نشر صواريخ "باتريوت" قبالة الحدود السورية
دمشق ـ وكالات
جابت التظاهرات شوارع المدن السورية في جمعة "حمص تنادي الأحرار لفك الحصار"، تضامنًا مع مدينة حمص التي يحاصرها الجيش الحكومي، وذلك رغم استمرار أعمال العنف في البلاد التي حصدت 129 قتيلاً، فيما قال المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، إنّ "رهانه في الأسابيع القليلة المقبلة لحل الأزمة السورية
يتوقف على نتائج اللقاء الثلاثي المتوقّع نهاية الشهر الجاري بينه ونائب وزير الخارجية الأميركي وليم بيرنز ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف"، تزامنًا مع وصول طليعة بطاريات صواريخ "باتريوت" من حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى تركيا، تمهيدًا لنشرها قبالة الحدود مع سورية.
وأفاد ناشطون في المعارضة باستمرار المعارك والاشتباكات بين القوات الحكومية السورية والجيش الحر في مناطق عدة، حيث خرجت تظاهرات عدة في أنحاء مختلفة من البلاد تضامنًا مع محافظة حمص التي تحاصر القوات الحكومية العديد من أحيائها منذ أشهر، فيما تضاربت الأنباء بشأن المعارك بين الجانبين، إذ أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الجيش الحكومي حقق تقدمًا على الأرض في محيط مدينة معضمية الشام جنوب غرب دمشق، في حين تحدث تقارير أخرى عن سيطرة المعارضة على مواقع عسكرية عدة.
وقال القائد الميداني المقدم عبدالله كرزون، إن "قوات المعارضة نجحت في تدمير عدد كبير من الطائرات والمروحيات التابعة للجيش الحكومي كانت متواجدة في مطار تفتناز في إدلب، ونجحت قوات الجيش الحر في وقف حركة الطيران في مطار منغ"، في حين أفادت مصادر في ريف حلب شمال سورية أن الجيش الحر أحرز تقدمًا عسكريًا ملحوظًا في المواجهات مع الجيش الحكومي حول مطاري منغ وكويرس، وبأن اشتباكات تدور في محيط مطار تفتناز العسكري في ريف إدلب، وأن الجيش الحر سيطر على بعض الحواجز العسكرية القريبة من جبل الزاوية، في الوقت الذي قالت فيه لجان التنسيق المحلية في سورية، إن عددًا من الأشخاص أصيبوا في قصف جوي على بلدة جسرين في ريف دمشق، وأن اشتباكات وصفتها بالعنيفة وقعت في دير الزور، وأن الفرقة الرابعة التابعة للقوات الحكومية قصفت أحياء في معضمية الشام في الريف الغربي لدمشق.
من جهة أخرى، أعلن الجيش الأميركي، الجمعة، أن طليعة بطاريات الصواريخ من نوع "باتريوت" وصلت إلى تركيا، من حلف شمال الأطلسي (الناتو) تمهيدًا لنشرها قبالة الحدود مع سورية، حيث قالت قيادة الجيش الأميركي في أوروبا، ومقرها ألمانيا، في بيان لها، إن "عسكريين وتجهيزات أميركية وصلوا الجمعة إلى القاعدة الجوية في أنجرليك في تركيا لنشر بطاريات صواريخ (باتريوت) التابعة للحلف الأطلسي، كما طلبت تركيا".
في السياق، نقلت مصادر واسعة الاطلاع عن المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، قوله إنه "ليس هناك حتى هذه اللحظة أي خطة أو مشروع تفاهم دولي حول الوضع في سورية، وان الصراع فيها لا يزال على أشده، وأن كلّ ما بذله سعيًا إلى خطّة دولية للحلّ لم ينتج شيئًا، وأنّ رهانه في الأسابيع القليلة المقبلة هو على اللقاء المتوقّع نهاية الشهر الجاري بينه وبين نائب وزير الخارجية الأميركي وليم بيرنز ونائب وزير الخارجية الروسي المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف".
