "القاعدة" الإرهابي، فإن "حراس الدين" مكون قاعدي دون شك، بحسب مراقبين، خصوصاً عقب قيام مؤسسة "السحاب"، التابعة لـ"القاعدة"، بإصدار بيان أعلنت فيه ظهور كيان جديد لـ"القاعدة" في سورية، يدعى "حراس الدين".
أقرأ يضًا
- موسكو تخطِّط لاستعادة 36 طفلاً روسياً من "أطفال الدواعش" من العراق
وفي بغداد، أعلنت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عزمها التحري في ظهور ما بات يسمى تنظيم "حراس الدين"، غير أن مسؤولين وخبراء أمن مختصين عدوه مجرد "زوبعة إعلامية" لا ثقل لها في العراق.
وقال عضو اللجنة عباس صروط، في تصريح صحافي أمس الجمعة، إن لجنة الأمن والدفاع لم تسمع بهذا التنظيم "حراس الدين" إلا من خلال بعض وسائل الإعلام، ولم تصل إلينا أي تقارير أمنية أو استحبارتية تؤكد أو تكشف وجود هذا التنظيم على أرض الواقع.
وأضاف صروط أنه ومع بداية جلسات مجلس النواب، سيكون هناك اجتماع موسع مع قادة أمنيين وعسكريين، لمعرفة حقيقة وجود هذا التنظيم على أرض الواقع، واتخاذ الإجراءات اللازمة، في حال ثبت صحة وجود مثل هذا الحراك.
وتقول مصادر أمنية إن هذا التنظيم انضم مؤخراً إلى حركة الجيش النقشبندي، الذي يتمركز في شمال محافظة صلاح الدين، وله نشاط في أقضية طوزخورماتو والشرقاط، ومناطق أخرى تابعة لمحافظة صلاح الدين ونينوى وكركوك وديالى.
وأكد مصدر أمني رفيع لـ"الشرق الأوسط"، طالباً عدم الإشارة إلى هويته، أن المناطق التي يجري الحديث عنها بوصفها ملجأ لما يسمى اليوم "حراس الدين"، وهي مناطق في صلاح الدين ونينوى وكركوك، لا سيما طوزخورماتو والشرقاط التي كانت نفسها مسرحاً لظهور ما سمي في وقتها (أهل الرايات البيض)، بعد إعلان العراق هزيمة "داعش" عسكرية، بوصفهم نسخة بديلة من تنظيم "داعش".
وأضاف المسؤول المذكور أن واقع الحال يشير بوضوح إلى أن تنظيم "داعش" الذي فقد الأرض إثر هزيمته عسكرياً لايزال يملك حواضن وقدرة على التحرك، من خلال قيامه بتنفيذ عمليات بين آونة وأخرى، لا سيما في هذه المناطق والمناطق المتاخمة لها، فضلاً عن قدرته على التسلل والتسلل المضاد بين سوريا والعراق عبر الحدود، وقال: كل ما كان يشاع عن ظهور نسخ جديدة من "داعش"، بتسميات مختلفة، ظهر من الناحية العملية أنه مبالغ فيه إلى حد كبير.
من جهته، فإن الرئيس السابق للجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، يرى في تصريح لـ"الشرق الأوسط" أنه "من الناحية العملية، لا وجود لتنظيم من هذا النوع، وبهذا الاسم، حيث ما زلنا نتعامل مع تنظيم داعش الذي هزمناه عسكرياً، ونلاحق بقاياه الآن، بصرف النظر عن تسمياتها"، مبيناً أن "حراس الدين" في الواقع ليس أكثر من زوبعة إعلامية هدفها الإثارة، وربما خلط الأوراق، لا أكثر.
وفي حين يتفق الخبير المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة الدكتور هشام الهاشمي مع رأي رئيس لجنة الأمن والدفاع الزاملي، فإنه يرى في حديثه لـ"الشرق الأوسط" أن هذا التنظيم موجود في الواقع الافتراضي أكثر مما هو موجود في الواقع العملي، ويضيف: "موجودون على الإنترنت، ويتبين من خطابهم أنهم مزيج من البعثيين والصوفية الذين يظهرون كل مرة باسم تنظيم مختلف على شبكة النت... وهم في الغالب من خارج العراق".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا
- الانفتاح العربي السريع على سورية يربك حسابات الدولة اللبنانية
- القوات السورية تستأنف قصفها المدفعي لمناطق الهدنة في ريفي إدلب وحماة