وأشار الإبراهيمي إلى أنّ "روسيا قد طوت النقاش حول أيّ معطى أو اقتراح يتحدّث عن تنحّي الرئيس السوري بشّار الأسد وإحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية، أو تقليص ولايته في إطار الحديث عن حكومة انتقالية تنتقل إليها الصلاحيات الكاملة في إدارة البلاد إلى مرحلة محدّدة سلفًا، وإنّ الأسد باقٍ في دمشق وفي قصره على رغم كلّ التسريبات التي تحدّثت تارةً عن انتقاله إلى الساحل السوري الشمالي أو إلى منطقةٍ ما قرب الحدود اللبنانية ـ السورية الشرقية".
على صعيد متصل، أعلنت قناة "الدنيا" التلفزيونية السورية، عن "مقتل صحافي يعمل في القناة بالرصاص، خلال تغطيته مواجهات مسلحة في مدينة حلب خلال تغطيته للمواجهات المسلحة بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة".
في غضون ذلك، كشفت صحيفة "الأخبار" نقلاً عن مصادر في القيادة السورية، توقعها أن "يُلقي الرئيس بشار الأسد، في القريب العاجل، خطابًا مهمًا يضمّنه رؤيته لحلّ الأزمة، وأنّ مضمون الخطاب مطابق لنصّ الرسالة التي كان قد حمّلها الأسد لنائب وزير الخارجية فيصل المقداد إلى موسكو، التي زارها الأسبوع الماضي"، موضحة أنّه "خلال زيارة الموفد العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي الأخيرة إلى دمشق، بادر الروس للاتصال بالقيادة السورية، مطالبين بإطلاعهم على موقفهم كما عرضوه على المبعوث الأممي، قبل وصول الأخير إلى موسكو، التي ضرب موعدًا مسبقًا معها، وأرسل الأسد فيصل المقداد إلى موسكو، في الوقت الذي كان فيه الإبراهيمي لا يزال يحادث المسؤولين السوريين، وهناك عرض المقداد مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، موقف الرئيس السوري من التسوية، والنقطة الجوهرية فيه، أنّه إذا لم يتمّ الاعتراض على ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2014 مع مرشحين آخرين، فإنّه يوافق على خارطة الحلّ المصطلح على تسميتها (جنيف 2)، والتي تتلخص بنودها في وقف إطلاق النار، وحضور مراقبين دوليين إلى سورية للإشراف على تطبيقه، وإنشاء لجنة تأسيسية لتعديل الدستور، وتأليف حكومة وحدة وطنية، وانتخاب مجلس نواب عبر انتخابات حرّة بمراقبة دولية".
وأوضحت المصادر ذاتها، أنه يُتوقّع أن يتضمن خطاب الأسد لحلّ الأزمة، ما يشبه "فذلكة" تخدم فكرة جعلها "رؤية حل شامل" متصلة بهدف تحقيق استقرار للمنطقة ككل، ولذلك تضمنت المطالبة بالاعتراف بشرعية الموقف السوري في دعمه للقضيتين الفلسطينية واللبنانية ومقاومتهما، وأيضا سعي سورية إلى تحرير أراضيها المحتلة، ويضاف هذه المرة الاسكندرون إلى الجولان، وضمن جزئية "الفذلكة" الأخيرة، التي تتدارس القيادة السورية إضافتها إلى مبادرة الرئيس الأسد، توجد وجهة نظر داخل هذا النقاش، تفيد بأنّ المجتمع الدولي لن يستطيع في ظروف اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين دولة بصفة عضو مراقب، أن يرفض طلب المبادرة بأن تشتمل التسوية على بند يدعو إلى الاعتراف بموقعها في الدفاع عن القضية الفلسطينية واستدراكًا، بشرعية موقفها في مساندة قضية مقاومة لبنان، وأيضًا نضالها لاستعادة الجولان، مع إضافة لافتة هذه المرة، تتمثل في إنهاء حالة تجميد المطالبة باستعادة الاسكندرون.
ورأت المصادر أنّ "توقيت إطلاق خطاب الأسد سيأتي نتيجة تطورات عدة أساسية، أولها ذهاب تطورات الميدان السوري لإثبات حقيقة أنّ النظام قادر على الحسم، لكن ضمن فترة زمنية طويلة، فيما المعارضة المسلحة غير قادرة على الحسم العسكري، سواءٌ في المدى المنظور أو البعيد، وشرط نجاحها في قلب النظام عسكريًا، مرهون بتوافر شرط إجباري، وهو حصول غزو عسكري خارجي، وهو أمر غير ممكن نظرًا لصلابة الموقفين الروسي والصيني، وأيضًا الإيراني الرافض لخيار كهذا، وثانيها، توصل الأميركيين إلى قناعة شبه نهائية بأنّه لم يعد بمقدورهم، عمليًا، احتواء الجماعات الإسلامية التكفيرية المسلحة العاملة في سورية، وقد استنتجت الاستخبارات الأميركية أنّ محاولاتها، مباشرة أو بالواسطة، للإمساك بها على نحو فردي فشلت، وظهر لها أنّ هذه الجماعات ماضية في تنفيذ مشروع توحدها بنجاح معقول وبأساليب ذكية"، مشيرة إلى أن "نقاط ما يمكن تسميته بمبادرة الأسد المتوقعة، مرّت بأطوار عدة من مراحل نقاشها، وأن النقطة المتصلة بتنحي الرئيس الأسد جرى تذليلها، بعدما عدّتها دمشق بمثابة نقطة سيادية، ليس واردًا قبولها كجزء من أجندة نقاش الحلّ، وفي المقابل، فإنّ موسكو المساندة لرؤية سورية حول هذه النقطة، بحثت مع الجانب الأميركي في فكرة أن لا تتضمن خارطة طريق الحلّ، أيّ إشارة إلى التنحي، وترك قضية الفصل في بقاء الأسد رئيسًا من عدمه لصندوق الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية، التي يحين موعدها عام 2014، وفي المقابل، فإن الأسد لن يكون لديه مانع في السير بأجندة (جنيف 2) إذا وافق الأطراف الآخرون (المعارضة والدول الداعمة لها) على ترشحه للمنافسة على الرئاسة السورية، أما بخصوص تعديل الدستور، فتجري المفاضلة بين اعتماد شكلين للنظام السياسي في سورية، برلماني أم رئاسي، والرئيس الأسد منفتح على الشكل الأول، وفي حال اعتماده، فهذا يعني انتخاب رئيس الجمهورية من قبل البرلمان، لا عبر التصويت المباشر من الشعب، وذلك لتلافي أن يؤثر الاحتقان الطائفي في اختلال تمثيل الرئيس المنتخب لكل أطياف الشعب السوري، وبهذا المعنى فإن المطروح، هو تطبيق طائف سوري، شبيه بالنظام الحالي القائم في لبنان".
كما توقعت المصادر السورية نفسها، أنّه "إذا سارت الأمور على ما يرام، فإن تأليف حكومة الوحدة الوطنية سيجري وفق مبدأ ثلاث ثلاثات هي مستقلون وبعثيون ومعارضة، مع ميل لأن يكون رئيس الحكومة من المستقلين، لكن خلال نقاش هذا الأمر، يوجد اتجاه يفضل أن يكون هيثم مناع رئيسًا أو نائبًا لرئيس الحكومة، وإن علاقة مناع الجيدة ببغداد، قد تسهم في تعريبه في إيران لترشيحه لمنصب رئيس الحكومة"، مشيرة إلى "أنّه إذا لم يطرأ أيّ تطور يعرقل اطلاق الأسد مبادرته المتوقعة، وجرى تذليل عقبات الاعتراض عليها من قبل المعارضة والدول الوازنة في نادي (أصدقاء الشعب السوري)، وسلمت واشنطن بدور أساسي لموسكو في إنتاج تطبيقاتها، فإنّها ستأخذ طريقها لتجسيد بنودها على الأرض من خلال المحطات التالية، ونقاشها في الاجتماع المرتقب منتصف هذا الشهر، بين نائبي وزيري الخارجية الأميركي والروسي بحضور الإبراهيمي، والمحطة الثانية هي الذهاب إلى مجلس الأمن للموافقة عليها تحت مسمى (جنيف 2)، وأن الاجتماع المرتقب بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين، سيمثل مناسبة لتتويج تبنيها دوليًا، وإطلاق صفارة حلّ الأزمة السورية".